بعد مدة ليست قصيرة دخلت صالة المغادرة في مطار الأحساء (مسقط رأسي ومقر إقامتي)؛ على كثرة ما تقلني الطائرات من الدمام إلى أرجاء بلادي الحبيبة، وما كان ذاك استجابة لمثل (وين اذن يا جحا)، ولكن لأن (الخطوط العربية السعودية) ومديرها الأحسائي المبدع، لم يجدوا للأحساء محافظة المليون ونصف إنسان، فرصة لمنحها أكثر من رحلتين في الأسبوع فقط، نعم فقط، وفقط أيضا!!!
ومن هنا فقد كان لزاما على مسافري الأحساء وما حولها، وضيوفها القادمين إليها أن يختاروا وسيلة أخرى للسفر أن أو أن يتحملوا سفرا آخر طوله أكثر من 140 كيلا إلى المطار، ذهابا وعودة، كما أن على الضيوف الكرام أن يعذروا مستضيفيهم في الأحساء إذا لم يستقبلوهم في المطار؛ لبعد السفر، وخطورة الطريق المزدحم جدا بين مدن الشرقية المشرقة.
متى تنتهي هذه المأساة لا أدري..
لكني دخلت صالة المغادرة في الأحساء، فلاحظت توسعة داخلية، وتغييرا لم أفهمه جيدا، ولكن.. أقول ربما يكون تمهيدا لزيادة الرحلات.. ربما.
وفي العودة كان مطار الطائف المأساة الأخرى؛ حيث الصالات المحدودة جدا، وقد غصت برحلتين للحجاج، حتى اضطر رجال الأمن إلى فكرة التفويج التي استخدمت للدفع من عرفات إلى مزدلفة، وصار دخول الفرد يحتاج إلى تشفع في المسؤولين للدخول إلى غرفة المغادرة!!
لم أجد بدا من شراء شئ من الطعام وقد طال الانتظار؛ فلم أحد في الصالة الأولى سوى (دكان) صغير، يذكرك بأكشاك الباعة على أرصفة الدول النامية، بينما أسعاره مضاعفة ثلاث مرات!!
وحين دخلنا الصالة الأخرى لم يجد بعضنا مقعدا يجلس عليه لكثرة المسافرين!!
وأما دورات المياه فقد غصت..!!؟؟ و لا نظافة!!
أحقا هذا مطار (الطائف المؤنوس)؟
ألم يكن بالإمكان أن يكون مطارا سياحيا عظيما يتناسب مع مؤهلات هذه المدينة الحالمة؛ ليجذب إليه ملايين السياح في صيفنا الحارق!!
ألم يكن بالإمكان أن يكون مطارا دوليا؛ ليسهم ـ مع مطار جدة ـ في استقبال ضيوف الرحمن، الذين أصبحوا يتوافدون طوال العام، وليس في الحج فقط!! ولا سيما أن قربه الشديد من مكة يؤهله لذلك، ووجود ميزة أخرى فيه يالنسبة للحجاج والمعتمرين، وهي أنهم يمكن أن يهبطوا فيه بثيابهم المعتداة، ويذهبوا إلى ميقات السيل، ويحرموا من هناك كما هي السنة، وهو ما لا يتحقق في جدة؛ لكونها تقع بعد الميقات، مما يضطر الحجاج والمعتمرين إلى أن يلبسوا ثياب الإحرام في الطائرة أو قبل ذلك، ويعقدوا نية الإحرام على مقاعدهم؛ مما يفوتهم بعض السنن.
وبعد أن طال بنا الجلوس في قاعات الانتظار المرير، ونحن نستمع ونستمتع ـ رغما منا ـ بتأجيلات الرحلة من ساعة إلى ساعة، حلت لحظة الفرج، ودعينا للطائرة، وأخذنا مقاعدنا.. ونحن مئات من المسافرين في طائرة ضخمة، نعم فرحنا بدخولنا، وأرسلنا الرسائل المطمئنة إلى ذوينا، إذا بالوقت يمر بنا بطيئا جدا، والحر في ليلة باردة ينشر نسماته البغيضة، وبعد مدة وزعت الوجبات والطائرة قابعة على صدر المطار، بل على صدورنا، فعجبنا لذلك، وأخيرا تفضل الطاقم بإخبارنا بأن علينا أن نترك الطائرة فورا لوجود عطل فيها، لننتقل إلى طائرة أخرى؛ فنزلنا، وانتظرنا في الصالات مجددا لننتقل..، وركبنا..، وطرنا بعد مرور أكثر من ثماني ساعات من الانتظار لنكمل العشرة الكاملة في رحلة السفر!! لا لنصل إلى الأحساء..!! ولكن لنصل إلى الدمام، لتبدأ رحلة أخرى برية.. قرعت بوابة الواحة المشتاقة بعد الفجر بأكثر من ساعة!!
هل نعذر خطوطنا لكون الرحلة من رحلات الحج؟
هل كان الموسم مفاجئا حتى ترتبك الخطوط إلى هذا الحد؟
أين التخطيط؟
أين الوعد الذي سطره أحد كبار مسؤولي الخطوط السعودية في العدد الذي كان في جيب المقعد؛ حيث أكد الاستعدادات التي تهدف إلى “تحقيق أعلى مستويات الأداء، وتقديم أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام”.
هل هذا أفضل ما لديكم يا سعادة المسؤول؟
أما الحجاج الذين كانوا ينتظرون معنا فقد سمعت بأنهم لم يغادروا إلا بعد بزوغ الصباح!! والعهدة على الرواي.
وصباح التنمية والتطوير يا خطوطنا العزيزة..
مع تقديرنا للجهود الضخمة التي نقلتم خلالها أكثر من مليون حاج..
النجاح ليس رخيصا.. النجاح يستحق أكثر..!
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.