لماذا نتعلم الإنجليزية؟

أشعر بالحرج حينما أذيع بأنني حتى الآن لا أجيد المحادثة بالإنجليزية ، على الرغم من إعجاب بعض أصدقائي بما أمتلكه من لغة مهشمة الأضلاع ، منزوعة الأضراس ، ربما تنقذني وتنقذهم في بعض المواقف التي لا يجدون فيها غيري ،         في مستشفى أو محل تجاري أو نحو ذلك ، ولا شك أنني أصبحت جديرا بإعجابهم ؛ لأنهم يجهلون هذه اللغة تماما ، هل تتصور أن يوجد من يجهل الإنجليزية اليوم تماما ؟!!

وأعود لنفسي لأعجب من حالي وحالهم ؛ حينما أتذكر أننا درسنا سويا عشر سنوات متواصلة في كل فصل منها تقريبا مقررا جديدا .. ولكن دون جدوى ..

خسارة حقيقية أن ندرس عشرات الساعات دون جدوى ..

وحين تأملت طلبة اليوم لم أجد فرقا بيننا وبينهم ، فلا يزال عدد من معلمي الإنجليزية ومعلماتها يدرسون أبناءنا وبناتنا بطريقة عقيمة ، مما يضطرهم إلى اختصار المنهج بعيدا عن رقابة الموجهين والموجهات ، واختيار ما خف حمله وهزل ثمنه من القواعد ووضعها في ورقة خارجية لتغري أصحاب السعادة طلبة العلم بالتفضل بحفظها مشكورين ومشكورات ، مع بعض نماذج الأسئلة ، التي سيأتي الاختبار العزيز طبقا لمواصفاتها ، وتكون في دائرة النجاح الممكن تحقيقه ، ومن ثم تسهل المادة التي يشتكي أولادنا من كونهم لا يفقهون منها شيئا ، ؛ بسبب كون المعلم يدخل ويتحدث بما شاء باللغة الإنجليزية دون ترجمة أية كلمة إلى العربية وذلك منذ السنة الأولى المتوسطة ؛ حتى يضطر الطلاب لتعلم اللغة الجديدة ( غصبا عنهم ) ؛ كما تقول النظرية الحديثة.

والعجب الثالث أن تجد وزارة المعارف الحل في أزمة تعلم اللغة الإنجليزية في تقرير اللغة في الابتدائية !!

لقد كنت ممن فرح جدا بهذا القرار المنتظر ؛ لكوني مؤمن بضرورة تعلم لغة العلم المعاصر منذ وقت مبكر ، حتى تكون لغة أخرى في ألسنتنا ، ولكن الواقع يختلف عن الأمنيات ، فإذا كانت الصفوف العليا في الجامعات والثانويات لم تستطع أن تنجح في تعليم اللغة ، ولذلك يسير بعضها وفق مبدأ ( نجح .. نجح ) ؛ لتمرير الطلاب عبر المراحل الدراسية ، فكيف بالمرحلة الابتدائية ؟

ولماذا نبتعد أن عن دراسة أسباب هذا الفشل ، ونهرب إلى الوقوع في وحل جديد ، ربما تكون فيه زلة أقدامنا .. لا قدر الله .

إن على وزارة المعارف الموقرة ، قبل أن تبدأ في تطبيق هذا القرار الصائب ، أن تجهز جيشا كاملا من المعلمين المدربين والمؤهلين على الأساليب الحديثة لتعليم اللغة الأجنبية لغير الناطقين بها ، وهو اختصاص موجود في جامعاتنا وجامعات الدنيا كلها ، قبل أن يحمل المنزل عبئا جديدا من الدروس الخصوصية التي تغطي النقص الهائل في قدرات بعض معلمينا على التوصيل في مقررات الرياضيات والعلوم واللغة العربية ، والتي يقوم بها الأب ، وتقوم بها الأم ، وربما يقوم بها معلمون آخرون بأجور إضافية على ميزانية البيت المسكينة .

ولا بد ـ كذلك ـ من تحديد الهدف من تعليم اللغة لأولادنا ، وصياغة المناهج على هذا الأساس ، وحشد الوسائل التعليمية المتميزة في كل مدرسة ؛ لتساعد على تفعيل هذه المادة المهمة جدا ، وجعلها محببة للطلاب والطالبات ، ظاهرة الفائدة والنفع لهم ، تمتزج بحياتهم ، وتحل مشكلاتهم ، وتجعلهم يقبلون عليها بنهم وشوق ، ويرون اتصالها المباشر باحتياجاتهم الحياتية .

وأخيرا .. تحية إعجاب وتقدير لوزراة المعارف ورئاسة تعليم البنات على الجهود الرائعة التي يبذلونها باستمرار لتطوير المناهج ، والسعي لرفع مستوى التعليم لأبنائنا وبناتنا .

بصمة :

إننا نريد أن نتعلم الإنجليزية لنقرأ ونتحدث ونفهم بها ، لا لنقول : إننا درسنا الإنجليزية ودرَّسناها



اترك تعليقاً