كثير من الأمور التي نحيط أطفالنا بها هي في نظرنا مجرد تسليات ليس لها بعد آخر في منظورنا ، وهنا تكمن الخطورة ، فأنت تحذر من الخطر الظاهر، ويباغتك
الخطر الكامن . بينما نحن نألم كثيرا للأمور التي تنتج عن إهمالنا لها ، كالآثار الصحية أو التعليمية السلبية .
ومن أبرز الظواهر في ألعاب الأطفال الحديثة ألعاب الفيديو المختلفة ، والتي اشتهر منها ما يسمى ( بلاي ستيشن ) ، ولعلمي بأن هذه القضية ليست مسلمة عند كثير من الناس ، وإن كانت مسلمة بالنسبة لي على الأقل، فقد احتجت هنا إلى التدليل .
إن الإشعاعات الصادرة عن أية شاشة مضرة بإجماع الأطباء ، فكيف إذا كان التحديق فيها على المستوى الذي يبلغه الأطفال وهم أمام ألعابهم التي تملك جميع إحساساتهم لساعات طويلة .
وتؤكد إحدى الدراسات على أن الأطفال المشغوفين بهذه اللعبة يصابون بتشجنات عصبية تدل على توغل سمة العنف والتوتر الشديد في أوصالهم ودمائهم ؟ حتى ربما يصل الأمر إلى أمراض الصرع الدماغي ، إذ ماذا تتوقع من طفل (( عيناه مشدودتان نحو شاشة صغيرة ، تمضي ببريق متنوع من الألوان البراقة المتحركة ، ويداه تمسكان بإحكام على جهاز صغير ترتجف أصابعهما من كل رجفة من رجفاته ، وتتحرك بعصبية على أزرار بألوان وأحجام مختلفة كلما سكن ، وآذان صاغية لأصوات وصرخات وطرقات إلكترونية تخفت حينا وتعلو أحيانا أخرى لتستولي على من أمامها ، فلا يرى ولا يسمع ولا يعي مما حوله إلا هي )) .
لقد اتصل بي أحد الآباء ، وذكر لي بأن له ابنا في الثالثة عشرة من عمره ، وأنه مصاب بتشنج في يديه ، وإذا حانت حالة التشنج ازدادت رغبته في العدوانية مباشرة ، وربما ضرب حتى أمه إذا كانت بجانبه ، وبعد عدد من الأسئلة تبين أنه كان يلعب البلاي ستيشن خمس ساعات في اليوم تقريبا .
يقول الدكتور سال سيفر : إن (( ألعاب الفيديو يمكن أن تؤثر على الطفل فيصبح عنيفا، فالكثير من ألعاب ( القاتل الأول ) تزيد رصيد اللاعب من النقاط كلما تزايد عدد قتلاه ، فهنا يتعلم الطفل ثانية أن القتل شيء مقبول وممتع )) . إن الطفل هنا يشارك في العنف بالقتل والضرب والتخريب والسحق والخطف ونحو ذلك ، فتكون بمثابة تدريب شخصي فردي له .
ومن المشاهد كذلك أن هناك ألعابا ذات صور عارية تجعل الطفل مذبذبا بين ما يتلقاه من والديه ومعلميه ، وبين ما يدس له من خلال الصور المتحركة ، والألفاظ والموسيقى بوسائل تشويقية كثيرة؛وقد ذكرت لي إحدى الأمهات عبر رسالة : إنها اكتشفت طفلها وهو يلعب بلعبة ؛ ملخصها أن الطفل الفائز هو الذي يستطيع أن يسقط آخر قطعة عن جسد المرأة التي أمامه حتى يتركها عارية تماما .. ! بل ربما أسهمت هذه الألعاب في بعث الشقاق الأسري بين الإخوة والأخوات ، وهو مشاهد كثيرا ، وله حوادث بلغت مبلغ الطرد من المنزل لا يتسع المجال لذكرها .
ومن أجل الإسهام في وضع حلول لهذه المشكلة أضع هذه المقترحات بين يدي القاريء :
- نوجه أولادنا ونرغبهم في شراء الألعاب المربية للذوق ، والمنمية للذاكرة ضمن ألعاب الحاسوب الهادئة والذكية في الوقت نفسه ، أو ذات الطبيعية التركيبية والتفكيرية المجسمة ؛ البعيدة عن الشاشة وإشعاعاتها المضرة .
- نشجع أطفالنا على مزاولة الألعاب الجماعية ، وتفضيلها على النشاطات الفردية ، فإذا هو اندمج فيها تقل احتمالات التشبث بمشاهدة التلفاز .
- توجيه الطفل إلى هواية مفيدة ودعمه بالمال والأدوات والمكان والتشجيع المستمر .
- تحدد ساعات معينة للعب بحيث لا تزيد عن ساعة أو ساعتين على الأكثر متقطعتين غير متواصلتين ، حتى لا تضيع أوقات الأطفال هدرا ، وأنبه على أن خبراء الصحة النفسية والعقلية أجمعوا على ضرورة قضاء75% من وقت فراغ الطفل في أنشطة حركية ، وقضاء 25% في أنشطة غير حركية
- توجيه الطفل للمشاركة في حلقة لتحفيظ القرآن الكريم ، أو مركز اجتماعي ، أو زيارة قريب أو صديق أو مريض ، أو القراءة المفيدة ، أو خدمة الأهل في البيت والسوق ، أو أي منشط مفيد له ؛ حتى لا تضيع فترة تربيته في إتقان اللعب واللهو، ويفقد مهارات حياتية كثيرة سوف يحتاجها في المستقبل.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.