حوار بين مخيلة الشعر وبلادنا الحبيبة . .
جُولِي .. برُوحِيَ هَذَا الشَّوقُ والأَمَلُ
فَكُلُّ جَارِحَةٍ مِنْ مُهْجَتِي شُعَلُ
هَيَّا اسْتَعِيدِي تَرَانِيمَ الغَرامِ فَمَا
أَشْهَى شَذَاهَا ، وَلاَ تُصْغِي لِمَنْ عَذَلُوا
وَأَسْعِدِينِي بنَارِ الشِّعْرِ تَصْهَرُنِي
فَتَسْتَجِيبُ لِيَ الأَلْبَابُ والمُقَلُ
إِنْ كُنْت ِ أَنْت ِ الَّتِي رَوَّتْ بغَيمَتِهَا
مَرَابعَ الشِّعرِ ، حَتَّى اخْضَوضَرَ المَحَلُ
وَأَنْت ِ أَنْت ِ الَّتِي تَعْنُو لِسُدَّتِهَا
قَرَائِحُ العُرْبِ مَا حنَّتْ بهَا الإِبلُ
فَإِنـَّنِي لَوْ سَأَلْتِ الحُبَّ عَنْ نَسَبي
مَعْشُوقَةٌ هَامَ بي رُغْمَ النَّوَى بَطَلُ
مَا غَابَ إِذْ غُيِّبَتْ عَنْ عَيْنِهِ صُوَرِي
طَيْفُُ (الرِّيَاضِ) عَلَى جَفْنَيْهِ مُشتَعِل
مَا زَادَ إِبْعَادُهُ إِلاَّ تَحَرُّقَهُ
كَأَنــَّمَا الحَرْبُ في جَنْبَيْهِ تَعْتَمِلُ
وَمَا عَوَاطِفُهُ تَنْدَى لتَافِهَةٍ
ولا رَعَى في صِبَاهُ مَا رَعَى الهَمَلُ
مَا كَانَ يَلْهُو بغَيْرِ السَّيْفِ مُنْصَلِتًا
وَمَا لِغَيْرِ القَنَا في شِعْرِهِ غَزَلُ
(عَبْدُ العَزِيزِ) فَتَى الفِتْيَانِ أرَّقَهُ
أَنْ يَكْتَسِي غَيْرَ مَا حَاكَتْ لَهُ الأَسَلُ
فَأَقْسَمَ المَجْدُ في بُرْدَيْهِ مُرْتَجِزًا
أَنْ يَعْجَلَ النَّصْرُ أَوْ فَلْيَعْجَلِ الأَجَلُ
يَا وَحْشَةَ اللَّيْلِ فَلْتَخْشَيْ جَوَانِحَهُ
وَيَا وُحُوشَ البَرَارِي : النَّجْوَةُ العَجَلُ
وَيَا هَجِيرُ تَزَمَّلْ إِنَّ وَطْأَتَهُ
مِنْ حَرِّ أَحْشَائِِهِ كَالنَّارِ تَشْتَعِلُ
أَمَا دَرَى (المَصْمَكُ) العِمْلاَقُ أَنَّ لَهُ
عِمْلاقَ نَجْدٍ، وَأَبْطَالاً لَـهُ قَفَلُوا
مَا بَيْنَ وِقْفَتِه وَالمَوْتُ يَرْقُبُهُ
وَبَيْنَ وَثـْبَتِهِ وَالنَّصْرُ يَحْتَفِلُ
إِلاَّ كَمَا بَيْنَ ذَيْلِ اللَّيْلِ مُنْسَحِبًا
وَبَيْنَ بَلْجَةِ ضَوْءِ الفَجْرِ يَرْتَجِلُ
اللهُ أَكْبَرُ . . صَاحَ العِزُّ فَالَتْفَتَتْ
لَهُ القُلُوبُ ، وَفَرَّتْ دُونَهُ العِلَلُ
(المُلْكُ للهِ) يَاعَبْد َالعَزِيزِ فَمَا
أَقْوَى صَدَاهَا ، بذَا فَلْتَنْهَجِ الدُّوَلُ
اللهُ أَكْبَرُ . . هَذَا يَامُخَيِّلَتِي
فَتَايَ عَادَ، فَمَاتَ الهَمُّ وَالوَجَلُ
خَمْسٌ وَعِشْرُونَ لاَ يَهْوِي لَـهُ عَلَمٌ
وَلاَ يَذِلُّ لَـهُ حِصْنٌ وَلاَ رَجُلُ
خَمْسٌ وَعِشْرُونَ يَطْوِي جَمْرَ خَاصِرَتِي
حَتَى تَلاَقَى لَـهُ البَحْرَانِ والأَمَلُ
بَحْرٌ ، وَبَرٌّ ، وَأَرْيَافٌ ، وَحَاضِرَةٌ
تَوَحَّدَ الرِّزْقُ وَالأَعْرَاقُ والنُّزُلُ
مَا عَادَ في أَرْبُعِي رُمْحٌ لِغَادِرَةٍ
وَلَمْ يَعُدْ في الفَلاَ مَنْ رِزْقُهُ السُّبُلُ
عَبْدُ العَزِيزِ عَلَى اسْمِ اللهِ وَحَّدَنِي
وَلَيْسَ يُخْذَلُ مَنْ للهِ يَمْتَثِلُ
بَنَى وَأَعْلَى ، فَأَرْسَى حُكْمَ مَمْلَكَةٍ
عَلَى الشَّرِيعَةِ دُقَّتْ طُنْبُهَا الأُوَلُ
أَنَا الجَزِيرَةُ ، مَا ذَلَّتْ لِفَرْنَجَةٍ
وَنَهْجُهَا برَسُولِ اللهِ يَتَّصِلُ
فَلْيَبْتَنِ النَّاسُ مَا يَهْوَوْنَ مِنْ حُلُمٍ
فَلَيْسَ غَيرُ بنَاءِ اللهِ يَكْتَمِلُ
هَذَا هُوَ العِزُّ يَا آلَ السُّعُودِ فَلاَ
عِزٌّ سِوَاهُ ، وَمَا غَيْرُ الهُدَى بَدَلُ
لَكُمْ مَوَاثِيقُ عَهْدِ الحَقِّ نُبْرِمُهَا
وَبَيْعَةٌ بوَلاَءِ اللهِ تَشْتَمِلُ
مَا خَانَكُمْ وُدُّ مَنْ يَخْشَى الإِلَهَ وَفي
حِمَاكُمُ شَرْعُ رَبِّ الكَوْنِ مُمْتَثـَلُ
قَرْنٌ مِنَ الأَمْنِ وَالتَّمْكِينِ يَا وَطَنِي
الشَّعْبُ والقَادَةُ الأَحْرَارُ والأُصُلُ
قَرْنٌ مِنَ العِزِّ وَالتَّطْوِيرِ يَا بَلَدِي
الحُبُّ وَالبَيْدَرُ المِعْطَاءُ وَالعَمَلُ
قَرْنٌ وَقَرْنٌ وَآلاَفُ القُرُونِ عَلَى
مَدَارِجِ المَجْدِ تعلو مَا عَلاَ زُحَلُ
يَا مَوْطِنَ الطُّهْرِ كُلُّ الأَرْضِ في ظَمَأ
وَفي جَبينِكَ نَبْعُ الشَّمْسِ يَغْتَسِلُ
للبَيْتِ مِنْكَ عُيُونُ المُؤْمِنِينَ هَفَتْ
لاَ تَعْرِفُ الأَمْنَ إِلاَّ حِينَ تَكْتَحِلُ
كَمْ مُقْلةٍ هَمَلَتْ في سَاحِهِ فَرَحًا
وَكَمْ يَمِينٍ لِضَيْفِ اللهِ تَبْتَهِلُ
وَكَمْ مُحِبٍّ لِذَاتِ المُصْطَفَى عَصَفَتْ
بهِ المَوَاجِدُ حَتَّى عَادَهُ الجَذَلُ
وَلَمْ تَزَلْ نَجْدُ قَلْبي، في مَوَاكِبهَا
كَوَاكِبُ المَجْدِ لاَحَتْ مَا لَهَا أَفَلُ
وَهَذِهِ وَاحَةُ الأَحْسَاءِ دَالِيَةٌ
مِنَ النَّخِيلِ تَهَادَى حَوْلَهَا الخُصَلُ
تَمْتَدُّ كَفًّا إِلَى (الدَّمَامِ) حَانِيَةً
وفي حَنَايَاهُمَا الخَيْرَاتُ والحُلَلُ
وفي الشَّمَالِ مُرُوءَاتٌ لَنَا شَمَخَتْ
وفي الجَنُوبِ جَمَالٌ مَا لَـهُ مَثَلُ
يَا مَوْطَنِي بَاقَةَ العُشَّاقِ أَنْثــُرُهَا
عَلَى ثَرَاكَ فَتَنْمُو حَوْلَهَا القُبَلُ
مِنْ كُلِّ شِبْرٍ أَنَا . . لاَ . . لَسْتُ مِنْ (هَجَرٍ)
أنَا (الرِّيَاضُ) ، أَنَا (أَبْهَا) ، أَنَا الطَّلَلُ
تَفْدِيكَ مِنِّي حُشَاشَاتِي وَأَوْرِدَتِي
وَفَلْذَةُ القَلْبِ ، وَالأَمْوَالُ والخَوَلُ
مَاذَا تُرِيدِينَ بي؟ هَمَّتْ مُخَيِّلَتِي
بقَطْعِ أَخْيلَتِي فَارْتَادَهَا الخَجَلُ
قَالتْ: أَمَا زَالَ في جَنْبَيْكَ أَفْئِدَةٌ
لَمْ تَـنْسَكِبْ بَعْدُ ، فَالعُشَّاقُ قَدْ ذُهِلُوا
فَقُلْتُ : يَا هَذِهِ لاَ يَرْتَوِي نَهِمٌ
يَشُبُّ في مَوْطِنِي حُبًّا وَيَكْتَهِلُ
فَعَلِّلِي بي أُهَيْلَ العِشْقِ إِذْ وَرَدُوا
هَذِي الحِياضَ وَقَدْ عَلُّوا ، وَقَدْ نَهَلُوا
وَوَدِّعِينِي ، وَلَكِنْ لَنْ أُبَلِّغَهُمْ
هَذَا الوَدَاعَ ، وَإِنْ هَمُّوا . . وَإِنْ رَحَلُوا
فَفِي فُؤَادِيَ أَسْرَابٌ مُرَقْرَقَةٌ
مِنْ المَشَاعِرِ تَجْثُو حَوْلَهَا الجُمَلُ
الأحساء
13/10/1419هـ
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.