كنت واحدا ممن فقدوا معالم الزمان والمكان ، وهم يسبحون في جنان الفرحة.. خلال استعراض فعاليات الملتقى الثالث للأنشطة الطلابية في كليات المعلمين المقام    في كلية المعلمين في الأحساء ، والذي تم الاحتفاء بالمشاركين فيه في قاعة هيئة الري والصرف ، برعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية ، وحضور صاحب السمو الأمير بدر بن محمد بن جلوي محافظ الأحساء .

النشاط غير المنهجي ليس جديدا على مؤسساتنا التعليمية ، فمنذ أن أرسى الملك عبد العزيز رحمه الله أسس التعليم في مملكته الفتية والنشاط المدرسي يسير جنبا إلى جنب مع المناهج التعليمية ، كل ذلك إيمانا بأن إعداد الشخصية المتكاملة لإنسان هذه الوطن المتناغم مع هموم أمته بشكل ريادي ، يجب أن يكون شاملا لكل النواحي التي تشكل كيانه ، فليست مهمة المدرسة أو الجامعة أن تحشو الطالب بالمعلومات فحسب ، بل أن تحول هذه المعلومات إلى ممارسة حياتية فاعلة ، ولا يمكن أن يتم هذا الأمر بدون النشاط غير المنهجي .

إن النشاط في كليات المعلمين ـ كما ذكر سعادة وكيل وزارة المعارف ـ  مقرر على المستوى النظري والتطبيقي ، وما شاهدناه في الحفل مثال حي على الاهتمام البالغ الذي توليه الوزارة لهذا الجانب المهم .

لقد قدم الملتقى نماذج رائعة من حفظة كتاب الله ، والخطباء والشعراء والمقاليين المبدعين ، والفنانين في المجال المسرحي الهادف ، واللاعبين في شتى فنون الرياضة .. وكثير جدا من الأنشطة المنوعة ، وكل ذلك في النهاية في سلة الوطن الذي ينتظر الإبداع لا التقليد ، والجودة لا الفوضوية ، والإعداد القوي لا السطحية في التعامل مع الطالب والمستقبل .

إن هذه الأنشطة تسهم بدور فاعل في اكتشاف المواهب وصقلها ، وتنتمية القدرات العقلية والمهارات الفكرية والجسدية ، وتمد الجسور بين الأستاذ والتلميذ ، بعيدا عن رتابة المحاضرات وثقلها النفسي أحيانا ، وفي علم النفس درسات وافية لأهمية دور المعلم المبدع في رفع مستوى طلابه وتأهيلهم القوي للمستقبل .

إن عدم قيام أي مؤسسة تعليمية بمثل هذه الأنشطة إنما هو هروب من المسؤولية، وتكاسل عن واجب ، وتفويت الطلبة الذين ينضوون تحت مظلتها فرصة ثمينة قد لا تتكرر ، بل قد تتسبب في اندثار مواهب كانت الأمة في حاجة إليها .

وإن استعراض سير عدد من أعلامنا في مجال العلم والخطابة والأدب بل مسؤولي الدوائر الحكومية الناجحين سوف يكشف لنا أن كثيرا منهم ( على الأقل ) كانوا قد مروا بتجارب ناجحة خلال دراستهم في مراحل التعليم المختلفة . وعلى سبيل المثال فلا يزال كثير من شوامخنا في الأحساء يذكرون أثر النشاط الذي كان في المدرسة الأميرية الأولى ، والمعهد العلمي منذ إنشائه حتى الآن ، ولا سيما في الفترة التي كان يديره الشيخ عبد الله بن خميس ، حيث أقام فيه ناديا أدبيا بكل ما يحمل هذا المصطلح من معنى .

كان الحفل ـ بحق ـ مرآة رائعة النقاء والبهاء للجهود الكبيرة التي بذلتها الكليات الثمانية عشر المشاركة في الملتقى ، وكلية المعلمين في الأحساء على وجه الخصوص ، والعدد الكبير الذي شارك في هذا اللقاء من الطلاب يعطي الوزارة الحق في شعارها الحضاري الذي ترفعه : ( الجميع يشاركون في النشاط والمتفرجون صفر ) .

بصمة :

ليس من حق القريب أن يبخس حق قريبه ليثبت موضوعيته ..