ألاحظ بكثير من القلق ضيق سوق العمل عن استيعاب أعداد الخريجين كل عام، وأتساءل كما يتساءل غيري: هل الدولة مسؤولة عن التعليم فقط، أو عن توفير الوظائف ـ كذلك ـ لكل مَن يتخرّجون؟
أخشى أن يأتي اليوم الذي يفكّر فيه مسؤول أو مواطن غيور بأن الحل تقليص الفرص التعليمية العليا، حتى لا تفيض علينا بمزيد من طالبي العمل!!
إن من واجب الدولة أن تستمر في فتح فرص التعليم على مصراعيه، وفي كل التخصُّصات بلا استثناء، وإتاحة مجال الاختيار للطالب نفسه، ثم التعامل مع الخريجين بقدر كبير من الحرص على خلق فرص وظيفية جديدة لهم، بقدر المستطاع، بافتتاح مدن صناعية جديدة، والتدريب على المهارات التي يشغلها غير مواطنين، وتطوير الخدمات التعليمية بحيث تعطي مخرجات أفضل، في الوقت الذي تتسع فيه لعدد أكبر من الموظفين، وزيادة فرص الوظائف العسكرية، وفتح فرص الدراسات العليا في الداخل؛ واجتذاب القدرات المتميّزة من الخارج للإشراف عليها؛ مما سيضاعف عددها بالتكلفة نفسها، والأفكار أكثر من أن تُحصر.
والواقع العالمي وليس المحلي فقط يصارحنا بأن الذين ينجحون في الحياة ليسوا أولئك الذين يتخرّجون ثم لا يجدون أعمالًا البتة؛ لفراغ أيديهم من كل موهبة ومهارة وهواية، ولكن الناجحين هم الذين بدأوا العمل قبل التخرّج من خلال عمل تجاري شخصي أو مع آخرين، أو من خلال استثمار ملكاتهم وقدراتهم الشخصية في إنتاج ما يشكّل لهم مردودًا معنويًّا؛ بتحقيق الذات، أو مردودًا ماليًّا ليسدُّوا به حاجاتهم.
إن 80% على الأقل من الناس يعملون في غير التخصُّص الذي درسوا فيه، وتدرّبوا عليه في المؤسسات التعليمية، وليس ذلك سيئًا دائمًا، بل قد يكون دلالة على أن كلا سييسّر إلى ما خُلق له، وإن نأت به فرصة تعليمية لم يجد غيرها حين سجّل في الجامعة.
إن عددا من رجال الأعمال الكبار لم يرثوا مجدهم، بل صنعوه من الصفر بتوفيق من الله تعـالى، بعضهم لم يتخرّج حتى في الابتدائية، وأعرف منهم من يدير ألوفًا من أصحاب الشهادات بكل مستوياتها بلا استثناء.
وإن من أبرز الوظائف التي يجب أن تعتبر اعتبارًا خاصًا، بل إن تُكبر إكبارًا عظيمًا وظيفة (الأمومة)، فمَن تصبح أمًّا، وتستطيع أن تحقق أمانًا في دارها، واستقرارًا لزوجها وأسرتها، فمن حقها أن تنال تقديرًا ماليًّا على ذلك بوصفها موظفة بدوام قدره 24 ساعة، وتلك فرص عملية سوف تشجّع على الزواج، وتقلص آثار عمل المرأة خارج بيتها على أسرتها.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.