كيف يمكن الموازنة بين الحالة النفسية والصعوبات الاجتماعية التي تواجهها الأرملة ؟
في البدء أشكرك على اختيار هذا الموضوع المهم للغاية، حيث تواجه الأرملة الصغيرة تجاهلا لعواطفها ومشكلاتها من أقرب المقربين لها، فكل ما يحدث هو التعاطف معها في أول المصيبة، ثم إظهار العطف عليها بعد ذلك، وإذا كان الأول منقبة وإيجابية، وتلبية لاحتياج نفسي حقيقي، فإن الآخر مصيبة أخرى تضاف إليها، حيث بتم تعميق الأحاسيس السلبية في نفسها بعدد من الكلمات الحزينة البائسة اليائسة، ونعتها بالمسكينة ورديئة الحظ والفقيرة … في حين هي في أمس الحاجة إلى التعزيز، والمساندة النفسية.
إن الأرملة الصغيرة تحتاج ـ ذاتيا ـ أن تستشعر الواقع بعين الحقيقة، وأن أمرا جسيما وقع عليها في شكل ابتلاء واختبار، فإن نجحت فيه وصبرت واحتسبت، أجرت، وإلا فقد فقدت أول قوة تحتاجها، وقد ورد في الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه قال: ((مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال اتقي الله واصبري قالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه فقيل لها إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين فقالت لم أعرفك فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) رواه البخاري.
ثم تخطو الخطوة الأخرى وهي: دراسة الواقع الجديد، وهو أنها أصبحت بلا زوج، فإن كانت بلا أولاد ولا حمل ـ كذلك ـ فعليها أن تلبث أربعة أشهر وعشرا، ثم تعود إلى حياتها النفسية الأولى بقدر ما تستطيع، فعن زينب بنت أبي سلمة أخبرته قالت دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب فمست، ثم قالت: ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا)) رواه البخاري.
ثم تبعد عن الأوهام، وتكف عن الإعلان عن أنها لن تتزوج وفاء لزوجها الأول، فإن من الوفاء له أن تقي نفسها الزلل بعده، ومما يؤهلها لذلك قبول الزواج من رجل آخر ترضى دينه وخلقه، وهنا قضية أخرى، وهو تسرع بعض الأرامل في قبول أي شخص؛ مخافة ألا يأتي غيره، فربما وقعت في رجل لا يناسبها فتجرب الطلاق بعد الترمل، وهذا شديد على النفس.
وإن كانت ذات ولد، فإن كانوا صغارا جدا وقليلين، فلا بأس من الزواج من رجل صالح؛ لأنها في حاجة إلى الزواج نفسا وجسدا، وهو في حاجة إلى أب أو من يقوم مقامه، والحياة ذات تكاليف باهضة تربية ومالا.
وإن كانوا أولادا كبارا وكثيرين، فلعل الاكتفاء بالزوج الأول خير، وتجعل بقية حياتها لأولادها؛ حتى لا يتشتتون، وتنشب المشكلات المتشابكة.
والمسألة تعود إليها؛ فالنساء يختلفن في الحاجات النفسية والجسدية، والمواقف.
الجوانب الاقتصادية وما يصرف لها من الضمان الاجتماعي ( بيت مال المسلمين ) هل تؤمن حاجتها فعلا؟
دون شك فإن المال المخصص للفقراء والأرامل والأيتام والمحتاجين بشكل عام، لا يمكن أن يكون كافيا تماما، في ظل تزايد الاحتياجات اليومية، وضغط الواقع الاجتماعي الذي يجر الناس كلهم إلى منطقة واحدة، يتساوون فيها في المظاهر العامة، إلى حد تقاربي كبير، ولكن الحقيقة هي أن الأرامل الصغيرات هن أكثر المحتاجين والمحتاجات ليكفين ـ تماما ـ كل احتياجاتهن؛ لسد ذرائع الشر، وليتفرغن للعناية بأولادهن، وإن استطاعت الأرملة أن تعمل فلتعمل بقدر ما تستطيع في مأمن على عرضها ونفسها وأولادها، على أن على الأهل والأقارب وربما الجيران واجب الاهتمام والرعاية بها وبأطفالها، وألا تحتاج إلى غيرهم لو استطاعوا.
فترة العدة , وعدم الالتفات لذلك من قبل الجهات الحكومية , إذ يتم استدعاؤها وإخراجها في تلك الفترة الحرجة , وعدم التعجيل في إنفاذ ما خرجت له .
لعل الجهات الشرعية تكون أولى الجهات حرصا على إقامة شرع الله تعالى، وتنفيذه الفوري، ومن بين ذلك عدم اضطرار الأرملة أن تخرق عدة الوفاة بخروج إلا للضرورة القصوى، ونحن الآن في فترة تطوير القضاء، والجودة في الأداء، فلماذا تتأخر هذه المناحي المهمة في التعامل مع الجمهور، ولا سيما حين تكون أرملة مصابة مكلومة في أقرب الناس إليها، وقرين عشها، إنها تحتاج فعلا إلى أن يخصوها بمزيد اهتمام؛ بتعجيل معاملاتها، وتنفيذ الأحكام الخاصة بها.
هل الأرملة الصغيرة أدرى بمنافع وأضرار أسرتها الصغيرة من غيرها أم تحتاج لموجه ؟
الأرملة كأي إنسان؛ صغيرا كان أم كبيرا، يحتاج إلى مشورة، وربما إلى توجيه، وليس هذا من فرض الوصاية عليها، بل هو من باب مشاركتها في بناء حياتها، بعد التحول الرهيب الذي حدث لها.
الازدواجية بين وجوب الوصاية على الأرملة .. وقيام الأرملة بالوصاية على الأبناء ,, كيف هي ؟
ليس ثمة ازدواجية، فللأرملة ولي يقوم بشؤونها ويخدمها، ولها هي حق الأمومة على أولادها.
وهل حاجتها للوكيل الشرعي حاجة ملحة , أم هي مجرد إجراءات قانونية شكلية ليس أكثر ؟
بل لها ولي شرعي، وأما الوكيل الشرعي؛ فهو في غير ذلك من تجارة وصناعة و…
هل من رسالة توجهونها للأرملة ,, بحيث يتم التركيز فيها الجوانب الايجابية والنظر إلى نصف الكأس المملوء ؟
لعل في سؤالك ما يكفي عن الإجابة.. فإن الحياة من حولنا ملأى بالجمال، وبقاء الزوج حيا نعمة، ولكن ليس دائما، فقد كنت أسمع ليلة البارحة قصة زوجة تدعو على زوجها بالهلاك لسوء خلقه وفساد تمسكه بدينه، ورب أرملة أسعد من متزوجة، ولعل في المصيبة نقلة إلى ما هو أجمل وأعظم أجرا. وربما يكون الترمل دافعا قويا لتربية مثالية للأولاد؛ ليكونوا من عظماء الدين والدنيا.
الحقوق الشرعية و القانونية .. هل تعرفها المرأة ؟ ومن المسؤول عن تعريفها بها ؟
للأسف فإن الجهل بالحقوق والواجبات شائع لدى النساء والرجال، على كل الأصعدة، ودعيني أعيد الكرة إلى ملعب الأرملة، فأقول هي التي يجب أن تسعى للتعرف على حقوقها وواجباتها.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.