فديتك يا حبيبي

اليقظة قد تحتاج إلى هزة .. ويبدو أن أمة الإسلام اليوم باتت تحتاج إلى هزات لتستيقظ فيها همم عالية ولكنها نائمة، ومعان سامية ولكنها مخدرة، وسنن عظيمة ولكنها مهجورة، وعزة قاهرة، ولكنها اليوم مقهورة.

وما حدث في بعض صحف الدانمارك هي إحدى الهزات التي لا يحبها النائم، بل يكرهها، ولكنها باتت ضرورية لإيقاظه قبل أن يقتله نومه.

محمد صلى الله عليه وسلم أعظم نبي ، وأشرف رسول ، وأكرم مخلوق على الخالق والخلق، وما وجه إليه صلى الله عليه وسلم من سباب وشتائم واستهزاء وسخرية ليس وليد العصر ، ولا ابن اللحظة، بل بدأ من أقرب الناس إليه في مكة، واستمر عبر التاريخ من كل حاقد على دعوته الكريمة؛ بوصفه رمزا لها ؛ وقد تعرض الرسل من قبله لمثل ذلك؛ فكان التهديد الإلهي يلاحق المستهزئين ؛ تصوروا أن ملكا أو رئيسا بعث رسله إلى دولة ما فأذلت رسله ؛ هل سيقبل بذلك ؟ لا شك أنه سيعده تهجما شخصيا عليه وعلى دولته وملكه ، ولذلك لا بد أن ينتقم ، تعالى الله عن الند والشبيه، وله المثل الأعلى في الدنيا والآخرة ، لقد قال العزيز العظيم الجليل القادر الجبار المنتقم : {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ} والآية وردت في سورتي الأنعام والأنبياء، وهي آية ظاهرة في حتمية عقوبة من يجرؤ على الاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم، تدل عليها آية أخرى يقول الله فيها : {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} (32) سورة الرعد، فقد يطول الإملاء ، ولكن العذاب متحقق.

ولكننا ـ نحن المسلمين ـ لا بد أن يكون لنا موقف خاص بنا للدفاع عن حبيبنا صلى الله عليه وسلم، فليس أشد على النفوس المؤمنة من أن ينال من ربها عز وجل أو من دينها أو من كتابها أو من نبيها صلى الله عليه وسلم.

لقد تحركت بعض حكومات المسلمين وكل شعوب المسلمين في الأرض ، وتوالت الاستنكارات على حكومة الدانمارك والصحيفة المجرمة ، وعبرت حكومة المملكة العربية السعودية وشعبها المؤمن عن استنكارهم الشديد لهذا الاعتداء السافر ، وأخذ الناس يتواصون عبر آلاف الرسائل الهاتفية لمقاطعة المنتجات الدانماركية، مهما كانت مهمة وضرورية ، والبحث عن بديل عنها، وعاد أرج الحب العظيم لنبي الرحمة والحب صلى الله عليه وسلم إلى القلوب المأخوذة بالدنيا وملذاتها، فراح جملة من الخطباء والكتاب وبعض الفضائيات التي لا تزال تنبض بالانتماء الحقيقي لأمة الإسلام ، راح الجميع يشعلون ذبالة العشق الخالد للنبي الكريم ، وأخذ الدعاة يذكرون الناس بأن نصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم تكمن في اتباع سنته والدعوة إلى تطبيقها، وانطلق بعضهم يترجم كتبا إسلامية بلغة الدنماركيين لتنشر هناك، والمتوقع هو زيادة الدخول في الإسلام من قبل الدنماركيين ليزداد أحباب محمد هناك وناصروه على الرغم من الأقلام الحاقدة.

لقد تحدث المسلمون عن ( الحب ) الذي يربطهم بالمصطفى صلى الله عليه وسلم بعد طول جفاء من بعضهم بسبب الانجراف في سيل الدنيا الخطير الذي جفف منابعه.

هل كنا في حاجة إلى هزة كهذه تعصر قلوبنا ألما وحزنا على نبينا ؟!

نؤمن حقيقة بأنه لم ولن تمس شمسه المضيئة ذرة رماد من حريق الحقد الذي أوقده هؤلاء : وهل سيطفيء ضوء الشمس شتام ؟

ولكن الإنسان يكره من يكره حبيبه .. وإننا والله لنبغض في الله كل من يعتدي على ربنا أو كتابنا أو ديننا أو نبينا .. ونسأل الله تعالى أن يهديه للإسلام ليكون أخا حبيبا لنا ، أو أن يأخذه أخذ عزيز مقتدر ليكفي المسلمين شروره.

نعم لم تكن تعلم هذه الصحيفة ولا من وراءها من اليهود والنصارى أن الإسلام مستكن في قلوب المسلمين ، وأن ما أصاب كثيرا منهم وهن وضعف لا يعني عقم البذرة، ولا انطفاء الشعلة، ولكنه غبار الذنوب والشهوات والشبهات المثار من هنا وهناك، والذي تسهم فيه أيد مسلمة يتسمى بعضها باسم محمد وعلي وسعد وخالد، ويوما ما سوف تستيقظ حتى هذه الأيدي الملوثة، وتغتسل من أدرانها بإذن الله لتعود إلى نقاء الفطرة.

عجبي :

من كل من يملك قلما وزاوية وموقعا وصحيفة وفضائية وفصلا دراسيا ، ثم لا يجعل له ـ بعدما كل ما سمع ـ إسهاما واحدا لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم.

ولحكومة الدنمارك وشعبها أقول :

أليست هذه التصرفات الرعناء هي من أبرز أسباب إثارة النعرات بين الشعوب في العالم ، في الوقت الذي يدعو فيه بعضنا إلى التسامح مع الآخر.

ألا يعلمون بأن هذه الاعتداءات أشد في نفوس المسلمين من ضربهم بالمدافع والطائرات ؟ أليست وقودا حقيقيا للتطرف والإرهاب ؟

ماذا سيكون موقف الشباب المسلم الذي يفتقد العلم والحكمة حين يسب نبيه صلى الله عليه وسلم ؟

في الوقت الذي تدعو فيه الشعوب الأوربية والأمريكية للسلام ، في أي خانة يمكن أن نضع هذه التصرفات من جدول السلام ؟



اترك تعليقاً