السعادة الزوجية أساسها : الإيمان، والثقة المتبادلة، والحب ، هذه الأثافي الثلاثية إذا اختل واحد منها في نفس أحد الزوجين تزعزعت خيمة الاستقرار في نفسه، وعاش اضطرابا شديدا تجاه الآخر، بل تجاه الحياة كلها؛ نظرا لما يمثله الطرف الآخر من سكن نفسي يجعله أكثر تفاؤلا وقدرة على الإنتاج والتفكير والعطاء؛ وربما تنتهي تلك الاضطرابات بالانفصال العاطفي داخل البيت الواحد، أو الطلاق ..!
وقد جدت على الحياة المعاصرة أسباب كثيرة تثير الزوابع بين الزوجين ، وتضرب الخدر في عقر الدار؛ لعل أبرزها الاستخدام السيء للهاتف محموله وثابته، والشبكة العنكبوتية ولاسيما الشات ومنتديات الحوار الشبابي، ونافخ الكير .. أعني الفضائيات المنحلة، والسفر المشبوه، والشللية المنحرفة.
ومن خلال متابعاتي وجدت أن الشك والغيرة المرضية يغزوان نفسيات بعض الأزواج والزوجات بسبب ملاحظة بعض التصرفات التي تشي بأن الرجل يخبئ علاقة ما وراء مهاتفاته الكثيرة المتسمة بالغموض، أو سفراته الكثيرة جدا إلى أماكن مشبوهة، والمرأة ربما وضعها زوجها في قفص الاتهام مع أنه يحبها، ولكنه مريض بما يختزن من أساليب إبليسية تدور بين الشباب والشابات، إما خلال مغامراته الشخصية قبل الزواج، أو بعده، أو من خلال سماعه قصصا مثيرة تقع فيها المرأة فريسة لأوغاد المتصلين؛ الذين لا يرعون حرمات الله، ولا يقيمون لأعراض إخوانهم المسلمين وزنا ولا قيمة.
وهنا يقع الرجل/الزوج فريسة التفكير الوهمي ، حيث يبدأ في الشك من خرم إبرة، ثم يتسع الخرم، فيكون خرقا، ثم يكون شقا واسعا، فتطارده الشكوك المشحونة بالغيرة الطاغية، يوقدها حب جريح، ليس معه أدلة ، وإنما هي مجرد ظنون أو مؤشرات يمكن حملها على المحمل الحسن، أو أن هناك من هو حاقد عليه أو على زوجه ، أو حاسد لهما فيكيد له كيدا، حينها يلجأ أحد الزوجين للتصنت، والتجسس، والتوجس، ثم يطلق الشكوك بكل عنف في وجه الآخر، منتظرا منه التصديق أو التكذيب؛ لتبرد حرته، ومع استمرار الشكوك ، واستمرار التألم والعذاب من الطرف الآخر ، بل من الطرفين، يلتفت الزوج الشكاك إلى من حوله طالبا المساعدة، لا ليثبت له براءة المظلوم، ولكن ليقره على ظلمه، فلا يجد أحدا، فيكون الحل هو الفراق النكد، الذي يذهب فيه البيت والأولاد ضحية وسوسات الشيطان؛ لتأكل الحسرة كل من حطبته نار الظنون الآثمة.
بعض الرجال ينسى أن هذه المرأة المتهمة بالباطل هي عرضه ، وأن الحديث عنها فيما يمس شرفها هو طعنة في صميم شرفه ، ويكذب الكذبة ثم يصدقها ، إنه يتهمها بأن لها صلات مشبوهة، ثم يتوهم ذلك حقيقة، ثم يشهق من شدة الألم ويتساءل : أيعقل أن تنحرف زوجته ، أو أخته ، أو بنته .. وهي الدرة المصون ، والعفيفة الطاهرة ؟!!
قد يقع ذلك، وقد تنحرف المرأة ، ولكن لو فكر الرجل لوجد أن له نصيبا من الإثم وقدرا من الجريمة ، حين عاش بعيدا نفسيا .. كل البعد عن بيته وزوجته ،وأخواته، وبناته ، لا يتحدث مع إحداهن إلا بجفاف تتشقق له الصدور الغضة ، ويعشن معه بكدر في بيئة لا تعرف معنى الحب الأبوي أو الأخوي أو الزوجي ، فضلا عن كلمة الحب التي لم يسمعنها منه أبدا، ولكنهن طالما سمعنها في أغنيات الفيديو كليب الهابطة ، والمسلسلات الاجتماعية الهدامة، وأفلام الجنس المنحلة، في جو من الإغراء لا يطيقه بشر، وهو الذي جعلهن يعشنه، بل أضاف إلى ذلك أن ترك الجوال والإنترنت في أيديهن مطلق العنان، فإذا زلت بإحداهن القدم ، وديس شرف الأسرة، ووصل المجرم إلى مبتغاه، وانكشف الغطاء ولو بعد حين، جاء يصرخ ويهدد ويتوعد ، ناسيا أو متناسيا أن السبب الأول يعود إليه ، دون أن نبرئ من أجرم من رجل أو امرأة.
إن الشكوك الزوجية مزرعة للشقاء، وبقاؤها تنغيص لمعنى الحياة الحقيقي، ولا بد من علاجها بالالتفات التام عنها، وعدم الاقتراب من حمأتها إلا إذا كان هناك دليل ساطع، وبرهان قوي، هناك يجب التيقظ من الغفلة، ووضع حد للشر قبل أن يصل الحمى.
وهنا أشير إلى موقع المستشار الذي أطلقه مركز التنمية الأسرية بالدمام التابع لجمعية البر بالمنطقة الشرقية www.almostshar.com الذي يتلقى كل يوم ألوانا من المشكلات الأسرية ، والتي أصبحت الشكوك الأسرية تأتي في مقدمتها من حيث الخطورة، ولعل في التأمل في المشكلات المطروحة مقرونة بحلولها، درء للشر في مهده. والوقاية خير من العلاج.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.