أقبلت وأدبرت ..
أبرقت وأرعدت .. ثم أمطرت .. ثم أقلعت .. وجفت ..
الاختبارات .. هذه التي لم تكن اختبارات لأولادنا فقط .. بل كانت اختبارات لنا كذلك .. اكتشفنا من خلالها تقصيرنا في متابعتهم طوال الفصل الدراسي .. فشمرنا معهم لنعوضهم في عشرة أيام ما فرطنا فيه في مائة يوم .. فتعبنا وأتعبنا ..
واكتشفنا نوعا من المعلمين والمعلمات بعيدين وبعيدات عن الجو الجاد الذي يعيشه التعليم في بلادنا ، والذي يتجه إلى النوعية لا إلى الكمية ، وإلى مقاييس ( الجودة ) لا إلى مقاييس الخمول والبحث عن أسهل السبل للتخلص من الحصة الزمنية لكل مقرر بأية طريقة . حتى بات كثير من الآباء والأمهات يقولون : إن أولادنا يتعلمون بعض المقررات في المنزل أكثر من المدرسة ، بسبب ضعف المعلم وعدم متابعته ، فجل همه أن يكتب كلمتين على السبورة ثم يتحدث وكأنه يعظ ، ثم يأمر الطلاب بنسخ ما كتب في دفاترهم ، ثم تنتهي الحصة بـ( اسكت ) و( لا يا ولد ) و( انتبهي يا بنت ) ، وتبقى كثير من الأسئلة الظامئة تتشقق فوق الألسنة المكممة ، والقلوب الخجولة ، وأما أسئلة الكتاب فليست مجابة كلها ، وبعضها إجاباتها خاطئة رغم وجود علامة ( صح ) عليها من قبل المعلم ( الذي ) لا يجد الوقت للتدقيق ، وحين نفزع إلى الدفاتر نجدها ناقصة لا تفي بالغرض . كل ذلك لا يعفينا من مؤاخذة أولادنا وأنهم مقصرون على الرغم من كون بعضهم ينال التقديرات العالية والمتميزة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
واكتشفنا أن بعض المواد العلمية كالرياضيات والعلوم مواد يمكن أن تقدم بطريقتين : الأولى تخصصية وهو ما هو موجود الآن لمن يرغب التخصص ولمن لا يرغب ، وعامة وهو ما تدعو الحياة إلى معرفته منهما لكل إنسان .
والواقع أن هذه المواد كثيرا ما تتسبب في قلق كبير لكثير من الطلاب ، وتؤثر على نفسيتهم ومستقبلهم ، وهي ـ مع ذلك ـ مواد في غاية الأهمية في هذه الفترة بالذات من عمر نهضتنا الوطنية ، والتخصص فيما يتصل بهما من هندسة وطب وإدارة ونحو ذلك من أهم التخصصات المطلوبة على ساحة العمل في الوقت الراهن ، مما يجعلنا نشجع على التخصص فيها ، ولكن هل جميع طلابنا سيتخصصون في هذه التخصصات العلمية .. بالطبع لا يمكن أن يكون ذلك ، لأن المواهب والميولات الفطرية والاستعدادات الذهنية مختلفة تماما بين البشر ، ولذا فإني أقترح أن يكون اختيار التخصص يبدأ من السنة الأولى المتوسطة ، لا من السنة الثانية الثانوية كما هو حاصل الآن ، وأن يكون في مناهجنا التي تدرس في المرحلة الابتدائية قوة كافية تمكن الطالب من اكتشاف ميوله الفطري لتخصص معين ، بدلا من أن نرهقه بمواد شديدة الصعوبة أربع سنوات إضافية قد تؤدي إلى فشله الدراسي ، ثم ينتقل إلى تخصص بعيد عنها فينساها تماما بعد كل الجهد المبذول فيها . على أن تدرس لغير المختصين بالطريقة الحياتية المعاشة كما أشرت سابقا ؛ حتى لا يفقدوا جزءا مهما من العلم الذي يحتاجونه .
واكتشفنا أن تعليم اللغة الإنجليزية في مدارسنا حتى الآن لم يستطع أن يتجاوز معضلته ، وهي قصور المعلمين والمعلمات عن القدرة على استيعاب المنهج، ثم قصورهم التربوي والتخصصي عن القدرة على توصيله للطلاب والطالبات ، ومن ثم تكون مهمتهم في النهاية هي كيف يستطيع أن يوصل معلومات قليلة جدا إلى ذهن الطالب كي يستطيع أن يبلغ به درجة النجاح .. وحسب . بينما أصبح على الطالب أن ( يدبر أمره ) ليتجاوز هذه المادة بأية طريقة ، فليس هناك طموح للوصول إلى هدف العملية التعليمية وهي أن يبلغ الطالب مرحلة في تعلم اللغة تسلمه إلى المرحلة التالية ليتم في النهاية اكتساب اللغة والتحدث بها بل والكتابة والإبداع .
ومن الحلول من وجهة نظري : أن تقيم وزارة المعارف ورئاسة تعليم البنات لمعلمي اللغة الإنجليزية ومعلماتها دورات تدريبية على الطرق الحديثة لتعليم اللغات الأجنبية ، وهو تخصص علمي نال فيه عدد من أساتذة الجامعات في بلادنا شهادات عليا من أمريكا وبريطانيا وغيرهما يمكن الاستعانة بهم ـ بعد الله ـ لوضع البرنامج وتنفيذه .
المهم .. ألا أدرس عشر سنوات لغة أجنبية واحدة فقط .. ثم لا أستطيع أن أحاور بها طبيبي الأجنبي .. مصيبة .. ألستم معي ؟
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.