لم يكن الإنجاز التاريخي الذي حققته بلدية الأحساء برفع مستواها التنظيمي إلى (أمانة) إنجاز عابرِ سبيل، لا ولا يمكن أن يكون للإنجاز حلاوة إذا لم تسكب بين يديه قناطير التعب والجهد والإخلاص، والرغبة الملحة في الترقي المستمر في سلم الإبداع؛ مهما كان الثمن. 

وإذا كانت حكومة خادم الحرمين الشريفين ـ رعاه الله ـ في مجلس الوزراء الموقر قد زفت هذه البشرى لمحافظتنا الغالية، واختارتها وأختها محافظة الطائف المأنوس من بين عشرات المحافظات؛ فلأنها أصبحت تستحق هذا التتويج المشرف، فالخطوات المتسارعة التي جعلت رؤوس الأحسائيين تتطاول وهي ترمق كل يوم إصلاحا، وكل ليلة بريقا جديدا لمعلم حضاري جديد، وفي كل مشروع طيًّا لصفحة متآكلة من الماضي، بل أذهلت الزائرين لها، الذين غابوا عنها لفترة وجيزة، ثم قفلوا فرأوا ما لا يمكن إنجازه إلا في سنوات.

ليست هذه المقالة تهنئة لسعادة الأمين المهندس الرائع فهد بن محمد الجبير، ولا لفريق العمل المبدع في أمانة الأحساء، الذي التف حول قائده المحنك فسجل هذه الخطوة المهمة في طريق النمو الوطني، ولكنها تهنئة للأنموذج الذي صنعه أبو محمد ورجال مؤسسته الأفذاذ، لأننا في زمن بتنا في أمس الحاجة إلى النمذجة؛ لننسى النماذج الهامدة، التي لا تقدم للوطن غير اسم جديد في ذيل قائمة الكساد الوظيفي، والفساد الإداري، والتخلف المهني، والأنانية الإدارية؛ التي لا يعنيها سوى بروز اسمها على صفحات الجرائد.

على كل المستويات ستجد أمانة الأحساء في المقدمة؛ خطط استراتيجية موثقة تنظر إلى عشرات السنوات، ترسم خريطة (أحساء المستقبل) بثقة وجدارة، وخطط آنية تنفذ على مدار الدقيقة الواحدة، وتماسك في اللحمة الوظيفية تعدت حالة التقدير والاحترام لتصل إلى حالة الحب، وتلاحم بالمجتمع بكل فئاته؛ جعل للبلدية وجودا فاعلا داخل كل فرد، وخدمات للجميع ولكل مدينة وقرية دون انتقائية موجعة، وامتداد في الأحياء السكنية أضاء الدروب، ومهد الطرق، ورفع من مستوى النظافة، وأشرقت به الحدائق الداخلية بعد ظلمتها سنين، ولم تكتف ـ كما تفعل بعض البلديات ـ بالشوارع والميادين الكبرى والعامة، ومداخل البلد، وإن كنتُ مؤمنا بأنها الأولى؛ لأن خدماتها للجميع، ولأنها تعطي انطباعا جميلا عن المحافظة التي تتوق إلى مسمى (منطقة)، كما تاقت البلدية إلى مسمى (أمانة)؛ فأدركته بفضل الله تعالى، ثم بعملها الدؤوب، وإبداعاتها المتميزة.

وفي الوقت نفسه ستجد في البلدية/الأمانة حزما وحسما في تنفيذ المشروعات، مهما تقاطعت مع المصالح الشخصية لأحد ما، ومراقبة مستمرة لما هو في نطاق خدماتها، دون أن تفقد نفوذ تقديرها عند الجميع، حتى المتضررين من جراء إلغاء ترخيص، أو مخالفة صحية أو بنائية.

وداخل أسوارها تجري برامج التطوير المستمر من ورش عمل، وبرامج تدريبية، لقادة العمل الوظيفي والموظفين، لتتكامل مع النهوض الإجرائي المستمر، ولتواكب آخر مستجدات التقنية المعاصرة، وأحدث نظريات الإدارة والتطوير.

والقمة تتلوها قمة، والذي يحقق الإنجاز الكبير لا يلبث أن يبحث عن إنجاز أكبر ليحققه، فليس لديه وقت للنظر في الإنجاز السابق، أو حتى الاستمتاع به لمدة طويلة.

إن الذي يراقب التطوير المتوازن السريع في المحافظة، يجد نفسه أمام حالة خاصة جدا، تقفز قفزا، لتكمل ريشة الفنان لوحته الزاهية البراقة.

فهنيئا لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية، ولنائبه سمو الأمير جلوي بن عبد العزيز ابن جلوي آل سعود، ولمحافظ الأحساء سمو الأمير بدر بن محمد ابن جلوي آل سعود، ولأمين الأحساء، ورجال الأحساء الأوفياء، ولكل ماجد وماجدة من أهل هذه البلدة الطيبة، والقادم أجمل بإذن الله تعالى.

تهنئة رمضان:

لكل قراء اليوم الأعزاء.. أهنئكم بقدوم شهر الرحمات والمغفرة والرضوان، وأسأل الله تعالى أن يعيننا على صيامه وقيامه، وأن يتقبل منا ومنكم.