نحو من سبعة آلاف قتيل كل عام في بلادنا، نعم في المملكة العربية السعودية؛ بلد الأمن والأمان، وعشرات الآلاف من المعاقين والمصابين سنويا، أي أن عشرين إنسانا يموتون كل يوم، مئات الأكباد تنفلق حزنا كل ساعة تقريبا، في كل يوم أم تَثْكل، وزوجة تُرمل، وأب يُفجع، وصديق يحترق، وأقارب يشربون الماء المكدر بالألم والعجز التام حيال حبيبهم المفجوع في حبيبه!!
من المسؤول؟
هل هي الخطة المرورية التي تنفق الملايين على كل شيء سوى التوعية!! إلا نزر يسير!! وفي الميدان لا تعرف الجدية في تطبيق النظام على جميع المخالفين في الطرق السريعة خصوصا، بل إنها تفتقد السعة الاستيعابية اللازمة لكل هذه الدروب الممتدة في قارتنا السعودية المترامية الأطراف، حتى لا يعتدي متهور ـ مهما كان عمره ـ على حق إنسان آخر في الحياة!!
هل هي وزارة الصحة التي تتلقى كل يوم عشرات الضحايا موتى ومكسورين بل ومشلولين دون أن تنفق شيئا على التوعية المرورية!! والوقاية خير من العلاج (عدد الحوادث المرورية خلال عام واحد قارب ثلاثمئة ألف حادث، ترك 1481 إعاقة مستديمة نتيجة إصابات حوادث).
هل هي وزارة الإعلام التي شاركت بقوة في عدد من القضايا ونجحت، ولكنها لم تلتفت كما ينبغي إلى أكثرها هدرا للطاقة البشرية الشبابية التي تجري بيدها عجلة التنمية؟ (78% من المتوفين تقل أعمارهم عن 45 عاما)!!
هل هي وزارة النقل التي لا تزال تتثاءب في إنهاء الطرق السريعة، وحل الأزمات المعضلة في المنحنيات وأساليب الفصل بين الخطوط، ووسائل التنبيه على التحويلات، وأماكن المطبات الصناعية؟
أم هي وزارة التربية والتعليم التي تشارك بما لا يتناسب مع حجم البشر الذين تمثلهم، ولا سيما إذا علمنا بأن خمس المتوفين هم من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما.
وهل البلديات لها نصيب من ذلك حين تترك سيارات النظافة تسرح وتمرح في الوقت الذي تشتهي لها شركاتها، دون مراعاة لأوقات الذروة في كل شارع بحسب وضعه، أيام الدوام أو أيام الإجازات؟ فتكون سببا في ارتطام المركبات في زواياها الصلبة!!
وهل أدت وزارة الشؤون الإسلامية واجبها من حيث التوعية الشرعية التي ترفع شعار {الذين يمشون على الأرض هونا}، وهل يكفي أن تعمم على الخطباء؟
وهل أدت الأسر واجبها تجاه أولادها فلم تسلم السيارة إلا من استحق الرخصة التي تبيح له أن يقود بيت النار بين البشر بأمان!! (كم أتمنى ألا يسلم الرخصة من يقل عمره عن 21سنة).
إن السرعة سبب رئيس في حدوث الحوادث، ولكنه ليس السبب الوحيد، وإذا كان من لوم على المسرعين وبخاصة الشباب، فإننا يجب أن نتحمل مسؤولياتنا نحن الراشدين تجاههم، وهل تعفى الأم التي تغفل عن طفلها وهو على حافة بركة غزيرة حتى يغرق!!
إن شبابنا أمانة في أعناق كل وزارة ودائرة وأسرة، وسوف يسأل الله تعالى كل راع عن رعيته حفظ أم ضيع.
نعم لم يعد هناك مجال للمجاملات مع أحد، ونحن نرى فلذات الأكباد يتمزقون بين عجلات السيارات، ويستخرجون من بين أنياب الحديد بالقاطعات والأكسجين!!
إذا أردنا ـ فعلا ـ أن نحد من طابور الموت والإعاقة والخراب والحزن فلا بد أن تكون التوعية دائما وليس أسبوعا واحدا، وأن تكون متلونة متنوعة، وليس بأسلوب اعتادت عليه الأذن والعين، فما عاد يهزها!! وأن تشترك فيه كل تلك الجهات وربما غيرها مما ند عنه علمي أو قلمي في وقت واحد، وأن يؤطر السائقون على الحق أطرا.. والله الحافظ والمستعان.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.