في أثر الحجيج

قيمة الإنسان تظهر في عمله ، وتزداد قيمته كلما تعدى نفعه إلى الآخرين ، حينئذ يكون حقلا مثمرا يقيل فيه الضاحون ، وغيمة كريمة يغاث بها الملهوفون ، وصدرا رحبا يسكن إليه المحتاجون . وأنت اليوم مدعو أيها القارئ الكريم إلى مثل هذا وأنت تستقبل ضيوف الرحمن ، مارين في ديارك ، أو وأنت معهم في الديار المقدسة ، وكأني بك تقول لهم :

منزلنا رحب لمن زاره              نحن سواء فيه والطارق

نعم أنت جزء من هذا الوطن الغالي الذي يتشرف بخدمة الحجيج ، والسهر على راحتهم ، فلا تقل ليس في قدرتي أن أخدمهم بشيء فإن في مقدورك كثير :

ومن عرف المحامد جد فيها           وحن إلى المحامد باحتيــاله

ولم يستغلِ محمــدة بمال            ولو أضحت تحيط بكل  ماله

إن الذي ينبغي لك أن تخدم في المجال الذي تجيده ، فإن كنت من أهل العلم ،  فلا تبخل على إخوانك بعلمك ، ولا سيما حينما يستفتيك أو يستنصحك ، فهو حينئذ واجب عليك أن تؤديه .

وإن كنت ترى أن لك في الدعوة راية وميدانا ، فانهض إليها غير هياب ، فهي باب من أبواب النجاة لك ولقومك ، بالوعظ والخطابة والمحاضرات ، وتدبيج المصنفات والمقالات ، وسائر وسائل الإعلام ، وإن عجزت عن ذلك فلا أقل من المشاركة في توزيع الكتب والرسائل على الناس ، فكأنك حاضرت وخطبت وكتبت ودعوت ، كل ذلك ضمن المؤسسات الرسمية المعنية بذلك وتحت إشرافها .

وإن كنت من أهل البر والمعروف فأسهم في إقامة المساجد والمبرات والمستوصفات في طريق الحجاج ، وتوزيع الأطعمة والأشربة على ضيوف الرحمن ، أعن محتاجهم ، وفرج عن مكروبهم ، وأغث ملهوفهم ، واحمل لمحتاجهم ، وداو مرضاهم . فقد ذهب أهل الدثور بالأجور .

وإن كنت موظفا في مصلحة عامة من مصالح الحجاج فاحتسب أجر نفعهم والسهر على راحتهم وإنهاء معاملاتهم ، فالرسول يقول : (( عينان لا تمسهما النار أبدا : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله )) . واعلم أن رسول الله يقول كذلك : (( من ولي  من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به )) مسلم ، فاتق الله في نفسك وفيما استرعاك الله عليه .

وإن كنت طبيبا فما أشد حاجة الحجاج إلى مجهودك ، أسهم بما أنعم الله عليك من العلم والعمل ، كن واحدا من بعثة طبية ، أو فردا في حملة وطنية ، حاملا حقيبتك وحبك للمسلمين ، تخفف عن عليل ، وترسم البسمة على ثغر صغير ، وتكون سببا في نشاط عابد لله تعالى في ميدان عبادته ، فلعل الله أن يرفع بذلك درجتك .

وإن كنت صاحب حملة ، فاتق الله في رعيتك ، أكرم نزلهم ، ووسع معيشتهم ، وأحسن معاملتهم ، وسهل أمر تنقلهم ، واحذر دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب .

أخي المسلم في أي موقع كنت فأنت على ثغرة من ثغرات الحج فالله الله أن تؤتى من قبلك ، وأبشر بالذي يسرك :

فما خاب بين الله والناس عامل      له في التقى أو في المحامد سوق

أثابك الله على كل عمل تقوم به من أجل خدمة إخوانك الحجيج ، وهنيئا لك دعواتهم الصادقة ، وتقبل الله من الجميع كل عمل صالح في هذه الأيام المباركة .

برقية :

إلى كل حاج ..

لا تنس إخوانك ضعفاء المسلمين في كل مكان من دعوة صالحة في يوم عرفة ..



اترك تعليقاً