التغيير سنة ربانية، ودوام الحال من المحال، وما أحدثته وزارة الثقافة والإعلام من تشكيل جديد لأعضاء مجلس الإدارة في عدد من الأندية الأدبية ـ وأتوقع أن البقية في الطريق ـ هو من طبيعة الحياة المتجددة بلا شك، ولا سيما في الجانب الثقافي، ولعل في تحديد المدة بأربع سنوات مجالا خصبا لدوام التجديد بإذن الله تعالى من أجل ثقافة أكثر مواكبة للحياة المتسارعة، ولإعطاء الفرصة لوجوه جديدة.
في ملتقى المثقفين السعوديين الأول الذي انعقد في الرياض في شعبان 1425هـ، والذي قال كثيرون ـ آنذاك ـ أنه جاء ممهدا للمرحلة الجديدة التي بدأ تدشينها الفعلي بالتغييرات المشار إليها آنفا، دار حديث طويل عريض حول أشخاص رؤساء الأندية الأدبية، وأنهم .. وأنهم .. وما قيل عنهم في الصحف ووسائل إعلامية أخرى أشهر من أن يذكر، وكنت صامتا على طاولة الشاي التي اجتذبت لفيفا من الأطياف الثقافية والأدبية في المملكة، فإذا بأحدهم يلتفت فجأة فيقول : خالد ساكت !!
هنا تحركت الآراء الحبيسة بسبب الرغبة في عدم إثارة المخزون الآسن في بعض القلوب المحتقنة، فقلت بعفوية : هل المشكلة في شخصيات رؤساء الأندية حتى يكون الحديث لتطويرها منصبا على تغييرهم فقط ؟
صدم السؤال الحاضرين .
تابعت : إن الأشخاص ـ مهما أقاموا ـ فسوف يرحلون، ولكن النظام في نظري هو الإشكالية الكبرى، فإن لائحة الأندية الأدبية لم تتغير منذ ثلاثين عاما، بينما كل الحياة من حولنا تغيرت، ولا تزال تتغير مع إشراقة كل شمس.
همهم بعضهم وهو يغالب رأيه المبني على اعتبارات شخصية، وثارات ثقافية، وإحساس بالإقصاء حينا، وبتجاهله حينا آخر .. ثم أبدى استبعاده لهذا الرأي الذي لا يساعد على إسقاط الأشخاص، وإن بقيت الآثار؟
تابعت : والميزانية الممنوحة للأندية لا تتعدى ( مليون ريال ) سنويا على أحسن المستويات؛ فيها مكافآت العاملين والمشاركين، والمصروفات التشغيلية، وطباعة الكتب، وإيجار المبنى، و…. إلى آخر القائمة. فكيف سيستطيع النادي تخطي كل هذه العقبات المالية، إلى جانب جمود النظام.
ودارت الأيام، واشتركت في برنامج تدريبي حول التجربة اليابانية في التفكير الاستراتيجي نظمتها جمعية البر بالأحساء، جاء فيها أن الدراسات أثبتت أن النظام يمثل 95% من أسباب النجاح والفشل في المؤسسات، بينما لا يمثل الموظفون سوى 5% فقط من تلك الأسباب.
معنى ذلك أنه كان على الوزارة أن تقدم لائحة جديدة قبل أن تقدم قائمة جديدة من الأسماء، تبقى مغلولة بتلك الأحجال البالية! (فهمت من الدكتور حسن الهويمل خلال مشاركتي معه في حديث إذاعي أنها تعكف عليها حاليا).
الأندية الأدبية معظمها لا تزال في مبان مستأجرة هي أقل بكثير من طموحاتها، ومن الواجهة الإعلامية التي ينبغي أن تكون عليها.
كان مما أخذ على الأندية الأدبية سابقا عدم المزاوجة بين الأجيال في أعضاء مجلس الإدارة، وعدم التخطيط، وممارسة الإقصاء للتيارات المخالفة لنهج الأعضاء، فهل ستستطيع الأندية في ثوبها الجديد أن تتلافى ما ذكر ، أم أنها ستمارسه بطريقة جديدة؟!
أما نادي المنطقة الشرقية فإن كل من تابعه خلال ستة عشر عاما منذ إنشائه، ويتمتع بجانب من الموضوعية، بعيدا عن التعصب الفئوي والشللي فإنه سيشكر له إسهامه الفاعل في تنشيط الحركة الأدبية، وطبع عشرات الإصدارات، وإقامة عشرات الأمسيات الشعرية والثقافية التي قدمت للمجتمع عددا من الأسماء كان لها حضورها القوي في الساحة الأدبية والثقافية على مستوى المملكة، ووثقت الصلات بين الأدباء والمثقفين من خلال المسامرات والرحلات، وشجعت الناشئين، وواكبت مناسبات الوطن العملاقة على مدى تلك السنوات الطويلة.
فليس للشيخ عبد الرحمن بن عبد الكريم العبيد رئيس النادي السابق منا ـ معشر أدباء الشرقية ومثقفيها ـ إلا أن نشكره وجميع أعضاء مجلس إدارة النادي السابق على غيرتهم على اللغة والأدب، وتقديم ما في وسعهم لخدمة الأدب والثقافة والعلم في هذا الوطن الغالي.
وندعو الله للمجلس الجديد أن يواصل مسيرة البناء، وأن يتجاوز العقبات، وأن يبني روحا من التواصل بين جميع أطياف الأدباء لتحقيق نجاح أكبر بإذن الله.
شاردة
حين نقول: الآن أصبح النادي أدبيا، وهو لم يبدأ عمله حتى الآن، فإن ذلك يشف عن حقيقة شاردة عن قائل تلك الكلمة، وإن كان يعرفها، تتمثل في تقييم الأدب بالأشخاص، وليس تقييم الأشخاص بالأدب، ومن الظلم حقا أن أحكم على ستة عشر عاما مليئة بالأشخاص والإنتاج وأنهم وأنها ليسوا وليست في دائرة الأدب .. إذن من الذي يقصي الآخر .. ؟!
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.