الريادة مستمرة

سجل جديد من الريادة واستكشاف التميز تسجله يمين الأمير الطموح محمد بن فهد بن عبد العزيز، الذي شق الطريق أمام الإبداع والتفوق بعدد من الجوائز، كاشفا عن رؤية نافذة تستهدف صناعة مستقبل رائع.

في الوقت الذي تعاني فيه الدعوة إلى الله من حلقات متتابعة من التشويه والتطويق على مستوى العالم، تنبثق الشمس من مشرقها المبارك، لا لتفسح المجال أمام أنهارها العذبة، فما أظن أن بلادا فتحت للدعوة إلى الله أبوابها مثل بلادنا، ولكن لتزيدها تألقا وتدفقا وجودة.

إذا كان التفوق موجودا قبل جائزة الأمير محمد للفوق العلمي، فإنه الآن أصبح مجال تنافس وهدفا لطلابنا وطالباتنا المتميزين، وإذا كان التميز موجودا في بعض الدوائر الحكومية قبل جائزة سموه للأداء الحوكمي المتميز، فإنه الآن أصبح ضمن معايير علمية واضحة، تقود المؤسسة إلى الجودة، وإذا كانت أعمال البر طبيعة أصيلة، وعادة دائمة لأهل هذه البلاد، فقد أوجدت جائزة البر اليد التي تصافحها بالشكر والعرفان، والإشادة والتعزيز.

وإذا كانت الدعوة إلى الله واجبا شرعيا على المسلم القادر عليها، والعناية ببيوت الله شرفا لمن ينهض بها، فقد جاءت الجائزة لتقول للمحسن أحسنت، لأنه يستحق ذلك، ولكي يكون قدوة ومثالا حيا لمن حوله، وليعرف المقصر أو المسئ مدى تقصيره وإساءته.

بل جاءت الجائزة لتقول للعالم أجمع: إن هذه البلاد ستبقى راعية لحصون الإيمان العظيمة، محتفية بأهلها الكرام، الذين فيهم أهل الله وخاصته، ويكفي ذلك قربى من الله تعالى.

{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}، ولذلك فإن تكريم من يُعنى ببيوت الله تعظيم لشعائر الله، {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحـج 22/32]. وتكريم العلماء والدعاة والأئمة إعلاء لكلمة الله في الأرض، وتقدير عظيم لله تعالى الذي يعمل هؤلاء بأمره ونهيه؛ ليدعو خلقه لعبادته وتعظيمه وصبغ الحياة كلها بصبغته. {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ} [سورة البقرة 2/138].

إن هذه الجائزة دعوة صريحة للأئمة أن ينهضوا بواجبهم الكبير في التواصل مع جماعة المسجد، حبا وتوجيها ومعالجة لمشكلاتهم وتفعيلا اجتماعيا لأحيائهم، وربط أولادهم بحلق القرآن، وكبارهم بالدروس والمحاضرات، وإيجاد لحمة بينهم تبنى على الإيمان وبذل المعروف، وسد الحاجة، والوقوف مع المظلوم، ومع الضعيف، ومع اليتيم والفقير والمسكين.

إنها أكثر من مجرد جائزة، إنها نداء حميمي لخطبائنا الأعزاء لرفع مستواهم في مجال العلم والفقه وفنون الإلقاء والترفق في الدعوة إلى الله لاجتذاب الناس بأحسن الأساليب وأجدها.

إنها استعادة لدور المسجد في تعزيز الدعوة إلى الله لتكون واجب الجميع، وتعزيز دور المسجد لنشر الفضائل والقيم الإيجابية في المجتمع.

إنها فرصة لإحكام الخناق على المتسللين إلى البيوتات الآمنة بالأفكار المنحرفة، المتلبسة بلبوس الإيمان والجهاد والصلاح؛ حين يكون أفراد الأسرة واضحين تماما فكرا وسلوكا أمام رب الأسرة وإمام الجامع، يشتركون معهما في الصلاة والدروس ويتلقون منهما ويسألونهما ويستمعون منهما، وبهذا يغلق الباب على دخلاء الفكر التكفيري؛ حتى يتوقف نزيف شباب الوطن من المتأثرين بباطله المتزين لعيونهم البريئة المتوثبة لخدمة دينهم.

إن الدعوة إلى الله والعناية ببيوت الله مطلب شرعي كبير، وجزاؤه عند الله موفور عظيم، يقول الله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة آل عمران 3/104]. ويقول سبحانه: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)} [سورة التوبة 9/18].

وليست هذه الجائزة إلا الشكر البشري الذي يستجيب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يشكر الله من لا يشكر الناس)) رواه أبو داود وأحمد. فهي في حد ذاتها عبادة يرجى أن يؤجر من سنها، ورعاها، وأنفق عليها، وقام عليها، رزقنا الله وإياهم الإخلاص وحسن العمل.

فالشكر لله تعالى على توفيقه، ثم لصاحب الجائزة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية على هذه السنن الحسنة التي يتابعها بإبداع، ثم لفرع وزارة الشؤون الإسلامية في المنطقة الشرقية بقيادة فضيلة الشيخ عبد الله اللحيدان على جهودهم المستمرة لخدمة بيوت الله والدعوة إلى الله، والله يجزي المحسنين.



اترك تعليقاً