الزواج سكينة ومودة ورحمة مصداقا لقول الله عز وجل: { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم:21]. وإذا لم تتحقق هذه الأهداف الثلاثة فإن الزواج لم يؤت ثمراته الأولى، ليكون المحضن الأرحب للهدف الرابع وهو نشأة الذرية نشأة استقامة وسلامة.
ولذلك يعد وجود حالات مرض ناتجة عن زواج لم يسبقه فحص دليل ضعف في الوعي الشخصي، إذ كيف يستطيع الإنسان درء أمراض خطيرة أو حتى ليست ذات بعد خطير قبل الزواج بإذن الله، ويتركها حتى تنغص عليه الحياة بعد الزواج؟!
كما يعد الطلاق سوسة البناء الاجتماعي، بل إنه يحدث “ثغرة سلبية في الأمن النفسي والاجتماعي، والأمن الوطني بشكل عام، باعتبار أن نظام الحكم في المملكة العربية السعودية اعتبر الأسرة ـ وليس الفرد ـ المقوم الرئيس للمجتمع السعودي، وهو ما نصت عليه المادة التاسعة من النظام؛ حيث ذكرت: (أن الأسرة هي نواة المجتمع السعودي) [العشرة الزوجية والطلاق في الأسرة السعودية؛ ص:9].
وحتى يكون الإنسان مؤهلا لزواج ناجح بإذن الله لا بد أن يسلك إلى النجاح مسالكه، فهو الوظيفة الأهم في الحياة الاجتماعية، وهي الوحيدة التي بقيت حتى الآن لا تتطلب شهادة معتمدة؛ على الرغم من ملايين المشكلات اليومية وآلاف حالات الطلاق سنويا!!!.
ومن خلال الاستشارات الكثيرة جدا أكد شباب وشابات جهلهم بأمور كثيرة في الحياة الزواجية؛ بدءا بالاختيار، ومرورا بالقضايا المتعلقة بالمعاشرة الجنسية، والتكيف الزواجي، وتربية الأولاد، ونهاية بتحمل المسؤولية الجديدة.
وقد فاضت الإحصاءات في عدد من الدراسات ومراكز ومواقع ومشروعات الأسرة في المملكة بأرقام ونسب مرتفعة في حدوث المشكلات الزوجية في الأسرة السعودية على غيرها من المشكلات. تشير إلى أهمية الالتفات إلى التثقيف الزواجي/هذا الواجب الغائب، وإن حضر فهو ليس بالقدر الكافي؛ لحماية المجتمع من آفة الطلاق.
ولعلي أتناول مثالين قريبين مني؛ بوصفهما مؤشرين واضحين في هذه القضية على مستوى المملكة عموما والمنطقة الشرقية خصوصا:
الأول: الهاتف الاستشاري في مركز التنمية الأسرية في الأحساء، الذي استقبل أكثر من ثلاثة آلاف ومئتي استشارة من أربع وخمسين منطقة ومحافظة سعودية، والآخر: موقع المستشار التابع لمركز التنمية الأسرية في الدمام، الذي استقبل أكثر من 2850 استشارة من جميع أنحاء العالم، ومن السعودية والشرقية خصوصا؛ لكونه يسوق فيها أكثر من غيرها.
كانت 40% من الاستشارات في الهاتف الاستشاري زوجية، ويمكنك أن تضيف إليها 21% أسرية، ويمكنك أن تضيف إليها 13% تربوية، فكل من الأخيرتين تبع للاستقرار الزواجي. بل حتى النفسية التي بلغت 12% غالبا ما تكون ناتجة عن مشكلات زوجية، ويبقى 14% لمشكلات أخرى. وجاءت نسبة المتزوجين 68% من المتصلات والمتصلين، وأقدم هنا المتصلات لآنهن يمثلن 83%، بينما لا يمثل الرجال المتصلين سوى 17%.
وقد تفاوتت المشكلات بين خلافات مزمنة بلغت 58%، وتوزع أقل من النصف الباقي من طلاق، وفراق، وقطيعة رحم، وهجر، وعنف أسري، ورهاب اجتماعي، وبرود عاطفي، وهروب من المسؤولية، وخيانة زوجية، وصمت زوجي.
وتكررت نسبة الاستشارات الزوجية كذلك على الشبكة فكانت 40% من مجموع الاستشارات. جملة منها في الاختيار والخطوبة وما قبل الزواج، وبعيد الزواج، مشكلات منذ البداية!! فمن يدل الشباب على ما يجهلون الطريق إليه؟ أليست نفوسا تخترم بالحزن والاكتئاب، وأموالا تهدر، وأولادا يتيهون بين بيتين! أفلا يجعلنا ذلك نقدم على الخطوة الثانية بعد الخطوة الأولى التي ألزمت الشباب بالفحص الطبي قبل الزواج، بأن يلزموا بالتدرب على الحياة الزوجية وتربية الأولاد قبل الزواج أيضا؟ لنسهم في سلامة الأجيال القادمة إن شاء الله.
وقد تعددت أسباب عزوف الشباب عن الزواج، ومن أبرزها: غلاء المهور والبطالة والدراسة والأنموذج السيء الذي يجدونه في المنزل أو من خلال صديق فشل في حياته الزواجية. وكلها تحتاج إلى برامج تدريبية تعالج هذه الأمور الناشئة عن أفكار معينة، تسببت في وجود أكثر من مليون عانس في المملكة العربية السعودية، ويمكننا عن طريق التأهيل إيجاد حلول لكثير من هذه التساؤلات في أذهان الشباب بإذن الله.
لا يزال للحديث بقية مهمة .. أرجو أن يوفق الله لنشرها.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.