“أن تكون جامعة الملك فيصل إحدى الجامعات الرائدة في الشراكة المجتمعية من خلال التميز في التعليم والبحث والقيادة”.

تلك الرؤية التي أطلقتها الجامعة الأحسائية العريقة، التي أنجبت جامعة الدمام، وعادت إلى الواحة المبدعة لتهندسها من جديد، وأقلعت ـ حديثا ـ إلى كل مدن المملكة العربية السعودية، بل إلى عدد من الدول الخليجية من خلال برنامجها الرائد (التعليم عن بعد)، الذي احتضن أكثر من ستة وعشرين ألف طالب وطالبة، ويصطف في طابور القبول أكثر من عشرين ألف.

ليست الشراكة المجتمعية جديدة على الجامعة، فقد سجلت ـ سابقا ـ عددا من إنجازاتها في هذا المضمار، ولكن الجديد أنها تحولت إلى إستراتيجية، مبنية على أسس علمية، جمعت مكوناتها من الاحتياج الفعلي في المجتمع المحلي، ومن استلهام النماذج العالمية، مستندة إلى خبرات وعقول عالمية؛ من أجل تحقيق أرضية لنجاح لا يعرف الفشل من أول تطبيق، بعون الله تعالى؛ أليست هذه هي الجودة التي تدعيها كثير من الجهات، ولكنها لم تذقها؟

بناء الإستراتيجية وطباعتها إنجاز؛ هي إنجاز قبل التفعيل؛ لأن كثيرا من المؤسسات التعليمية والحكومية والتطوعية تتحدث عن أعمال ومنجزات دون أن يكون لديها إستراتيجية خمسية، بل ولا حتى خطة سنوية.

والإستراتيجية ـ بطبيعتها ـ تمتلك الدافعية القوية لإحداث الإنجاز، وخاصة إذا أعلنتها المؤسسة، لأنه التزام أدبي أخلاقي أمام العالم أجمع، وليس أمام المجتمع المحلي وحده، لأن الجامعات الآن تقوَّم عالميا، وتبوح بمناشطها على الشبكة العالمية، ومن ألَّف فقد استهدف كما يقول المثل العربي.

وإذا كانت الجامعة قد أخذت الوقت الكافي للتفكير والتخطيط (عاما ونصف العام) لتخرج بهذه المذكرة الصغيرة الحجم، القوية الدلالة، فإن المجتمع (بكل دوائره) ينتظر منها تفعيل ما جاء فيها، والوقت يمر بسرعة البرق، والجامعة جديرة بتحقيق النجاح في هذا المضمار بإذن الله تعالى وذلك للأسباب التالية:

1. تماسك النسيج الداخلي لمفردات الجامعة، والتواصل القوي بين منسوبيها، وهو ما ينبغي أن يعزز بالفعل حتى تستثمر كل الطاقات المتوافرة فيها من جميع التخصصات، وتوظيفها لخدمة المجتمع.

2. توافر إمكانات مادية وبنية تحتية ونشوء المدينة الجامعية، وهذا سيجعل المجتمع الجامعي كتلة واحدة، مما يجعل الفرصة مهيأة أكثر لتقديم مشروعات متميزة وكبيرة وواسعة الأثر.

3. حرص الجامعة على إشراك جميع الدوائر الحكومية معها في مشروعها الضخم، حتى تستفيد من كل الإمكانات التي تمتلكها تلك الدوائر.

4. تتمتع الجامعة بصلات قوية مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني، ولا سيما تلك التي تستهدف بناء المجتمع وتعمل على وقايته من الشوائب الأخلاقية والفقر والبطالة، وقد عززت هذه الصلات بعدد من الشراكات الموثقة بعقود وقعت على أعلى المستويات.

5. وجود الرغبة والعزيمة، بل والحماسة المنقطعة النظير في العمل الدؤوب، مع حكمة وحرص على الجودة، وجدتها من خلال اللقاء بعدد من كبار مسؤولي الجامعة، معالي مديرها ووكلائها، ومساعديهم من أساتذة الكلية.

6. استحداث إدارتين في غاية الأهمية لتحقيق هذا الحلم؛ الأولى: إدارة الإعلام والعلاقات العامة، والأخرى: إدارة تطوير الشراكة المجتمعية، فالأولى ستحقق تواصلا لا حدود له، وخاصة من خلال قناة فضائية خاصة، والأخرى هي المحرك الحقيقي لتحويل الإستراتيجية إلى واقع.. والله الموفق.