أطلقت تنهيدتي في الأسبوع الماضي؛ بعد أن ظلت حبيسة الأجواء الاجتماعية الحساسة، في الحديث عن حقوق المرأة (الحقيقية)؛ التي تمثل الهاجس المؤرق لها في مجتمعنا، وليست الحقوق (المفتعلة)؛ التي يركض وراءها (الرجل)؛ ليحقق بها مزيدا من (الراحة) أو (المتعة) على حسابها؛ وجاء الصدى من حيث لم أحتسب ..
حيث وصلت بريدي المنشور في ختام المقالة رسالة من إحدى الفتيات اللاتي يعشن مأساة الفقر المادي والفقر العاطفي، وتقتات مع أهلها من الضمان الاجتماعي، ولكن الفتاة تؤكد أن فقرها العاطفي هو الذي يحرق سعادتها، إحساسها بأن أباها لم يعد يعنى بشيء من حياة أسرتها غير المال الذي لا يمثل كل جوانب الحياة.
تقول (حنان): ” من أجل النساء اللائي أكل الزمان عليهن وشرب، ومن أجل المرأة التي تعاني الكثير .. متى نرى الآباء قد تخلّو عن العصبيّة الزائدة والقسوة والعنف في ظل الحوار والتفاهم الذي حثنا الإسلام عليه، والبيوت كما يقال أسرار، لكنها هموم وأي هموم .. هموم الفراغ الذي سيذبحنا، نحتاج يا دكتور من يفهمنا .. نحن النساء وبصفة خاصة الفتيات غير المتزوجات. مالنا إلا الله سبحانه، نحتاج أن يفهمنا المجتمع ويتعاون معنا، وإلا على الفتيات السلام..
هناك آباء قاسون بالمرة ولا يهتمون بغير المال من الضمان، ولكننا نحتاج الراحة أوّلاً ثم المال، نحتاج الهدوء داخل المنازل، نحتاج أن نرى الوالدين في راحة بلا عنف أو مشكلات.
كيف سنعيش حين نكوّن أسرة وأبناء بعدما نتزّوج ؟ بالطبع سنأخذ طباع الأب القاسي والأم الطيّبة المسكينة ولن تكون لنا أية شخصيّة بعد ذلك، ولكن متى ستبقى قسوة الآباء والرجال بصفة عامة تجاه المرأة التي احترمها الإسلام وأيّدها نبيه صلى الله عليه وسلم، أين الاقتداء به ؟؟؟
أين وزارة الشؤون الاجتماعية عنّا؟ فهل دورها تجاه الأب فقط متمثّل بضمان الأموال دون الجانب الإنساني والمعنوي؟
لذلك نتمنى من مركز التنمية الأسرية بما أنه متعاون مع كل الجهات أن يتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية؛ المتمثلة في الضمان بأن يتم الاطلاع على حاجة كل أسرة وحالتها ومساعدة الفتاة والمرأة فيها باجتياز مشكلاتها بالحل والقضاء على العنف الواقع عليها من قبل الأب أو الأخ أو الأخت الكبرى، وإعطاء الفتاة مجالا للعمل والمشاركة في المجتمع والظهور فيه؛ حتى لا يسبب العنف لها الانطواء والعزلة.
نطالب أن يوجد عقاب لمن يسبب العنف لزوجته وبناته اللائي يعتمد الوطن عليهن في نهوضه، فالمفروض أن يسامح الأب أبناءه مهما كان، لا أن يفرض عليهم أوامر قسرية تؤذي مشاعرهم، ولاسيما البنات وأن يضحّي من أجلهن ويعطيهن الحريّة في القرار وإبداء رأيهن في كل شيء، واستشارتهن وتشجيعهن في مواهبهن وإعطائهن الثقة في أنفسهن وعدم إهانتهن بكلام أو تصّرف غير لائق معهن، بل على العكس من ذلك أن يتحمّل الأب مشاكلهن ولا يضغط عليهن؛ مهما كانت أعمارهن.
يحتاج الآباء سواء المثقفين أو الأميين وخاصة من يأخذون ضماناً توعية أسرية؛ ترشدهم إلى عدم القسوة، بل الاهتمام بمشاعر الأبناء مهما قسا الأبناء على آبائهم، حتى لا يتصرّفوا تصرّفات قاسية مع الفتيات، وأن لا يظلم الأب ابنته من ناحية الزواج والوظيفة بحرمانها من الزواج أو العمل أو المال، بل بالحوار والهدوء تنشأ الأسرة سليمة خالية من أي تعقيد، وهذا دور جمعية حقوق الإنسان نتمنى تفعيله قريباً، فالمرأة ضعيفة مهما كانت، وكذلك وقوف مركز التنمية الأسرية معها ووزارة الشؤون الاجتماعية، لحماية الفتاة من العنف الذي يمارسه الرجل تجاه المرأة والفتاة، وحفظ حقوقها الشرعية. نتمنى أن نراه قريباً بل عاجلاً؛ لأن الفتاة لا تستطيع أن تصرّح بمشاكلها للآخرين. وقد يمنعها الأب والأسرة من التصريح لأحد مهما كان العنف عليها، ولذلك فهي بحاجة للحل السريع .. وشكراً” انتهت رسالة حنان.
ولا أجد ما أعلق به سوى سؤال: متى سيكون اهتمامنا بالجانب الإنساني والنفسي والتأهيلي للمحتاجين أكثر من اهتمامنا بالماديات لهم.. أليست هذه هي مطالبهم؟
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.