المشروعات الاجتماعية العملاقة لها علامات، وملامح فارقة، لا تستطيع ـ معها ـ أن تضيفها إلى أية قائمة عادية، وإن التقت معها في بعض القسمات. ولعل مشروع (بوارق الخير) الذي يقام للعام الخامس على التوالي في الأحساء، والذي تحتضنه الندوة العالمية للشباب الإسلامي، يعد أنموذجا حيا لهذه المشروعات المتنامية كيفا وكما، والمتواكبة مع مستجدات الحياة الراهنة.
ما يميز هذا المشروع كثير جدا، غير أني أود أن أسلط الأضواء على أمور محددة منه؛ رغبة في لفت أنظار أصحاب الأفكار الخيرة، التي تستهدف ما استهدفه هذا المشروع العملاق، من تنمية روح الاعتزاز بالإسلام، وتوضيح دور الرسالة المحمدية في الرحمة للعالمين، والتحذير من الغلو في الدين والتطرف، والتأكيد على طاعة ولاة الأمر والعلماء، وغرس الولاء للوطن في نفوس الشباب، وتوجيه الشباب للمحافظة على مكتسباته، والتحذير من الآفات والمخدرات.
الأهداف كبيرة كما نرى، وعالية جدا، وشبابنا في أمس الحاجة إليها؛ ولذلك لا عجب أن تكبر الخطط، وتعظم الأعمال، وتتحول الأيام الاثنا عشر إلى أشبه بمهرجان ضخم، لا يغادر صغيرا ولا كبيرا، ولا رجلا ولا امرأة، ولا مثقفا ولا غير مثقف، ولا موظفا ولا طالبا، إلا شملته بردة برامجه الرائعة، بل المذهلة.
محاضرات تستهدف استقامة الشباب الذين أوغلوا في دروب أتعبت خطاهم، وروعت أسرهم، وكاد الوطن أن يخسرهم بين بؤر المخدرات، فإذا بهم يعودون إلى طريق الرشد بكلمة طيبة، وإيماءة مخلصة من شاب مثلهم.
وأمسيات شعرية تشيد بمنجزات الوطن، وتلامس أحاسيس الأسرة، ، وتحيي في الناس الشعور بالجسد الواحد مع إخوانهم في أصقاع الأرض.
وبرامج تدريبية تتناول إدارة ضغوط العمل، وإدارة الوقت، وأساليب كسب الآخرين، ومحبتهم، كما ترسم للشباب أساليب صناعة النجاح، وفن الذوقيات، وسمات الشخصية الناجحة، ومهارات التفكير.
وترضي برامج المخيم جمهورا عريضا من الناس بالألعاب الترفيهية الجديدة على مجتمع الأحساء؛ كالألعاب المائية، وعروض الصقور والنسور، ومسابقات الأرقام القياسية، والتوائم، وعروض الإثارة والسرك والبهلوان، وعروض الكلاب البوليسية، وعروض الإبداعات الشبابية المتميزة.
والجميل في هذا المخيم أنه استفاد من إمكانات عالية الجودة؛ عن طريق طلب التعاون من مركز جده للعلوم والتقنية ومركز الأمير سلطان للعلوم والتقنية (التعليم بالترفيه)، وشركة أرامكو السعودية، مما يعطيه وهجا آخر من الإبداع والعطاء المثمر واحتراما كبيرا لمرتاديه.
ولم يتجاهل المخيم عشاق الرياضة والمغامرات؛ فقد نظم لهم عروضا سينمائية عن البحار والزلازل والحوادث والحرائق، ودوريا متكاملا في أنواع الألعاب الكروية، كما نظم سباقا للمارثون على مستوى المحافظة، وسباقا للدراجات الهوائية والنارية، وسباقا لدراجات المعاقين، وهي لفتة جميلة؛ ليدخل هذا البرنامج الضخم الفرحة على قلوب جميع أفراد المجتمع، كما أتيحت فرصة لمحبي الفروسية بسباق الخيول.
إلى جانب ذلك شمل البرنامج عروضا مسرحية، ومنتدى إنشاديا منوعا، وفقرات فكاهية، ومسابقات خطابية.
وفي جناح المعارض حضرت مكتبة الطفل بالتعاون مع قسم العلاقات شركة أرامكو السعودية، ومعارض خاصة للمؤسسات والهيئات الخيرية الداعمة للمخيم، ومعرض خاص لمكافحة المخدرات، ومعرض تراثي، ومعرض للإعجاز العلمي في القرآن والسنة. ومعرض للسيرة النبوية، ومعرض للتعريف بالإسلام باللغة الإنجليزية، ومعارض خاصة للمؤسسات والدوائر الحكومية، وأجنحة خاصة بمؤسسات توظيف الشباب، ومعرض للعلوم والتقنية، ومعرض للثعابين والحيوانات السامة.
وفي لفتة اجتماعية طيبة، وفر المخيم خطا ساخنا للفتاوى الشرعية يتولى الرد عليه الدعاة الرسميون التابعون لمركز الدعوة والإرشاد، وأضاف فرصة جديدة للاستشارات الشبابية التربوية يتولى الرد عليها عدد من المختصين.
وللنساء مكان فسيح؛ حيث خصصن بمسابقات ثقافية وبرامج مسرحية وقصائد شعرية وتدابير منزلية وركن للطبق الخيري والإنشاد وركن: “هويتي حجابي” والخيمة الشعبية والمحاضرات الثقافية والدعوية.
عمل رائد، وجهد ضخم، ينم عن إدارة واعية، وتعاون مثمر بين كل الجهات المشاركة.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.