الشيخ عبد العزيز الموسى

الشيخ عبد العزيز الموسى

بقلم/ د.خالد بن سعود الحليبي

آثرت أن أُعنوِن هذه المأثرة بالوسم (الهاشتاق) الذي فاح بعبير المحسن الكبير الشيخ عبد العزيز الموسى -يرحمه الله تعالى-، وربما كان يكفيني ذلك عن كل ما أردت قوله، فقد فاضت قلوب الناس ببعض ما تكنّه لهذا العملاق في دنيا الأقزام، من مشاعر ومآثر، جعلتني أقول للذين رددوا العبارات التقليدية حين يُتوفى أحد المتصدقين، (سيفقد الفقراء والأرامل ومخيمات اللاجئين و… أيادي فلان …)، قلت لهم: لا .. بل لن يفقدوا عطاءاته الكريمة بإذن الله تعالى، بل ستزيد وتزيد كلّما امتدَّ الزمان، فقد جعل لإحسانه منارة عظيمة، ومبرّة كريمة، بمؤسسة أوقاف عبد العزيز وسعد الموسى الخيرية، فيا لها من أُخوة حملت معها خلودًا عظيمًا في الدنيا والآخرة؛ هذا ما نحسبهم والله حسيبهم، ولا نزكِّي على الله أحدًا.

تدفّقت شهادات العلماء والدعاة وقيادات العمل الخيري من كل بقعة في بلادنا الحبيبة، بل من بلاد كثيرة في قارات الأرض .. إلى صحراء الأردن حديثًا؛ حيث أيتام الشهداء، وأراملهم بما كان يصلهم من خيره وبرّه.

لقد تعدّدت وُجوه البِرّ التي كان الشيخ الراحل يبذلها مباشرة، ومن أول دعوة له للبذل، أو بشفاعة حسنة من ثقة، وكان أبرز ما يميّزه هو استبشاره بالعطاء، وفرحه به، بل يشكر من يأخذه منه، (كأن تعطيه الذي أنت آخذه)!!

ومن خلال مؤسسته مع أخيه الشيخ سعد، طالت عطاياه علاج مرضى الفقراء، من المواطنين والمقيمين، من أمراض السرطان، والفشل الكلوي، وأمراض القلب، وغيرها، مئات المرضى كان سببًا في إنقاذهم من الموت بإذن الله تعالى، كما شهد بذلك د.محمد العريفي.

وكان للدعوة إلى الله تعالى نصيبٌ وافر؛ لنشر الدين في الأرض، وطباعة الكتب، وتحفيظ القرآن، وكان من آخر ما تم على نفقته تطبيق المصحف الشريف على أحدث الأجهزة الذكية.

لقد بنى وساهم في بناء عشرات المساجد والمؤسسات الخيرية، وأجدني أحجّم عمله حين أعدّده، فهو أوسع من ذلك بكثير، ولكل موفّق من العاملين في مجال العمل الخيري قصة معه، ولكل مؤسّسة فاعلة ذكرى جميلة.

حتى وفّق الله تعالى الشيخ عبد العزيز الموسى إلى أن أوقف مليارات الريالات مع أخيه الشيخ سعد؛ وجعل عليها مؤسسة متميزة، وعيّن عليها عددًا من أهل الفضل والأمانة، من أسرته ومن غيرهم، وجعل لها مجلسًا للأمناء والنُّظّار، ليُصرف رِيع تلك الأوقاف في مصارف البر المختلفة.

إنه فنٌّ لا يجيده كثيرون، مِمّن أجّلوا أعمالهم الخيرية إلى ما بعد موتهم، وضمَّنوها وصاياهم، وهم لا يدرون هل ستُنفّذ كما أرادوا أم لا؟! ومثله لا ينطبق عليه قول الشاعر:

وموت فتى شديد الجود محل     فإن بقاءه خصب ونعمه

لأنه أبقى خصبه ونعمته إلى ما شاء الله له أن تبقى، فهنيئًا له، وعزائي للمقتدرين، الذين يعِدهم الشيطان الفقر؛ حتى يموتوا وهم أبخل الناس.

جاء رجل إلى النَّبيِّ- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أيّ الصَّدقة أعظم أجرًا؟ قال: «أن تتصدَّق وأنت صحيحٌ شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تُمهِل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلتَ: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان».

قد مات قوم وما ماتت مآثرهم       وعاش قوم وهم في الناس أموات

ومضة:

لقد سألَتْه أميرة ابنته عن سرّ حب الناس له، فأجابها بعفوية: «أنا قلبي عمره ما شال حقد أو حسد على أيّ أحد من الناس». رحمه الله تعالى.

______________________________

تم نشر المقال على موقع جريد اليوم السعودية، بتاريخ 25- 1- 2013م، على الرابط التالي

http://www.alyaum.com/News/art/69635.html 



اترك تعليقاً