من حقنا أن نقيَ بلادَنا من الفتن والمحن، وأن نصون جوهرة الأمن بكل ما نملك، ولا نسمح للمتربصين أن يلجوا من ثغرات نحن مسؤولون عنها مباشرة.
ولا شك أن التوجه إلى (بناء) الوطن هو أول ما يجب أن نحميه به، على أسس منهجية تراعي الأوليات، وتلبي الاحتياجات، وتنظر إلى المستقبل نظرة عظيمة التطلع، ويكون هذا البناء بسواعد أبناء الوطن وبمقدراته التي خصه الله بها. فإن متانة البناء وتماسكه ووحدته هي أبرز عناصر ثباته في وجه الأعاصير.
ومن خلال صفحات التاريخ، والسنن الكونية، نجد أن من أبرز ما يقي الأمم من التصدع العدالة من القيادة، وأداء الأمانة من العامة. وليست القيادة هي صاحب الولاية العظمى فقط، بل من ينيبه لإقامة العدل في الناس، بل في أقل الولايات والخدمات، بدءا من رأس الهرم في الإدارة الحكومية إلى رؤساء الأقسام فيها، إلى موظف الاستقبال، إلى من يقدم الخدمات المباشرة للناس؛ كل منهم يمثل وجه حكومته للمستفيدين من هذه الخدمة، ومسؤول عن أمن بلده واستقراره.
حين يستقبل الموظف طالب الخدمة بوجه حسن، ويتعامل معه على أنه صاحب حق، وأن مهمته هو أداء هذا الحق له، ويشعره بأنه حريص على تحقيق ما جاء من أجله، ويبحث له في الأنظمة ما يخدمه ويسهل أمره، فإن ذلك الموظف يسهم في صناعة الولاء والحب للوطن في نفس المواطن، مهما كانت منزلته في المجتمع.
وقد رأيت من أصحاب المناصب العليا من يبش في وجوه المراجعين، ويسعى بنفسه في قضاء حوائجهم، تشعر بأنه يقابل الجميع بروح واحدة، ويُشعرهم واحدا واحدا أنه في هذا المكان لخدمتهم، والسهر على راحتهم، وقد يتصل بنفسه ليشفع فيها، وربما خرج صاحب الطلب منه دون بلوغه مأربه، ولكن بعد أن كسب قلبه بمروءته، وطيب خاطره بحرصه على مصلحته، حتى اقتنع بأنه أدى ما عليه، وأنه لا طاقة له بطلبه، فيعذره ويشكره ويذكره بخير، وتسجل للوطن صورة ناصعة البياض من خلال تعامل مدير أو موظف أو…
والعسكريون أولى من المدنيين بهذه المعاملة؛ لأنه أقرب إلى ذهن المواطن بأنه يمثل الدولة والحكومة، فإذا غلّظ الحديث، وحمَّر العينين، وتوعد دون سبب، أو ألقى الاتهامات جزافا، أو تصرف من تلقاء نفسه فسجل مخالفة لم يقتنع بها المواطن، أو أوقع عقوبة من أي نوع دون حكم شرعي، فإن ذلك سيترك أثرا سيئا في نفس الإنسان الذي يرى أن ولي الأمر قد وضعه للسهر على حماية حياته، ورزقه، وعرضه، وكرامته، بإذن الله وعونه.
إن خادم الحرمين الشريفين في جُلِّ خطاباته وتصريحاته في مجلس الوزراء وغيره، ليؤكد على الاهتمام بمصالح المواطن، وتسهيل الإجراءات الخاصة به، وهي ـ دون ريب ـ الزاوية الأهم التي تجعل المواطن يحس بقيمته، وأنه على الأرض التي تعطيه وتعطيه وتعطيه .. حتى تستحق أن تأخذ روحه لو طلبها منه في لحظة من لحظات الفداء.. حمى الله ديارنا من كل مكروه.
ومن يرى أنه مأمور أن ينفذ الأنظمة كما هي، دون مرونة، أو فهم للمواقف، ثم يتغير ذلك كله إذا جاء قريب أو صديق؛ فيتأول البنود، ويلوي عنق النصوص، فإنه يسهم في صناعة صورة بل قناع قبيح على وجه وطنه الوضيء.
ومع ذلك كله فإن المواطن الذي نبت في هذه الأرض، ورضع من خيرها، وترعرع في أكنافها، سيكون المسؤول الأول عن تماسكها، وسيجعل من صدره وولده وماله دروعا تقيها وتفديها، مهما تعرض لأخطاء الآخرين وتعاملهم غير المسؤول.. ووطننا يستحق الوفاء والفداء.
تغريدة/
حين يسد المسؤول بابه عن الاستماع إلى موظفيه، سيتوجهون إلى أبواب أخرى!! من أجل وطن آمن مستقر متطور (أيها المسؤول) .. استمع إلى موظفيك.
Dr_holybi
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.