أضافت أسرة الجبر في الأحساء إلى سجلها المضيء بالإحسان إنجازا جديدا، كان من أغلى البشائر التي تبادلها أهل الخير في بلد الخير في شهر الخير؛ لتكرس ريادتها للإحسان الأسري في بلادها التي أحبتها فجعلت لها النصيب الأوفى من العطاء المتجدد السخي.
الريادة بدأت بأن لفتت أنظار المجتمع إلى أن العمل الخيري المعني بالإنشاء والتعمير ليس محصورا في جانب واحد هو بناء المساجد، ولكن هناك جوانب أخرى مهمة.. من يدري ربما كانت أكثر أجرا عند الله.. في بلد بلغت عنايتها بالاستكثار من بناء المساجد أن تكتلت في بعض الأحياء حتى فرقت جماعات المصلين، فأصبح لكل مجموعة قليلة العدد مسجدا، بينما بقيت مشروعات في غاية الأهمية في أمس الحاجة إلى مبان خاصة بها، تؤسس لها وتخطط بعناية لتخدم أغراضها، وتحقق أهدافها السامية، فالمبنى المستأجر مهما كانت خدماته سيظل دون الطموح.
كم سيحصد من الحسنات من بنى لله مستشفى ليخفف عن المبتلين بأمراض الكلى معاناتهم الدائمة، ومن بنى مستشفى آخر للمصابين بأمراض الأذن والأنف والحنجرة، ثم من أسس لإيواء أكثر من مئتين وخمس وعشرين أسرة فقيرة دون مقابل؟!
كم دعوة في جوف الليل سترفع إلى الله لمن انتصر على شهوة الاستكثار من المال فطار بعشرات الملايين إلى سماوات الإنفاق الذي لا مردود مالي له.. وإنما هو الأجر والمثوبة!!
كم هو رائع أن تختط أسرة الجبر مسيرة التأسي بولاة الأمور في خدمة هذا الوطن الغالي فتضيف إلى عونها المستمر لكل المؤسسات الخيرية، ولكل طالب مساعدة، بابا جديدا بعثت به التفكير الجاد لدى أهل اليسار لإنشاء مؤسسات نافعة، أو التصدق بمبان لمؤسسات الخير، والتنازل التام عن إيجاراتها.
أهل الخير في الأحساء أكثر من أن يتذكرهم ذهن مكدود، ولكني لن أنسى الشيخ عبد الله الخليفة النعيم رحمه الله الذي تبرع بمجموعة من المباني بإيجار مجاني لمركز دعوة الجاليات، وجمعية تحفيظ القرآن الكريم، ثم استكمل ابنه الشاب عبد العزيز رعاه الله وإخوته وأخواته مسيرة العطاء فتبرع بمبنيين لجمعية البر في الأحساء لتقيم عليهما مركز التنمية الأسرية بقسميه الرجالي والنسائي.
ولن أنسى أسرتي العفالق والراشد وغيرهما ممن تبرع بمبان كاملة لإقامة مراكز ومستشفيات أو إسهامات كبيرة لخدمة هذا الوطن الغالي .. ومن نسيتهم فلن ينساهم الله من فضله ما دام العمل قد تأسس على تقوى من الله، وهم جميعا ممن يرجون وجه الله لا ثناء الناس ولا إطراءهم، نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدا.
وإني لأضع بين يدي هذه الأسر وغيرها تجربة أسر ثرية أخرى، طورت إسهاماتها في العمل الخيري إلى مؤسسة خاصة بها، فنشأت مؤسسة الشيخ سليمان الراجحي الخيرية، ومؤسسة الجميح الخيرية، ومؤسسة البراهيم الخيرية، ومؤسسة الجريسي الخيرية في الرياض، كما أصبح لرجل الأعمال المعروف ابن محفوظ مكتب خيري في جدة، والشيخ عبد الرحمن بن صالح الراجحي مكتب خيري في الدمام، ولهم أمثال ربما لا أحيط بهم ، وبهذه المؤسسات تكون هذه الأسر أو حتى رجال الأعمال قد وضعوا لعملهم خطة يدوم بها في حياتهم وبعد أن يلقوا وجه الله تعالى بإذنه عز وجل، وخير العمل أدومه وإن قل، كيف وهو كثير دائم؟! وقد أوصى رجل الأعمال الراحل ناصر الزرعة رحمه الله بثلث ماله؛ لينفق في وجوه الخير بعد وفاته.
ومن الأهمية بمكان أن تؤسس الأسرة الموسرة مؤسسة خيرية مانحة، تحمل اسمها، لها مكتب يقوم عليه مجموعة من أهل التقى والصلاح والمعرفة، وتجعل لها نظاما، به يتلقى الطلبات ويدرسها ويصرفها في وجوهها الشرعية، ويخطط لأعمال عظيمة خالدة الأثر، ليدوم الخير، ويتضاعف الأجر إن شاء الله والله واسع عليم، كل ذلك دون أن تدخل في التنفيذ؛ حتى لا تتحول إلى جمعية خدمية، فتنشغل بمشروعاتها الخاصة عن دعم المشروعات الأخرى.. فهنيئا لأسرة الجبر خطوتها الجديدة بتأسيس مؤسسة مانحة. وهنيئا لمن قال الله فيهم {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.