طلاب المنح.. شركاء المستقبل
«جامعة الملك سلمان العالمية»
في زيارة لي لإحدى الجامعات الإسلامية خارج المملكة طفح الألم الساكن على وجه مديرها الشاب، وبعد حوار قصير كشف لي عن رغبة شديدة جدا من السفارة الإيرانية في موافقة جامعته على أن تمنحها قاعة واحدة لتعليم اللغة الفارسية؛ (لتكون مدخلا لتحقيق الأهداف الخفية)، مقابل أن تدعم إيران تلك الجامعة المكتهلة لما تحتاجه من ترميم، ومساعدة مالية كبيرة لاستعادة الأساتذة الذين فقدتهم؛ بسبب ضعف إيراداتها، وبالتالي ضعف رواتبهم إزاء ما يستحقونه برتبهم العلمية الرفيعة.
(إيران) لا تحاربنا في (اليمن) بأيدي الحوثيين فقط، بل تحاربنا في كل بلاد المسلمين، بل وفي كل بلاد العالم، عن طريق منح خيرة الشباب في تلك الدول من المسلمين فرصا تعليمية في جامعات (قم) وغيرها؛ ليتم مسخهم تماما، وإعادتهم إلى بلدانهم؛ ليتسلموا قيادات سياسية وتربوية وشرعية كبرى، بل وتسعى للسيطرة على تلك المجتمعات عن طريق محاولة إغراء الجهات التعليمية والواجهات الاجتماعية ذات النفوذ في المجتمعات الفقيرة -بالذات- بالمال، والسيارات الفارهة، والفلل الفخمة، أو بالتسلل إلى أوساط الأقليات الإسلامية حتى في الدول الغنية لتبني مشروعاتهم الكبرى، مقابل!!.
وقد روى لي الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك -رحمه الله- أنه حين كان سفيرا في دولة أفريقية خمس سنوات، كان يحرص على توفير أكبر قدر من المنح التعليمية لشبابها الألمعي، وكان ذلك بعدد محدود، لم يتسع لأحد الشباب المتحمس، فاعتذر له بلطف، فألح عليه، فلم يستطع السفير أن يجد له تلك الفرصة التي يتشوق إليها، وانصرف الشاب، وانقطعت أخباره، وبعد سنوات، سمع بشاب يحمل أفكارا شرعية مخالفة، ويدعو إليها علنا، ويظهر أنه مدعوم من جهة خارجية، فإذا به ذلك الشاب نفسه، حيث التقطته إيران، ومنحته الفرصة التي ترقبها، وصنعته صناعة خاصة؛ ليكون عميل فكرها التوسعي في تلك الدولة.
لم يكن اهتمام المملكة العربية السعودية بالمنح التعليمية التي تبذلها بسخاء قرابة نصف قرن من الزمن ردة فعل لما تفعله دولة أخرى، بل رسالة تؤمن بها، ودين تتعبد الله تعالى به، وما افتتاح الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية وتخصيص نحو 90% منها عند افتتاحها للمنح، سوى دليل قوي على ما أقول.
ثم تنافست الجامعات السعودية، ولاسيما الشرعية منها، إلى استقطاب طلاب المنح من جميع أنحاء العالم، وكانت النتائج المبهرة، فهؤلاء الشباب الأعجميون أصبحوا يتحدثون العربية الفصحى ربما أفضل من بعض الناطقين بها، بل وسجلوا تفوقا دراسيا ملحوظا حتى على بعض إخوانهم العرب، ووصلوا إلى أعلى المراتب العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراة.
ومن يسافر إلى المراكز الإسلامية في جميع أنحاء العالم فلن يعدم أن يرى تلك النتائج الجميلة الطيبة في أشكال من العطاء المبهر (علماء وسفراء وسياسيون ومفكرون وقادة بناء) من خريجي الجامعات السعودية، يحملون المعتقد الحق، والولاء لهذه الأرض التي كانت سببا في انتقالهم من حال إلى حال، اجتماعيا واقتصاديا وعلميا ومكانة.
حين نستقطب مزيدا من الشباب من الدول والأقليات المسلمة فإننا نبني مزيدا من شركاء المستقبل بكل جدارة، ونؤسس بالفعل لعلاقات دولية أكثر إخلاصا بإذن الله في النوائب والمحن، ونحد من التوسع المذهل للفكر الإيراني الخطير، الذي يهدف إلى مرامٍ ذُقنا واحدا منها في اليمن، ولا تزال سوريا والعراق يتجرعان مراراته.
وقد أتجرأ لاقتراح تأسيس: (جامعة الملك سلمان العالمية)، لتكون مخصصة لهذا الهدف الإسلامي النبيل مع تعدد التخصصات فيها، وتحقيق الرؤية السياسية البعيدة.
ليس هناك أحق من المملكة العربية السعودية بهذه الجامعة، ولا من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه-.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.