آمال المثقفين

مخيلات المثقفين مشحونة بالأحلام، وأقلامهم كلت من الكتابة، ولن تجلس إلى أحد منهم إلا فاض عليك بالآمال العراض من أجل مستقبل أكثر خصوبة في المجال الثقافي في بلادنا. 

ولعل من أبرز ما يتمناه المثقف هو أن يجد البيئة التي تكون صالحة لغراسه، ممثلة في ناد أدبي، أو مركز ثقافي، أو حتى مكتبة نشيطة، أو منتدى فاعل، على أن تدار بمهارات إدارية عالية، تكون قادرة على التخطيط السليم، والتواصل المتميز، والتنفيذ الناجح. 

أن تزيد وزارة الإعلام من دعمها المالي والمعنوي لتلك الإدارات وتوسع من مساحات الحرية، وتتيح للمثقفين أن يختاروا إداراتهم، وأنماط نشاطاتهم.

وتمثل مشكلة النشر للمثقف السعودي والعربي إشكالية كبرى، حيث يبقى المثقف يلوك أفكاره ونتاجه الفني والعلمي، دون أن يجد الفرصة السانحة لبث مجتمعه ما يعتلج في صدره، ويدور في عقله، ويجول في مخيلته. ولعل تضحك وتبكي في آن حين تعلم أن بيوت المثقفين والأدباء أصبحت مستودعات لمخطوطاتهم أو كتبهم المطبوعة التي لا تجد طريقها إلى السوق بفاعلية.

والذي يتعامل مع دور النشر يعرف جيدا ما أقول، فلها من اسمها نصيب، على أن هناك حصارا من نوع آخر على المثقف، جاء من الكسل الثقافي العربي الشامل، حيث تبقى المؤلفات السعودية ـ إذا نجحت ـ تدور في السوق السعودية، ولا تستطيع أن تستعير أجنحة القطا لتحلق في أجواء أخرى إلا قليلا جدا.

ومعاناة أخرى في إطار النشر مع الأندية الأدبية التي تسوف للمثقف، وتؤجل، حتى يمل ويكل، وإذا طبعت فبعدد قليل، ثم تضعف في مكافأته من جانب، وتسويق الكتاب من جهة أخرى.

من الآمال العراض أن يتفرغ المبدع السعودي لإبداعه، بدلا من أن تستهلكه الحياة من أجل تأمين لقمة عيشه، والحياة الهانئة لأولاده، وتفوته الفرص بسبب انشغاله بزيادة دخله.

من الآمال أن يجد المبدع السعودي فرصة التواصل مع أمثاله من المبدعين في فنه في الخارج، في إطار رسمي، على ألا تذوب الثقافة السعودية الأصيلة، ذات الصبغة الإسلامية في الثقافات الأخرى.

من الآمال أن تجد الأطياف الفكرية السعودية فرصة اللقاء الهادئ الرزين، من أجل حوار تتقارب فيه، وتتوحد، ولو على بساط الوطن الذي يضمها جميعا بين حناياه.

ومن الآمال العراض أن يجد شداة الأدب، وناشدو الثقافة من الشباب فرصتهم الكاملة ليشبوا على ما رغبوا من فنون الأدب والثقافة في محاضن تجمع بين التربية والأدب، بعيدا عن هيمنة الأدباء الكبار ونرجسيتهم.



اترك تعليقاً