جريدة اليوم/ عبد اللطيف المحيسن
س/كيف تستعد لشهر رمضان المبارك؟
ج/ يستعد المسلم لشهر الخير بالحرص على تنقية صحيفته من الذنوب، بكثرة الاستغفار والتوبة النصوح.
كما يستعد إمام المسجد بتهيئة المسجد للمصلين بكل ما يريحهم ويزيد من فرص الخشوع في عبادتهم، ولعل في موائد الإفطار الممدودة من أهل الخير فرصة جميلة لمضاعفة الأجر، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، كما يستعد الإمام بالدروس والمواعظ وتوزيع الكتب الرمضانية الحاثة على الاستفادة القصوى من فرص الأجر الوفير في هذا الشهر الفاضل.
س/ليلة النصف من شعبان هل هي من الإسلام في شئ؟
ج/نعم لليلة النصف من شعبان فضل عظيم، فقد ورد في سنن ابن ماجة: ((إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقة إلا لمشرك أو مشاحن))، وهي فرصة لمراجعة النفس مع كل مسلم أو قريب لتصفية النفوس، ورفع الشحناء، ولم يثبت شيء عن إقامة عبادات خاصة بها، والله تعالى أعلم.
س/ما رأيك في القرقيعان وما الأصل فيه؟
قضية أخذت مناحي عديدة في التعامل معها، فمن مشايخنا من رأى أن منشأها الاستعمار البريطاني في البحرين؛ فرفضها، ورأى أنها محرمة لمنع التشبه بهم، أو لأنها متعلقة بليلة معينة فهي تشبه اتخاذ يوم معين عيدا وهو ليس من أعياد المسلمين المشروعة؛ الأضحى والفطر والجمعة؛ فهي بذلك عبادة محدثة وبدعة منكرة. ومنهم من رأى أنها مجرد عادة اتخذت وقتا معينا، وأصلها من عادات أهل الخليج؛ ومنشؤها الفقر الذي كان مخيما في وقت من الأوقات على جميع بلدانه، فتكون تلك الليلة فرصة لتوزيع الحلوى والمأكولات والمكسرات على الأطفال، منشدين بعض الأناشيد والأهازيج الشعبية. والمسألة محل نظر، وتستحق عقد ندوة خاصة تطرح فيها جوانبها بكل شفافية وهدوء وتجرد؛ حتى يخرج المنتدون بفتوى معللة ومقنعة للناس.
س/كيف نستطيع أن نحسن من عبادتنا، وتقويم أنفسنا في رمضان؟
شهر رمضان فرصة للتغيير، والعودة إلى محاضن المساجد ؛ لاستمداد الراحة التي هربت منا خلال الحياة اليومية الراكضة، فرصة للقيام بعبادات نقصِّرُ فيها طوال العام، من الصيام والقيام والصدقة وقراءة القرآن وصلة الأرحام. ولعل وضع جدول محدد لكل منا نحشد فيه كل ألوان العبادات، ثم نطبقه بعناية ودقة وحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، سوف يجعلنا نحس بأننا عشنا هذا الشهر الكريم بروحانيته العالية. غير أننا لا بد أن نعلم أن شرط القبول، وهو ما نتوق إليه جميعا، هو صحة النية، وصحة العمل، فأما الأولى فهي في دواخلنا، وأن نعلم أن الله مطلع عليها، وكلما صفت نياتنا ارتفعت وسمت نفوسنا وأحسسنا بلذائذ العبادات أكثر؛ وصفاء النية له أثر عظيم في قبول الصيام وحصول المغفرة؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) [رواه البخاري ومسلم].
وأما الأخرى فلا بد من معرفة أحكام العبادات التي نقوم بها من أهل العلم الشرعي والفضل، من خلال المحاضرات التي يقدمها مركز الدعوة والإرشاد قبيل الشهر الكريم وخلاله، ومن خلال الخطب والدروس في المساجد، ومن خلال التثقيف الذاتي بالقراءة في كتب العلم، وسماع الأشرطة الموثوقة.
س/عادة السهر في الليل والنوم في نهار رمضان ما رأيك فيها؟
ج/الله تعالى يقول: {وجعلنا نومكم سباتا، وجعلنا الليل لباسا، وجعلنا النهار معاشا}، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (( أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)) [رواه البخاري 4776]. هذه هي الفطرة، ومخالفة الفطرة لها عواقبها الوخيمة على الصحة النفسية والعافية الجسدية، ولا تزال الأبحاث الطبية تثبت هذا الأمر وتؤكد ضرورة النوم ليلا، وتمنع الشركات من استدامة عمل الموظف ليلا.
س/هناك من يرى أن شهر رمضان هو شهر عبادة وليس للعمل، فما رأيك؟
ج/هذا مجرد عذر لقوم جعلوا صيامهم حجة لهم عن تقصيرهم في أداء واجباتهم على الوجه الحسن، فعللوا تأخرهم في قدومهم إلى وظائفهم بأنهم كانوا نائمين، ونوم الصائم عبادة !!، وعللوا تراخيهم عن إتقان أعمالهم بأنهم مرهقون بسبب الجوع أو العطش، وللصائم الحق في أن يخفف عنه من جهد العمل ومشقته، وعللوا خروجهم المبكر قبل أن يستوفي وقت العمل حقه، بأنهم محتاجون لقضاء بعض اللوازم للإفطار!! وعللوا تذمرهم من المراجعين، وسلاطة ألسنتهم على الناس بأنهم .. أستغفر الله .. صائمون!! فيا ليت شعري كيف يفسر هؤلاء أثر الصيام على أنفسهم ، وكيف يفصلونه على قدود مشتهياتهم ؟!
رمضان شهر العمل والبذل والعطاء ، لا شهر الكسل والخور والضعف ، شهر وقعت فيه أكبر الانتصارات في الإسلام في القديم والحديث ، فلم يكن عائقا عن أداء مهمة ، ولا داعيا للتقاعس عن إتقان عمل .
{ إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه } . حديث جليل لا يتخلف مراده بتغير الأزمان ، وقاعدة عظيمة لا تختل بظرف طارئ ، كيف والصوم عبادة تؤدى لله ، هدفها الأول تربية التقوى في النفس المؤمنة ، يقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } . والتقوى وازع إيماني عميق الجذور ، إذا تغلغل في النفس كان حاجزا مانعا لها عن كل ما يسخط الله ، ودافعا قويا لها إلى كل ما يحب الله ، والإتقان مما يحب الله ، وهو من صفات الكمال التي اتصف بها عز وجل ، قال تعالى : { الذي أتقن كل شئ خلقه } .
وصح عنه e قوله : (( وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ )) . تخيل معي لو أن كل صائم منا حمل هذه الراية البيضاء ، إذن لبكى الشيطان بكاء مرا !! لأننا أفشلنا أكبر مؤامرة خطط لها من أجل إفساد عبادتنا ، وذات بيننا .
شكرا لك أخي الأستاذ عبد اللطيف على إتاحة الفرصة لي للتواصل مع القراء الأعزاء والقارئات الكريمات قبيل هذا الشهر الكريم.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.