حتى أنت مطلوب

حتى أنت مطلوب

د. خالد الحليبي

الإنجازات الاستباقية لأجهزة وزارة الداخلية في تطويق العدو المتربص بالأمن الداخلي توفيقٌ من الله تعالى، ومفخرة وطنية، ولحظات تاريخية مفعمة بما يبهر الفرح في القلوب؛ حتى لتحار عن ترجمة تلك اللغة الإنسانية الرفيعة، كيف وقد زَرعت الطمأنينة في النفوس، وعصم الله بها نفوسا كانت ستزهق، وبيوتا يذكر فيها اسم الله كانت ستنتهك حرمتها، وجهات ستعطل بها مصالح، وتهدر بها جهود وأموال وأوقات، كانت روافد تصب في نهر البناء بلا نضوب.

إن المرحلة الآنية مرحلة شراكة تامة بين جميع مكونات الشعب، بل كل من يقيم على هذه الأرض الطاهرة، لتحقيق التماسك الذي يحيل المملكة العملاقة من جهاتها الست إلى درع واحدة، لا يستطيع أحدٌ اختراقها، ولا شك أن صمود الجبهة الداخلية هو النصر الحقيقي على عدو يعمل ليل نهار على تحقيق حلم تفكيكها بكل وسائل المكر والغدر والخديعة، ولن يبلغ مأربه بحفظ الله تعالى لأقدس بقاع الأرض وأحبها إليه.

ومن هنا فأنت (مطلوب) أيضا من الأمن، مطلوب؛ لتكون عنصرا فاعلا في تحقيق النصر اليومي لمعركة تشن بضراوة على أطراف بلادك، وتستغل جهل بعض أبنائها بكل أسى ليكونوا أدواتها الغبية، ولست أدري حتى متى يستمر هذا المسلسل الأحمق من استرخاص النفس العزيزة في سبيل تحقيق مآرب لمجاهيل، لم تعد خفية على أحد!!

أنت (مطلوب) بالفعل؛ لتكون عينا ساهرة على توجهات أولادك، أمينا على مستقبلهم؛ ليكونوا منارات خير وعز ومنعة وبناء، فكلما شغلتهم بالراقي من الأهداف والأعمال والأخلاق، لم يبق لهم هم ولا وقت ولا التفاتة لمن يسبي جمال شبابهم، ويسرق زهرة أعمارهم، ليزين بها أفعاله الشنيعة، ثم يرميها في أقرب مزبلة منه، دون حتى أن يرثي لحالهم.

أنت (مطلوب) لدى الجهات الأمنية؛ لتكون كفا قوية تعاضدهم، وتقدم لهم معلومة توصلهم إلى مجرم مخطط، أو جاهل متعصب اعتقد ما يُلقى في قلبه من شبهات، حتى أصبح جاهزا أن يلقي بنفسه في نارهم، وهو يظنها جنة الله وفردوسه، وفي ذلك إنقاذ لنفوس بريئة كان يمكن أن تكون ضحايا، وتترك خلفها ضحايا لا حصر لخسائرهم الروحية والنفسية.

أنت (مطلوب) لوطنك الذي قدم لك بلا حصر، ولو لم يقدم لك سوى الأمن والاستقرار لكفى، كيف وقد أجرى الله من النعم ما يجل عن الحصر، وبالشكر تدوم النعم وتزداد، ومن شكر المنعم جل وعز حفظ ما أنعم به، وبذله فيما ينفع ويحل. ومن حفظ نعمة الأمن عدم السماح لمن يكدرها بأي عمل كائنا من كان، فضلا عن أن يتحول بعضنا إلى وسيلة إعلامية نشطة لأكاذيبه، وتدليسه، ولو بنية كشفها، فإن من الناس أصحاب قلوب مرتابة، تقع في قلوبهم الشبهة فتتشربها، فالأولى إفشال خطة العدو بإيقاف تداول رسائله التي تصنعها له مراكز مختصة في مجال الإعلام الرقمي المؤثر، لا تخلو من مختصين في علم النفس، والإقناع والتأثير.

لديك كثير من الفرص؛ لتدخل المعركة مدافعا عن أمتك الخالدة وعن وطنك العظيم، وأنت في بيتك، وأنت في عملك، وأنت في المسجد، وأنت في الشارع، … وبادر، فقد بادر الحباب بن المنذر في بدر باقتراح تحديد أرض المعركة، وبادر سلمان الفارسي في غزوة الأحزاب باقتراح حفر الخندق، وبادرت أم سلمة باقتراح الحلق والنحر في صلح الحديبية، وكانت مبادراتهم من أبرز عناصر النصر والاستقرار والتئام الجبهة الداخلية وصمودها.

ألم أقل لك: أنت مطلوب أيضا، ولديك ما تقدمه لوطنك؟



اترك تعليقاً