ظل الإرشاد الأسري في بلادنا ـ في غالبه ـ اجتهادات متطوعين، وعملا مقصورا على عدد قليل جدا من المختصين، وهو الذي يتساوى ـ في الأهمية ـ مع الإرشاد الطبي، ولا يقل أهمية عن الإرشاد الشرعي، إذ إنه من أسباب حفظ الضرورات الخمس؛ (الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال)، وقد مارستُ الإرشاد سنين طويلة، وأشهد بالله أنه يسهم في حفظ كل هذه الضرورات بلا استثناء.
وحين انبثقت قبل عشر سنين عدد من المؤسسات الأهلية، بحثَتْ عن الأكاديميين، واستقطبَت المهتمين، وزاوجت بين علمية الأولين، ورغبات الآخرين، فنتج عن ذلك عمل مهني، أصبح محط الأنظار من الدول العربية التي تتابع هذا النمو بكثير من الاهتمام، لتنقل تجربته إلى مجتمعاتها.
ومن أجل ضبط العمل الإرشادي، فقد تشوفت تلك المؤسسات الأهلية إلى نظام إداري، ولائحة منظمة لعملها، فدُرست على مستويات علمية في المؤتمرات والملتقيات التي يشارك فيها المختصون بأوراق علمية رصينة، ثم انتقلت إلى ردهات مجلس الشورى، حتى أخذت دورها في مجلس الوزراء، الذي أقر اللائحة، وخرج بقراره التاريخي لتلك المؤسسات المحبة لوطنها ولمجتمعها، الحريصة على أمنه واستقراره.
وما صرح به معالي وزير الإعلام من اللائحة يحفز ويشجع المؤسسات الأهلية المختصة لتفتتح مراكز الإرشاد بتوسع، مع ضرورة التقيد بالانضباط التام بالضوابط الشرعية والمهنية لهذا العمل؛ حتى يؤتي أكله وتُقطف ثمراته.
وبقي أن نسر بتسابق المؤسسات إلى هذا الباب الحضاري الذي ينطلق من قيم الإسلام وهديه، قبل أن يكون علما نبت هنا ونضج هناك في الغرب.
وإن لوزارة الشؤون الاجتماعية دورا كبيرا في تشجيع تلك المؤسسات الراغبة، ودعمها بالمال والخبرة واللوائح المنظمة، وهي جديرة بذلك، بل هي تقوم به من خلال مركزها الإرشادي في الرياض.
ولكني في الواقع، ومعي مئات المهتمين بهذا الجانب من جوانب التنمية الشاملة في بلادنا الناهضة للتقدم والنمو، ننتظر القرار الآخر، وهو إلزام المقبلين والمقبلات على الزواج ببرنامج تدريبي، (البداية الرشيدة)، أو (رخصة قيادة الأسرة)، لا فرق بين التسميات، المهم هو أن يتأهل الراغبان في الزواج لدخول هذا العش الجديد، قبل أن يخوضا غماره، ويدخلا متاهته، حين لا يكون ثمة خبرة كافية، ولا معلومات مثبتة، ولا مهارات متقنة، وهو الغالب الأعم على شبابنا وفتياتنا، ولذلك تصل الفجيعة في تلك الأسر إلى 40% طلاق، في السنة الأولى من الزواج أو التي تليها، بعد ملاحاة، ومصابرة، وربما شجار؛ ليس بين الزوجين فقط، وإنما في كثير من الأحيان بين الأسرتين.
ولابد من تدريب آلاف المدربين والمدربات في جميع مدن المملكة العربية السعودية، قبل البدء في التنفيذ.
ولست أستبعد هذا القرار، بل إني لأراه قريبا، وقريبا جدا، إن شاء الله، وحينها أجزم ـ بإذن الله تعالى ـ بانخفاض نسبة الطلاق، كما انخفضت نسبة الإصابة بالأمراض الوراثية حين طبق الفحص قبل الزواج.
@dr_holybi
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.