مشروع استراتيجي بامتياز
الفتاة الجامعية.. والتثقيف الجاذب
لا أعجب من تسابق بقية كليات البنات في القصيم إلى طلب استنساخ تجربة: (مركز التثقيف الأسري) الذي أنشأته جمعية (أسرة) في بريدة في كلية الشريعة (أقسام الطالبات) بجامعة القصيم، إذ لم تمر غير فترة وجيزة، حقق فيها هذا المركز الرائد الذي يعد الأول على مستوى المملكة العربية السعودية نجاحا مبهرا، دفعه إلى أول رحلة له إلى كلية التصاميم هذا العام، والبقية ـ بإذن الله تعالى ـ في طريقها إلى أن تحظى بهذه الخدمة الراقية، بل إن من حق المجتمع كله أن تتواجد بين يدي محاضن الجيل القادم، وربات البيوت، وصانعات المستقبل، وقائدات المؤسسات النسائية بكل أصنافها بلا استثناء في كل جامعات بلادنا.
إن ما يعرض من مشكلات في المجتمع هو نتائج لأسباب، وأبرز تلك الأسباب الكلية المجملة ضعف التثقيف الأسري، وحين تريد أن تُشيع الثقافة الأسرية فلن تجد أفضل من أن تبدأ بالفتيات، لتؤسس الأسرة على قواعد صحيحة ثابتة، فهي التي ستدير المنزل من الداخل، وهي التي ستنجب وتربي وتنشِّئ داخل المصنع الحقيقي للإنسان (الأسرة)، وهي التي ستوجه من خلال تعليمها لمثيلاتها، وهي التي ستشارك الرجل في مجالات الحياة الأخرى المناسبة لها، وتسانده في المجالات التي تخصه.
إنه مشروع استراتيجي بامتياز، ولو تبنته (وزارة الشؤون الاجتماعية) بالتعاون مع (وزارة التعليم العالي) واتفق له من يحمل رسالته بشغف، لأدى ما لا تؤديه كثير من البرامج والحملات الاجتماعية، التي ننفق عليها الملايين، ولها ثمرات غير قابلة للقياس الدقيق غالبا، لكننا هنا نتعامل مع عينة معينة وإن كانت متجددة، يمكن توجيه البرامج لها بحسب احتياجها، ثم نقيس أثرها عليها، ونطور العمل.
وأجد أن البدء ـ في هذا المشروع ـ ينبغي أن يكون على أسس علمية ومهنية عالية الجودة، بالإفادة من الطاقات الإدارية والمختصة في مجال الإرشاد والتربية التي تتوافر في كلية البنات في غالب التخصصات العلمية التربوية، وغيرها. وأن يجهز الموقع بكل ما تحتاجه العملية الإرشادية والتأهيلية بذوق رفيع، وتوفير عدد من الجواذب الترفيهية.
وتجرى دراسة علمية على بنات الكلية؛ لتحديد الرؤى الإيجابية التي تحتاج إلى تعزيز، والمشكلات السلوكية والنفسية التي تحتاج إلى معالجة وتعديل، والقضايا الكبرى التي تحتاج إلى توعية؛ مثل: تكوين الأسرة، والاستعداد للزواج، ومهارات تربية الأولاد بمختلف المراحل العمرية، والحفاظ على الهوية في عالم متغير، وتنمية مهارات الحياة التي تؤهل الفتاة للنجاح في التعامل مع كل ما قد يواجهها في حياتها الأسرية من عوائق، وذلك بمجموعة من القدرات الذاتية؛ مثل: فنون معالجة المشكلات، واتخاذ القرار، وترويض النفس على الحلم وسعة الأفق، والحرص على الصحة النفسية والجسدية.
ومن خلال هذا المركز يمكن مواكبة ما يستجد في الحياة من مؤثرات، يمكن استثمارها ودفع سلبياتها، كما هو الحال مع وسائل الإعلام المختلفة، والتقنيات الحديثة، ووسائل الاتصال.
ويعرض للفتاة الجامعية عدد من التقليعات التقليدية، مثل القصات، والبويات، والإيمو، ونحوها، فيمكن أن يكون هذا المشروع هو مركز التعامل الأمثل معها، فهي حين تجد فيه الصدر الحاني الذي يستمع إلى شكواها، ومركز التأهيل الذي ينميها، فسوف تصغي إليه حين يأخذ بيدها بعيدا عن كل من يشوه ملامح أنوثتها، أو يحاول محو هويتها.
(مركز التثقيف الأسري) تجد فيه الفتاة الجامعية ضالتها، فهو في متناول يدها قطوف دانية، من استشارات، وتدريب، وترفيه، وتواصل مفتوح مع المختصات، وربط صداقات إيجابية، ومشاركة فاعلة في النشاطات التوعوية؛ بحيث تجد ذاتها، وتسهم هي في بناء نفسها ومستقبلها بما لا تعطيه المناهج، ولا يوجد في الكتب.
فمتى أراه في كل جامعاتنا؟.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.