سنوات وأنا أبحث عن فرصة الاطلاع المباشر على تجربة ماليزيا في إعداد المقبلين والمقبلات على الزواج، على الرغم من الالتقاء قبل ثلاث سنوات بالسفير الماليزي في مؤتمر الزواج الصحي الشامل وعرض التجربة، ولكن ما راء كمن سمع. وقد تيسر ـ بفضل الله ـ ذلك في الرحلة الأخيرة، فزرت بعض المراكز وقابلت بعض المهتمين والمدربين، ونقلت التجربة عبر الأثير من إذاعة البرنامج العام من الرياض.
ما يدعو لوجود هذا البرنامج موجود في كل بلاد الدنيا، وجدواه أصبحت أوضح من أن تذكر، فالطلاق يفتك بـ 60% من الزيجات في السنة الأولى في المملكة، بينما وصل الطلاق في الأسر التي حضر الشباب فيها هذا البرنامج إلى 1,7% فقط.
وقد تم بناء برنامج تدريبي باسم البداية الرشيدة بيد عدد من الخبراء بمتابعة من مركز التنمية الأسرية بالأحساء، وبالاطلاع على المنهج الذي نجح في ماليزيا في تخفيض الطلاق إلى 7% فقط، وجدت المنهج السعودي أكثر اكتمالا وجودة، ولذا أتوقع أن يكون أبعد أثرا منه بإذن الله تعالى.
وتمتاز التجربة الماليزية بتسع خصائص:
الأولى: أن برنامج التأهيل للمقبلين على الزواج أصبح إلزاميا، كالفحص قبل الزواج في السعودية تماما، وشهادته تصلح مدى الحياة، من مراكز معتمدة.
الثانية: أنها ممنهجة، تشمل الجوانب الشرعية والاجتماعية، ومهارات الاتصال والحوار، والصحة، وإدارة الأسرة، والتعامل مع المشكلات الزوجية.
الثالثة: يقدمها مدربون معتمدون في هذا البرنامج من قبل مراكز مختصة، تشرف عليها الإدارة القائمة بالشؤون الإسلامية، وهم متعاونون بأجر وليسوا موظفين.
الرابعة: تقدم هذه البرامج في مراكز خاصة بها، وتشترك مراكز عامة في تقديمها، بل قد تقام في المساجد، وفي الأرياف والمدن النائية عن طريق الزيارة.
الخامسة: نشأت الفكرة في 1997م، وقدمت في عدد من المدن، وحين نجحت التجربة عممت في جميع أنحاء ماليزيا عام 2000م، ونجحت في تخفيض نسبة الطلاق.
السادسة: بعد أن يحضر الشاب هذا البرنامج، يسأله العاقد في بعض المعلومات التي لا يعذر أحد بجهلها، فإن علم الجواب وإلا طلب منه المراجعة.
السابعة: يقدم البرنامج مدربون ستة لكل مجموعة، كل في تخصصه، فإذا انتهى البرنامج يفسحون المجال للأسئلة الخاصة جدا كل متدرب بمفرده.
الثامنة: المنهج موحد في كل ماليزيا، ومطبوع، ويباع بثمن بخس رنجات معدودة، والرسم لا يساوي أكثر من 100ريال سعودي (80 رنجت ماليزي) وتخفض للطلاب.
التاسعة: البرنامج يقدم للشباب والفتيات، وتشترك مراكز حكومية وأهلية وخيرية في تقديمه؛ لتغطي الحاجة إليه، في تعاون متميز.
(ومضة) لكل بيئة خصوصيتها، وتنوعها الثقافي والاجتماعي، ويبقى قدر مشترك بين المجتمعات، هو مساحة تناقل الحضارات.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.