في العيد .. كيف الصحة ؟؟

عيدكم مبارك .. وأسأل الله تعالى لي ولكم ولحجاج بيته القبول..

كلنا ننتظر ابتسامات أحبابنا في العيد، وانشراح صدورهم وهم في معيتنا، ولذا فإننا نهرع إلى أماكن الترفيه نطلب فيها راحة النفس، وهدوء البال، وفرفشة الأطفال، وائتلاف الأرواح، والتقارب الأسري الذي مزقته الأعباء الحياتية اليومية، أو التخلي عن المسؤولية، ولكننا قد نعبث بحياتنا وصحتنا دون أن نشعر، فيتحول العيد لدى بعض الناس إلى كائن كئيب، انتزعت ثنايا ابتساماته من ثغور هالات الفرح، وتبدلت بشاشته وودعه المرح، وحلت في وجناته دمعات الحزن والترح.

فلا تزال حوادث الألعاب في مدن الترفيه تفقدنا ـ كل عام ـ عددا من الأطفال، بل والكبار أيضا، وقد تسبب الإعاقات لهم، وقد يكون الأمر أعظم حين تتحول تمشيات العيد إلى كوارث وحوادث، من جراء السرعة، وعدم الاهتمام بإطار أو صيانة.

إننا ـ وفي معمعة الأنس والسعادة ـ نلتفت فجأة إلى مطاعم (الفاست فود) .. التي تحمل في اسمها سُمَّها، ونأكل ما لا نعرف، ونشرب ما جزم الأطباء بضرره، والذي أخذ في التضخم حتى أصبح كأس المشروب الغازي فيه (بيق؟) فيبق في البطن بقا اللهم أعلم بشروخه وفروخه، ثم نقوم والدهشة قد ملكتنا .. كيف استطاع هذا المطعم وذاك أن يجتذبنا دون غيره، ولماذا كل هذه الجاذبية؟!! وهل جئنا لنطعم ونشبع، أم جئنا لنتلذذ وإن كان لذة التعاسة، التي قال فيها الشاعر لا خير في لذة من بعدها النار، والنار هنا .. آلام ظاهرة من البطنة والتخمة، وربما التسمم الذي أصبح موضة العصر، أو آلام خفية .. خفية .. لا تبدو للعين ولا للعقل؛ لأنه مغيب وراء شهوة الكرشة البلهاء، وهذه البطاطا المقلية الواقفة كشوك النخلة القوية، في جمالها وشدة وخزها، المعبأة بالدهون الغامضة، والمطلية بما يجعلها فتنة للعيون والأذواق!! وتلك الهمبرجرات، والشيزبرجرات، وما أضافه الشيفات الأحياء منهم والأموات وهلم جرات!! وقد أغرقت في أنواع وألوان وأشكال من البهارات والمشهيات والمتبلات والمخربات والمحفرات في معداتنا اللطيفات!!

والأبحاث تتوالى .. بأن مستقبل جيل المطاعم السريعة في خطر، سيشترك الجميع في دفع ثمن الغفلة عنه، الجميع بلا استثناء، فالأمراض ستتزايد، وتتقافز تقافز الأفاعي في عيون الضحايا، والخوف من المختصين يتناول كل جزء في الجسد، بدءا من الشفتين الرقيقتين اللتين تقبلان فوهة علبة المشروب العبقري بعينين ناعستين، هذا المشروب صاحب السر الخطير الذي لم يكشف النقاب عنه، فلماذا هذا الطعم الساحر؟ ومن أين جاء هذا اللون الأسود؟ وكم كميات السكر المعقود فيه؟ وماذا وراء العاصفة التي يصنعها حين نصبه في أفواهنا المشدوهة؟ وماذا عن ميناء الأسنان؟ ومطار المريء؟ وجبال الهملايا في المعدة والأمعاء؟

وإذا كان السر لا يزال مخزونا في العلبة الغازية أنى كان صنفها، فلماذا تصر المطاعم السريعة على أن تبقى خلطاتها سرية؟ فهل القضية فقط تجارية ؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

إن الوعي الصحي ـ لدى كثير من الناس ـ ما بين حالين؛ قوم يمتلكونه، ولكنهم لا يستفيدون منه، ولا يريدون، أو يريدون ولكنهم تحت ضغط الأولاد المراهقين يستسلمون، وتحت شبح العادات الاجتماعية (الجديدة) يضعفون، وتراهم يضمون إلى ما ذكر ألوانا من السكاكر والحلويات رغم أن مرض السكر قد التهم صحة الربع من ذوينا وأحبابنا في خليجنا المرفه، ومع ذلك فإن ضغط العادة المصنعة محليا قد أصبح هو الذي يتحكم في إراداتنا التي تنبني عليها صحتنا ومستقبلنا، التي تهدد حتى إمكانية النسل في المستقبل..

وأما حال الآخرين، فإنهم يجهلون حقيقة هذه المأكولات والمشروبات، فيلتهمونها ويلتهمونها، ولا يفيق أحدهم إلا على طرقات المرض الفتاك، الذي أصبح يخيفنا أكثر من أنفلونزا الخنازير، ولدي شك .. وأقف عند هذه الكلمة لأني لا أملك العلم في الطب بأن ازدياد حالات السرطان في المملكة له علاقة وطيدة بهذه المطعومات الغريبة عن بيئتنا.

إننا نترقب من الجهات المسؤولة عن صحتنا أن تقوم بحملات توعية شاملة، وضخمة، وكبيرة، تستخدم فيه أنواعا من الوسائل الجديدة؛ كمقاطع الدراما القصيرة جدا، وإعلانات الصحف المؤثرة، ومقاطع البلوتوث، والاستفادة من تجمهر الشباب في المباريات، وعلى النت في الفيس بوك، والمنتديات، ونحوها.. وعيدكم مبارك..



اترك تعليقاً