- ·تشكل المهرجانات السياحية في المملكة ظاهرة اجتماعية وثقافية ضخمة ، وتجربة في غاية الأهمية ، تستحق كثيرا من المراجعات والتقويم في كل عام ، لتتوافق مع طبيعة مجتمعنا وقيمه ، ولتصل إلى أهدافها العليا ، وهي تنشيط السياحة في الداخل ، والحد من إهدار الأموال الوطنية في الخارج ، ولا سيما خارج الوطن الإسلامي .
- ·وقد اتخذ كل مهرجان سمة خاصة ، لا يمكن أن تنسحب على الآخر ، أثرت فيه طبيعة البيئة جغرافيا واجتماعيا ومكانة تاريخية .
- ·ولأنني لم أدخل سوى تجربة واحدة هي تجربة ( المدينة النبوية ) فسوف أقتصر على الرؤية الخاصة التي انطبعت بها حينما تشرفت بالإسهام في برنامج مهرجانها السياحي خلال الأسبوع المنصرم .
- ·للمدينة بيئة ذات طبيعة هادئة ، ينسجم فيها أرج البساتين ، وزهو النخيل، وظل الداليات ، مع طبيعة أهلها الريفية الرائعة ، وجلال الرسالة ، هناك سوف تنسى حرارة الجو ؛ لتتنشق عبق التاريخ ، وروحانية الحرم ، وشعورا لا حدود لأطرافه حين ترمق مرقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صاحبيه ..
- ·للمدينة خصوصية تلمحها في كل شيء .. وتعيشها في كل لحظة .. وتعب منها بكل عشق .. وتحس أنها منك وأنت منها .. تمثلها بعقيدتك .. بسلوكك .. بانتمائك .. بتوحدك معها حتى يملكك الشعور بأنكما لا تنفصلان أبدا .
- ·للمدينة خصوصية عرفها ولاة الأمر حق المعرفة .. فجعلوا مهرجانها مرآة صادقة لها ، انعكست فيه صورتها بصدق وجلاء .. فنجح أيما نجاح .
- ·فحينما تشكو بعض المؤسسات الثقافية من نفور الجمهور ، فإن فعاليات المدينة ضربت مثلا جيدا على القدرة على استقطاب الجمهور الذي من أجله أقيم المهرجان ( مع التفاوت حسب طبيعة الفعالية ) ، حتى رأيت من الجمهور من أتى خصوصا لأجل الإفادة من فعالياته محققا شعار المهرجان ( عبادة واستفادة ) .
- ·القدرة على انتقاء الأسماء ذات القاعدة العريضة من المتلقين هو أول مراسم النجاح في العمل الثقافي ، وأما أن تنفق الآلاف على فعالية لا يحضرها سوى عشرة أو عشرين شخصا .. لا شك أن تلك مغالطة ـ مهما أقنعنا بها أنفسنا ـ أننا نقدم شيئا يجذب السياح من الداخل أو الخارج .
- ·( مع حفظ الألقاب ) عبد الله نصيف وصالح بن حميد وإبراهيم بو عباة والزنداني والسويدان والعشماوي ويوسف إسلام وسعد البريك وسعيد بن مسفر والأنصاري ورقية المحارب ومحمد عمارة وسعد آل سعود وكامل الشريف ومأمون فريز جرار وحسن الأمراني ومحمد الدويش ومحمد الرومي وسعيد الأصبحي ومحمد العويد وعبد الله بصفر وعشرات آخرون من الأعلام رجالا ونساء ، في تظاهرة ثقافية فريدة ، تجاورت مع عدد كبير من الدورات النادرة، والفعاليات الطبية والترفيهية والمسابقات والمعارض المختصة.
- ·كانت إسهامات المرأة في هذا المهرجان ظاهرة تستحق التنويه ، فقد أبرز البرنامج الثقافي عددا كبير من المحاضرات والمختصات في فنون عديدة ، وجئن من عدد من مدن المملكة ، ونجحن في لفت النظر إلى المستوى الجيد الذي وصلت إليه المرأة المثقفة في بلادنا .
- ·لقد كان كل شيء رائعا في هذا المهرجان المستمر في العطاء ، وكم كنت أتمنى أن أجد من الوقت ما يمكنني من المكث أكثر ؛ لأستمتع بلقاء هؤلاء الأعلام والإفادة منهم ، ولأكون في هذا الجو الذي لا يتلاءم مع خصوصية المدينة وقداستها فقط .. وإنما مع خصوصيتنا الثقافية والشرعية بوصفنا في بلد احتضن الإسلام في إطلالته الأولى ، ولا يزال يحمل رسالته للعالم أجمع .. وهنا موطن العزة والفخار والخصوصية التي يحلو لبعص الناس اليوم أن يساوم عليها في عصر العولمة .
بصمة
الجهود التي بذلت من أجل إنجاح المهرجان وراءها توفيق الله تعالى ، ثم توجيهات الأمير المتواضع صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز .. فله دعوة صادقة من قلب زائر شد رحاله إلى المدينة وهي تزدحم بهموم الحياة ، ثم عاد بها مكتنزة بالسعادة .. وأي سعادة .. (( والمدينة خير لهم .. لو كانوا يعلمون )) .
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.