إن من أجمل أيام الحياة تلك التي نرى فيها أطفالنا يتخطون مراحل طفولتهم واحدة إثر أخرى ، فرحة الولادة .. خطوات المشي الأولى .. الكلمات العسلية الأولى ..
يزف لنا الأعياد عيدا إذا مشى وعيدا إذا ناغى ، وعيدا إذا حبا
وما إن يدخل بوابة المدرسة حتى تنسجم القطرات ، وتهل الغيمة إثر الغيمة بأعذب اللحظات ..
لحظة التسجيل الأولى .. لحظة تعلم الأبجدية .. لحظة الفرح المتجددة مع كل إنجاز وهدية ..
وهنا .. ومع قرب إطلالة كل عيد ترتعش أنوار الفرحة من جديد .. ريانة فينانة، منابعها قلوب الآباء والأمهات ، وجداولها تترقرق بضحكات كل طفل وطفلة ، ورودا متفتحة بالأمل ، تزهو بها شواطئها.
وهنا تتسابق الأسر الموسرة لاصطحاب أبنائها وبناتها إلى محلات بيع الملابس ، وتفصيل الملابس الجديدة ، تخيرهم لانتقاء أجمل وأروع ما يعرض عليهم ، وهم يستعدون لنظر زملائهم إليهم وتقديرهم لأذواقهم حين يخرج كل طفل بحلته الأنيقة ، وملابسه الفاخرة ..
وهنا تنقبض أفئدة أطفال الأسر الفقيرة ، تذوي أجفانهم ، تتراجع أيديهم عن مصافحة زملائهم بعد كل الشوق الذي جمعوه لهم ، فثيابهم لا تزال تلك التي كانت عليهم قبل شهور أو سنين ، والجيوب خاوية من ( العيدية ) التي تكتنز بها جيوب أولاد الأغنياء ..
فلمن يشتكون ؟ وإلى أي قلب يرحلون ؟
لأب سجين ؟
أم لعائل معاق ؟
أم لأم كسيرة الجناح .. فقدت زوجها ، وزهرة شبابها وهي تجمع لهم قوتهم من ماء وجهها على أبواب الخلق ، ترد مرة ، وتعطى أخرى .
لا ليس لهم ـ بعد الله تعالى ـ إلا أنا وأنت وهي ..
فمع أطفالنا لماذا لا نتكفل بتجهيز طفل مسكين على الأقل ..
فليكن أطفالنا ثلاثة بدل أربعة ..
أو خمسة بدل ستة ..
أو حتى عشرة بدل تسعة ..
وهنا سوف نشعر بالراحة .. حين نجد برد الصدقة قد أثلج صدورنا ، سوف نستشعر ابتسامة الصغير الفقير وهي تملأ وجهه بالرضا ، والفرحة ، والعزة ، ويكفينا فرحة أننا كنا منبع ضيائها .
ولا يحقر من المعروف شيئ ؛ فالقليل مع القليل كثير ، والقليل الذي يتدفق من يد سمحة طيب مبارك بإذن الله ، يتوجه أجر لا يعلم قدره إلا من شرع الصدقة سبحانه ، وفرحة لا يعلم طعمها إلا من ذاق مرارة الحرمان ألا { سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.. الآيات}
ولا عذر لمن يدعي عدم القدرة إلى الوصول إلى هؤلاء الفقراء ، فمن غبر قدميه من أجل الله سوف يصل ، ويرى ما لا يتوقع أن هناك حالات تصل إلى حد العدم وهم بجواره وهو غائب عنهم غافل عن حالهم .. وكلنا مسؤول .. ولا شك .. ومن عجز فالجمعيات الخيرية ترحب بمثله ؛ ليكفل يتيما أو مسكينا أو أسرة .. { لينفق ذو سعة من سعته } .
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.