رؤية.. في.. رؤية

 

رؤية.. في.. رؤية

 

د. خالد الحليبي

 

حين كنت أزور (ماليزيا) سائحا، كان الرقم (2020) يلفت نظري ويستثير فضولي، فعلمت بأنه (تزمين) للرؤية التي وضعتها هذه الدولة لاقتصادها ورفاه مجتمعها، وعملت بكل مكوناتها على تحقيقها، فتجاوزت كثيرا من أزماتها، ووضعت أوليَّاتها بدقة، حتى بلغت ما بلغته من نظام اجتماعي، وتقدم اقتصادي، انعكس على سلوك شعبها، فأصبح يضرب به المثل في الالتزام بالأنظمة، والاندفاع إلى العمل والإنتاج برغبة شديدة.

 

وها هي بلادي تضع رؤيتها (2030)؛ بشمولية أوسع، وإمكانات أكثر، وعمق تاريخي، ومكانة شرعية لا يمكن أن تُنافَس عليها مطلقا.

 

عناصر النجاح كلها متوافرة، والإنسان هو الأهم فيها، ولذلك فإن التخطيط الدقيق المبهر للرؤية السعودية أعلن عنه أمير شاب وقائد طموح وغصن مضيء في دوحة راسخة (محمد بن سلمان)، يحمل معه رسالة إلى الجيل الجديد، جيل الشباب، الذي يجب أن يحمل الرسالة، ويتحمل أعباءها، ويجهد مع قائده المبدع لتحقيق آفاقها في كل اتجاه؛ لبناء دولة لا تعتمد على (النفط) وحده، بل تتعدد مواردها بما لا حصر له، (نفط آخر) كما عبر سمو وليّ وليِّ العهد في مقابلته التاريخية (يوم الاثنين 25/‏4/‏2016م).

 

سمو الأمير محمد بن سلمان قامة جديدة من قامات قيادة المملكة العربية السعودية التي تطل على حاضر مملوء بالتحديات، وغد مفعم بالأمل، تأخذ من تاريخها العريق أصالة وقيما، ومن حاضرها أدوات وإجراءات وإستراتيجيات، طموح بلا حدود يَعِدُ بأن يبتلع المشكلات الكبرى التي كانت تستهلك كثيرا من الجهود والأموال والأوقات، ويتحدث بثقة، بعد أن درس خارطة الواقع من خلال أعين مئات الخبراء في كافة الوزارات والهيئات، والرؤية تلوح في ذهن متوقد، يرى الحُلُم أمامه فيسرع إليه، بل ويحث على الإسراع إليه بكل صراحة وشجاعة.

 

(رؤية) تعتمد على الإنفاق القليل، ومضاعفة الإنتاج، وهي معادلة الربحية، فكلما أنفقت أقل، ربحت أكثر، ومثل هذا يحتاج إلى (نزاهة) في التعامل مع كل الموارد والمصارف، ولذلك ركز على أهمية ذلك في حديث كانت الشفافية فيه فوق الصراحة، والوضوح فوق الإبهار، والوعد بالعدالة الكاملة بين جميع فئات المجتمع أساسا في الطرح، والبحث عن المفقود دقيقا جدا، والحلول حاضرة، والشمولية في التصور للرؤية تجعل المواطن مطمئنا لمستقبل يترقبه بشوق، ويتوقع من خلاله رفاها وليس حلا لقضاياه العالقة فقط بإذن الله تعالى.

 

(نحن في سفينة واحدة) هذا ما قاله (الأمير محمد بن سلمان)، ولذلك ينبغي أن يوجد الإحساس بالخطر على هذه السفينة عند الجميع بقدر متساوٍ كما يحدث لركاب سفينة واحدة، في بحرٍ متلاطم الأمواج، ولذلك ـ أيضا ـ فإن من أهم ما ينبغي أن يؤكد عليه كل محب لهذا الوطن، أن هذه الرؤية هي في ذمة كل مواطن ومقيم يستثمر خيراته، عليه أن يكون جزءا فاعلا منها بكل أمانة وانتماء، دون أي تردد أو جبن أو تقاعس، فإنك لن تستطيع أن تطور أي إنسان إلا إذا رغب هو، وآمن بما تقول.

 

ولا أجد وقودا لمركبة هذه الرؤية مثل الإيمان بها، وبأن تحققها بالكامل ممكن بإذن الله تعالى وحده، «ومن يتوكل على الله فهو حسبه»، و»من توكل على الله كفاه»، إنني أدعو إلى عرض كل تفاصيل هذه الرؤية على أنظار الشعب السعودي في كل موقع يكون فيه، كل بحسب عمره وقدراته، في الروضة، في المدرسة، في الجامعة، في الدائرة الحكومية، في الشركة؛ حتى يتشربها كل فرد ويكون داعما لها قولا وعملا وسلوكا وتبنّيا، هكذا تنجح الرؤية.. أن تكون شعبية، منطلقة من دين الشعب ومعتقداته وقيمه وأعرافه، وتصب في صناعة مستقبله القريب والبعيد، وعليه هو أن يصنع هذا المستقبل من خلال رؤية وطنية موحدة، في ظل قيادة آمنت بالتطوير والتنوع والإقدام بكل ثبات وعلم وبصيرة نحو غدٍ عظيم بإذن الله تعالى وتوفيقه.



اترك تعليقاً