جريدة المدينة – ملحق الرسالة – تهاني السالم

1- ما دواعي التجسس؟

في الوقت الراهن، ومع التقدم التقني الرهيب في الاتصالات أصبحت قضية التجسس سهلة، ولها ما يبررها لأول وهلة، فالنساء والرجال يسمعون حكايات ومواقف كثيرة اكتشف فيها أحد الزوجين علاقة الطرف الآخر بأطراف خارج السرب الزوجي، مما يجعل التوجس من نشوء علاقات جديدة واردا على كل أحد. والشكوك الزوجية هي التي تدفع أحد الزوجين للتجسس، والتي تبدأ:

• حين يلاحظ أحدهما أن الآخر فتر معه عاطفيا.
• حين تبدو علامات الخوف والتردد والارتباك بمجرد وجود الطرف الآخر معه وهو يتحدث بالهاتف، أو يفاجئه عند الحضور في المنزل أو مثل ذلك.
• حين تكون لدى أحدهما سوابق علاقات عاطفية محرمة قبل الزواج؛ فإنه تزداد لديه الحساسية تجاه أي تصرف ولو كان غير مريب.
• حين يكون أحد الطرفين يعمل في مكان مختلط بين الرجال والنساء، أو في عمل فيه تواصل بين الجنسين ولو بالهاتف، يحدث القلق ثم الشك ثم التجسس.
• حين يثير أحد الطرفين شكوكه ضد الآخر دون دليل، في لحظة غضب، فيسقط في يده.

2- الغيرة المنضبطة كيف السبيل إليها؟

الغيرة إما أن تكون مزرعة للحب، يتلذذ بها الزوجان، وإما أن تكون محرقة للحياة الزوجية تنهيها أسوأ نهاية، والسبيل إلى الغيرة المنضبطة:

• التوازن في العاطفة، أحبب حبيبك هونا ما، لأن الجنون في الحب قد يؤدي إلى الجنون في الغيرة.
• تكون الغيرة المنضبطة داعية قوية للاهتمام بالطرف الآخر إحساسا ومشاعر ودفئا؛ ليحافظ عليه من اقتحام مشاعره أو عينيه من أي طرف غريب.
• تبادل الثقة بين الزوجين، فإن من تخون صاحبه خانه، أو دله على الخيانة.
• مساعدة الطرف الآخر على إزالة الشكوك بالوضوح في التعامل.
• مراقبة الذات في الغيرة، بحيث تعاد النفس إلى موقعها الطبيعي كلما ابتعدت عن الشاطئ حتى لا تغرق السفينة كلها.

3- دور الأسرة بدءاً ثم دور الأزواج في تهذيب أنفسهم ؟

الضبط الانفعالي، أصبح علما يدرس ويدرب عليه، فلماذا لا يسعى من ابتلي بفرط الغيرة والانفعالات للدخول في برنامج الذكاء العاطفي أو الوجداني، ولماذا لا يسعى المريض بالغيرة بالاعتراف بمشكلته، بكل وضوح حتى ينقذ حياته، وحياة أسرته من شرور الغيرة المرضية التي قد تؤدي إلى الجريمة والقتل، وللغيرة المرضية علاج بالعقاقير والجلسات.

بل إن كل زوج وزوجة مدعوون إلى برامج التأهيل للحياة الزوجية مهما كانت أعمارهم.

4- الرقابة الذاتية بين الأزواج كيف ننميها؟

بأمور كثرة: أولها: الوازع الديني الذي يهذب النفس، ويجعلها تخاف خالقها سبحانه وتعالى أكثر من خوفها من الناس، ولذلك فإن من تواصل عاطفيا مع طرف آخر غير زوجه سواء أكان ذكرا أم أنثى، فإنه لم يخن زوجه فقط، بل خان الله تعالى قبل ذلك، والله تعالى يغار، وغيرته أن يأتي العبد ما حرمه عليه، والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وثانيها: بالشعور بأن من خان زوجه، فقد يعاقب بخيانة مماثلة، وفي حالات عديدة تقدم المرأة على الانتقام من زوجها في عرضه، فتخونه مع آخر نكاية به، وقهرا له، وشفاء لما في صدرها، وهو تصرف أهوج، إذ كيف تقدم على خيانة الله تعالى في نفسها، ثم تعرض نفسها للجريمة، وتدني نفسها من أهل السوء الذين ربما صوروها واستعبدوها وأذلوها، وربما حملت فاختلطت المياه فلا تعلم أي ولد هذا!!! فالخطأ لا يقابل بالخطأ.

وثالثها: يجب أن يقنع الغيور من الزوجين نفسه، أن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه، فأما الأولى فهي الريبة، وأما في الأخرى فهي التي تكون في غير ريبة.

ورابعها: أن الحياة الزوجية حياة دائمة بإذن الله، فيجب أن يعلم الزوجان أن تلويثها قد يبقى أثره طوال الحياة.

5- هل ساهم الإعلام بنزع فتيل التجسس أم أججه ؟ وكيف ذلك؟

الإعلام اليوم وراء كل إيجابي، ووراء كل سلبي، إنه يصنع الآراء والتوجهات والنفوس، إنه الساحر الذي ينبغي أن ننتبه لكل حركاته. ولا شك أن الإعلام أجج التجسس بما يمثله من أدوار الخيانة في كل مسلسلة وفلم وأغنية، وبما يزرعه في نفوس الأزواج من احتقار للزوجات، حين يشاهد الرجل من هي أجمل وأرق في عينه من بنات الهوى اللاتي اجتمعت عليهن أيدي الرجال ليخرجن في هذه الصورة المصطنعة، ثم يبدي الرجل إعجابه أمام الزوجة، فيشعل في نفسها الغيرة، ثم تبدأ تتحسس وتتجسس على هاتفه، وعلى جهازه الحاسوبي ونجو ذلك لتبحث عن امتدادات التفاته عنها، بثورة عارمة.

6- إذا شعر احدهم بريبة أو شك هل يحق له التجسس على الآخر؟

نعم، يحق له ذلك، بشرط أن تكون قوية، لا وسواس فيها ولا تمحل.

7- الكثير من مشاكل الطلاق مبدؤها من نزع الثقة فكيف نحاول رأب الصدع عند إنتزاع الثقة وولوج الشك؟

بالوضوح في التعامل، ولا سيما فيما يتصل بوسائل الاتصال كالهاتف الجوال والإنترنت والسفر للخارج. وبالحوار الإيجابي الصريح عند لمح أية ريبة قوية.

8-حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: “ثلاث لازمات لأمتي: سوء الظن، والحسد، والطيرة.. فإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فاستغفر الله، وإذا تطيرت فامض” (ابن حبان والطبراني). بضوء هذا الحديث كيف نستلهم الهدي النبوي وننتهجه منهاج حياة؟

الظن الذي لا يتحقق الإنسان منه، هو الوارد النفسي الذي لم يصل إلى حد يدفع إلى الخوف على النفس أو العرض، ولذلك فإن بعض الظن إثم، وليس كل الظن، وإذا كنا هنا نحارب التجسس، فإنه مطلوب أحيانا في حالات محدودة ضيقة جدا ، ينبغي أخذ رأي المستشار فيها، قبل الإقدام عليها، ثم تترك نتائج تحليلها للمختصين، فقد وردتنا بعض الحالات وجدنا أن الزوج أو الزوجة كانا مظلومين رغم وجود الأدلة، كرسالة وصلت زوجة باسمها الصريح، ثم تبين أنها ليست لها، ورسالة وصلت لزوج، تبين أنها كانت موجهة لصديقه، فأرسلها صديقه ليستشيره في الأمر، ورجل وضع كاميرا على غرفة نوم زوجته، فرأى تغير الصور في التلفاز، مع عدم وجود زوجته فظن أن في الغرفة رجلا، فتبين أن المحطة كانت تغير مشاهدها بسرعة كما تفعل الفضائيات في الدعاية لبرامجها، وهو يظن أن هناك من يحرك الريموت.