دور مأذوني الأنكحة في التنمية الأسرية

        وزارة العدل

ندوة مأذوني الأنكحة الأولى

  جمادى الآخرة 1431هـ

 

 

دور مأذوني الأنكحة في التنمية الأسرية

ورقة عمل

إعداد/ د.خالد بن سعود الحليبي

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء

ومدير مركز التنمية الأسرية بالأحساء


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد

مقدمة

باتت قضية التنمية الاجتماعية والأسرية منها بخاصة، أبرز القضايا العالقة، التي تبذل فيها جهود متعددة، ولكنها غالبا غير مقننة، ولا منظمة بالتصور الذي ينبغي أن تكون عليه، ولا موزعة توزيعا عادلا على كل الجهات المعنية بقضية الزواج وتكوين الأسرة، ولذا بقيت حتى الآن متأخرة عن المأمول، مما أدى إلى بروز عدد من المشكلات الكبرى، أخرت هذا الجزء الأهم من التنمية، وأثر ذلك على عناصر التنمية الأخرى؛ نظرا لكون الأسرة هي الركن الأشد في المجتمع، الذي تأوي إليه كل مناحي الحياة الأخرى، كما أنها تنطلق منه كذلك.

وإنما تتكون نواة الأسرة على يد عاقد الأنكحة الموثق رسميا من وزارة العدل، بما شرع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، أي أنها تبدأ بالميثاق الغليظ الذي يتم بالإيجاب والقبول، في مجلس يحفه ذكر الله تعالى والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولذا فكان ينبغي أن يستمر هذا الرابط الإنساني الطاهر العظيم وفق المنهج نفسه الذي تم عقد القران به، وأن يكون للعاقد دور في استقامة هذا البيت المسلم الجديد، الذي وضعت أول لبناته بيده، وأن يسهم في استقراره، وتوطيد دعائمه.

ومما أطبقت عليه نتائج الدراسات الاجتماعية المعاصرة التي أمكن الاطلاع عليها، أن الطلاق يعد نتيجة لتنامي المشكلات التي قد تبدأ قبل الزواج؛ حين لا يتأهل الزوجان للحياة الأسرية، أو يكون أحدهما نبتة في بيئة جاهلة، أو سيئة، أو حين يسئ أحد الزوجين اختيار صاحبه، وإذا كانت إحصاءات الطلاق في المملكة العربية السعودية تتزايد عاما فعاما، حسب مصادرها في وزارة العدل، في معظم المناطق والمحافظات، فإن واجب الحد من هذه الآفة ينبغي أن يكون هاجس جميع الجهات القادرة على التعاون على الحد منه؛ يقول الله جل في علاه: { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} [سورة المائدة 5/2] .

وتهدف هذه الورقة إلى محاولة الإسهام في تحرير دور أكثر عطاء واستمرارا لعاقد الأنكحة، يسهم به من جانبه في التنمية الأسرية في مجتمعه.

وقد جعلتها في ثلاثة محاور:

الأول: الدور الذي يقوم به عاقد الأنكحة حاليا.

الثاني: الدور الذي ينبغي أن يقوم به فعليا.

الثالث: مسؤولية عاقد الأنكحة تجاه تطوير ذاته.

 

أولا: الدور الذي يقوم به عاقد الأنكحة حاليا:

من خلال استبانة اشترك فيها 22 عاقدا في الأحساء، تبين أن عاقد الأنكحة يقوم بالتالي:

1.  يلقي كلمة توجيهية عامة ومختصرة في فضل النكاح، وإلماحة حول العلاقة الزوجية، ويبين للزوجين حقوق كل طرف وواجبه تجاه الآخر، ولعل ذلك خلال خطبة النكاح؛ كما هو مشاهد، ولهذه الخطبة دور كبير في عرض النكاح في أجواء إيمانية مرفرفة، تحرك القلوب، وتحفز النفوس، يأتي خلالها عقد الميثاق الغليظ.

2.  يبين لأب الزوج، وولي الزوجة بركة التيسير في الشروط والمهر، وتلك عملية توجيهية، مهمة للتوطئة لنكاح يبدأ بالتوضيح، والتبيين، وطلب التيسير؛ لتحل البركة فيه.

3.  يعمد بعضهم بإهداء الزوجين مواد مطبوعة ومسجلة في العلاقات الزوجية، وذلك إما بجهد فردي، وإما بجهد مؤسسي، ينطلق من جمعيات الزواج، ومراكز التنمية الأسرية.

4.  يوصي العاقد الزوجين بالاشتراك في برامج تدريبية ومواقع ورسائل جوال أسرية، مسهما بذلك في نشر الثقافة الأسرية، بطريق الدلالة، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الدال على الخير كفاعله([1])”.

5.  أحيانا يقوم بعض العاقدين بتوجيه والد الزوج وولي الزوجة إلى دورهما بعد الزواج، من رعاية لهذه النبتة الطرية، ومتابعة لنموها، دون الحاجة إلى التدخل في شؤونهما الخاصة، أو تعوديهما على إفشاء الأسرار الزوجية، أو نقل الخلاف العادي إلى خارج إطار الأسرة. وقد تبين من خلال دراسة موثقة أن من أبرز أسباب الطلاق تدخل الأهل من الطرفين أو من أحدهما في إدارة شؤون الأسرة.

ثانيا: ما ينبغي أن يقوم العاقد به:

ينبغي أن يكون للعاقد نوع من التواصل مع الزوج وولي الزوجة بعد عقد النكاح؛ للتوجيه والاستشارة؛ لأنه ـ في الغالب ـ قريب منهم، وموثوق عندهم، وهو ما كشفت الاستبانة عن قلة وجوده عند نصف العينة تقريبا، بينما لا يوجد عن النصف الآخر نهائيا.

ينبغي للعاقد أن

ينبغي أن يشترك العاقد في إصلاح ذات البين بين الزوجين لو احتاجا إلى ذلك، وهو ما قل عند ثلثي أفراد العينة، ولم يوجد نهائيا عند الثلث الأخير. مما يعني ضعف هذا الدور عند ثلثيهم، وغيابه عند البقية، مما يجعل الطلاق هو الحل الأقرب للمتخاصمين، حيث لا يوجد من يقرب وجهات النظر، ويسد خلل العيوب، ويكشف العواقب المغيبة وراء الغضب والتشاحن.

9

 يتواصل الزوج معي بعد عقد النكاح للتوجيه والاستشارة

0

12

10

10

 يتواصل أهل الزوجة معي بعد عقد النكاح للتوجيه والاستشارة

0

13

9

11

 يرجع إليّ الزوجان كمصلح عند الخلاف وعدم التوافق

1

14

7

12

 أقدم للزوج قبيل الدخول على زوجته إرشادات وتوجيهات خاصة

3

10

9

13

  أدل الزوج على الجهات المختصة التي تساعده مادياً واستشارياً

6

9

7

14

أتواصل مع الجهات الأسرية المختصة

4

13

5

15

أحرص على تطوير ذاتي في الثقافة الأسرية

12

10

0

16

استشير أهل الاختصاص في القضايا المستعصية

12

7

3

 

-مسؤولية عاقد الأنكحة تجاه تطوير نفسه في شؤون الأسرة:

1- حضور البرامج الخاصة لمأذوني الأنكحة التي تعنى بتثقيفه بشؤون الأسرة وما يستجد فيها، ويحبذ أن تكون معتمدة من الوزارة.

2- حضور البرامج الأسرية العامة، والدورات الفقهية المكثفة، والحرص على الالتحاق بدبلوم الإرشاد الأسري، وتأهيل المصلحين الأسريين، والمحاضرات العامة والخاصة بالأسرة.

3- قراءة الكتب والاستماع للأشرطة التي تعتني بشؤون الأسرة.

4- الاطلاع والتواصل مع المواقع الإلكترونية الموثوقة، ومنها مثلاً: منتدى المأذون.

5- التواصل المستمر مع الجهة التابع لها (المحكمة)؛ لمعرفة ما يجدّ من تعاميم وأنظمة.

-مسؤولية المأذون في توطيد العلاقة الأسرية مع الجهات المختصة:

1-عقد لقاء نصف سنوي لمأذوني الأنكحة على مستوى المحافظة مع رئيس المحاكم، ولقاء سنوي على مستوى المملكة.

2-أن يكون حلقة وصل بين الزوجين وبين الجهات الإصلاح عند وجود بوادر خلاف بين زوجين، أو حتى مع أي جهة أخرى تعنى بحل المشكلة بينهما كالمحكمة، أو الشرطة، أو مركز التنمية الأسرية أو غيرها.

3-يقدم المأذون بعد العقد ورقة للتواصل للزوجين مع المركز تعبأ من قبل الزوج وترسل للمركز، وتكون اختيارية.

4-إصدار كتاب أو مطوية بعنوان: ما لا يسع مأذون الأنكحة جهله.

5-زيارة المراكز الأسرية والاطلاع على ما فيها من أنشطة والخدمات التي تقدمها.

-وسائل تثقيف الزوجين من قبل مأذوني الأنكحة:

1-الحرص على إلقاء كلمة توجيهية قبيل إجراء العقد، وممكن أن تكتب من قبل المركز كنموذج لتوزيعها، ويحبذ أن يصل الصوت للنساء.

2-توزيع الأشرطة والكتيبات على الزوجين.

3-أن يتواصل مع من يعقد عليهم عن طريق قاعدة بيانات برسائل الجوال وغيرها.

 



([1]) عن أنس. درجة الحديث: ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1605 في صحيح الجامع. ورقمه في الجامع الصغير(2485).

 

 

 


اترك تعليقاً