سلطان في ذاكرة الوطن

عام من الترقب والانتظار، تطلعت فيه أعين الوطن الوفي لعودة سلطان الخير إلى الأرض التي تحبه كما أحبها، تلهبت حنينا وشوقا، أيها الفارس النبيل .. لقد أطلت الغياب.. هلمَّ أقبل .. فقد ماجت قلوب محبيك بالدعاء لك أن يمن الله عليك بشفاء لا سقم معه، وأن يزيد في عمرك بما وفقك الله إليه من كريم الإحسان؛ الذي تدفقت به يداك، الفقير قبل الغني في استقبالك، الصغير قبل الكبير يلوح لك بمنديل العرفان الذي تستحقه، اليتيم الذي كفلته، والكتاب الذي طبعته، والمسكن الذي شيدته، والمشروع الذي دعمته، والمركز الذي بنيته، والعاني الذي أطلقته، والملهوف الذي أغثته، والعاجز الذي حملته، والدَّين الذي قضيته، والعافي الذي أعطيته، والمخطئ الذي سامحته، والرحم التي وصلتها، والمسجد الذي عمرته، والدم الذي حقنته، والحب الذي غرسته، … وما لا يعرفه إلا الله تعالى، وعنده عز وجل جزاؤه، الذي لا يضيع عمل عامل.

سلطان الخير مرحبا بك في منزلك، وفي وطنك، الذي يتذكر كل شبر منه ماذا قدمت له، وكيف كنت له، فلا غرابة أن ترى كل هذا الاحتفاء منه لك.

إن الشعوب الوفية لقادتها هي التي تعيش طعم الاستقرار والحرية، هي التي تقول لكل أحد في الدنيا إننا أقوياء؛ لأن القاعدة الشعبية والقيادة نفس واحدة، ووطن هكذا شأنه لا يمكن أن يخترق بإذن الله تعالى، قد نختلف.. نعم.. ولكن لنتفق، وقد نتوجع من نازلة ما .. ولكن لنلقى الحب والحنان واللمسات الأبوية من قادتنا، قد نشعر بالضيم، ولكننا نترقب العدالة في أسمى معانيها، فالشريعة التي تظللنا جميعا لن ترضى لنا غير ذلك، والدولة التي لا تخلو خطابات قادتها من ذكر تقوى الله وخشيته ومراقبته، وتمثل سلطانه وهيمنة شرعه، والتمسك بدستوره، لا بد أن تكون حامية لدينه، حارسة لتوحيده، متمثلة لعقيدته، ثبتها الله على كل خير، وباعد بينها وبين كل شر.

ومثل هذه البلاد التي تنعم بكل هذه الخيرات، لا بد أن تكون محسودة، مقصودة بالإساءة، ولا عجب، فإن الحسد على قدر النعمة، وأمان البلاد مرهون بالعدالة فيها، فالعدل أساس الملك، وأمانها مرتبط بإقامة الشرع الحنيف فيها، لأن من نسي الله نسيه الله تعالى، وأمانها مرتبط بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن الله أرانا كيف دمر الديار كلها حين تجرأ بعض ساكنيها عليه، ولم يقم إليهم من ينهاهم أو يأمرهم، وأمانها يعظم ويستقر حين يحب الشعب قادته، ويحبه قادته، حينها تتكسر السيوف على صخرتها العتية، ويخسأ البغاة في الداخل، ويندحر الأعداء في الخارج، وهو ما نجده ماثلا في دولتنا السعودية، التي جعلت الأحكام الشرعية في أيدي علماء الشريعة، ورفعت من شأن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى جعلت لها مؤسسة خاصة بها ودعمتها بالمال والمواقف الجليلة، وهذا مشهد استقبال الأمير النبيل يشهد بتعبير كبير عن مدى تبادل الحاكم والمحكوم الحب والولاء والوفاء.

وبعد يا صاحب السمو .. لن ينسى مركز التنمية الأسرية بالأحساء عطاءك السخي، الذي أطلقتَ به مشروع بناء مقره الذي يحلم به؛ ليواصل رسالته الإنسانية في مملكة الإنسانية، والذي أُردِفَ بمنحة سخية من الدولة، قربت الحلم من الحقيقة، فلله تعالى الشكر ثم لك، على ما تفضلت به، لك الشكر من كل محزون فرج همه، ومن كل أسرة كاد سيف الطلاق أن يشطرها فالتأم شملها، ومن كل أب وأم كادا أن يفقدا ولدهما العاق فعاد بارا بهما، ومن كل نواة زواجية جديدة أسست على التقوى والعلم فنمت في ربوع السعادة والهناءة، ومن كل مستمع لمحاضرة، وقارئ لكتاب تزودا بالعلم والثقافة، وتائه يبحث عن السعادة فوجدها بين يديه بين أفنان هذا المركز الذي يفخر بعطائكم وتأييدكم …. ومرحبا ألف من كل لسان على أرض وطني .. يا سلطان الحب والخير.



اترك تعليقاً