أنغام شجية على شاطئ ( أم سبعة )

على الشَّاطئ المحزونِ في أُمِّ سَبْعةِ     

تموجُ بيَ الذِّكرى وتَطْفَحُ آهتي

أُجَدِّفُ بالألحانِ ، أستلهمُ الرُّؤى     

وأعبُرُ بَحْرَ النُّورِ في يَخْتِ دَمْعَتِي

أُسَائِلُ نَبْعَ الخَيْرِ أين جداوُلٌ   

كَسَبْعَةِ أضْوَاءٍ من البَدْرِ قُدَّتِ

وأينَ جُمَانُ النُّورِ في كُلِّ مَوْجَةٍ     

إذا وُلِدَتْ تَغْفُو على صَدْرِ مَوْجَةِ

يُغَازِلُ طَرْف الشَّمْسِ لألاءَ مائها     

ويرمُقُ فيها البَدْرُ أَنْضَرَ وَجْنَةِ

وتَغْسِلُ شُمُّ النَّخْلِ أطرافَ شَعْرِهَا   

على الشاطئِ المشدوهِ من سِحْرِ رقصةِ

تميسُ الورودُ الحُمْرُ حولَ لُجَيْنِهَا     

وتذرو بها المرجانَ سكرانَ بَهْجَةِ

يَمُرُّ نَسِيمُ اللَّيْلِ بَيْنَ مُرُوجِهَا     

يُهَدْهِدُ طِفْلُ الرَّوْضِ في حِضْنِ نَخْلَةِ

تزرُو الطُّيُورُ السُّمْرُ غُرَّةَ فَجْرِها     

لِتَمْزِجَ مَجْرَاهَا بـــِأَعْذَبِ نَغْمَةِ

كَأَنَّ مُجَاجَ الشَّمْسِ عندَ غُرُوبـِهَا     

يَسِيلُ عَلَى رَمْلٍ بـِهِ بَعْضُ فِضَّةِ

كَأَنَّ يدًا للرِّيحِ فَوْقَ مُتُونِهِ     

تَخُطُّ بِحِبْرِ المِسْكِ آيَاتِ رَوْعَةِ

يُحَيِّرُ فَيْضُ الماءِ إنسانَ عَيْنِهَا     

أَجِنٌّ تَسُوقُ الماءَ أم كفُّ قُدْرَةِ

كَأَنَّ فُؤَادَ الأُمِّ غَابَ وَحيدُهَا     

أعارَ فُؤَادَ النَّبْعِ مِنْ حَرِّ خَفْقَةِ

تَرَى نَفَثَاتِ الماءِ فوقَ نَمِيرِهَا     

شفوفًا تَشِي بالحُسْنِ في وَجْهِ غَادَةِ

إذا زُرْتَ أَرْخِ السَّمْعَ عِنْدَ ضِفَافِهَا     

لِتَسْمَعَ هَمْسَ الحُبِّ في كُلِّ رَعْشَةِ

تُحِيلُ المُرُوجُ الخُضْرُ زُرْقَةَ مائِها   

أَنامِلَ إغراءٍ بأروعِ عَوْمَةِ

أيا عينُ غاضَ الماءُ فاضطربَ الرِّشا     

فأينَ دِلاءُ النَّاسِ منْ نَبْعِ أُمَّتي؟

يَفِيضُ بــِـدُرٍّ من كلامٍ مُنَضَّدٍ     

وتجري به الأعمالُ في كُلِّ لَحْظَةِ

وينجو به الإنسانُ في دارِ  فِتْنَةٍ      

ويظفرُ بالأُخْرَى بفردوسِ جَنَّةِ

فيا نَبْعَ عَيْنٍ كُنتَ بالأمسِ أَنْهُرًا     

تَدَفَّقُ قَدْ هَيَّجْتَ في النَّفْسِ زَفْرَتِي

أَرَاكَ وقَدْ جَفَّتْ مَشَارِبُ سَبْعَةٌ     

فَأَذكرُ جَزْرَ الدِّينِ في كُلِّ بُقْعَةِ

وَصَوَّحَ مِنْكَ الزَّهْرُ فانْثَالَتِ الرُّؤَى     

يَجِيشُ بِهَا صَدْرِي وَتَذْرِفُ مُقْلَتِي

فكم وردةٍ كالبدرِ لم تَعْدُ عُمْرَهُ     

أغارَ عليها الوَغْدُ مِنْ كُلِّ مِلَّةِ

يُلَقِّنُهَا دَرْسًا مِن الذُّلِّ لم تكُنْ     

لِتُتْقِنَهُ لولا تَخَاذُلُ إِخْوةِ

 

مجاليكِ تلكَ الخُضْرُ أمستْ مراتِعًا     

يُعَشِّشُ فيها الموتُ في كُلِّ نُقْطَةِ

كمَا عادَ لُبْنَانُ الجميلُ خَرائبًا     

وأَثــْـخَنَ رُمْحُ الغَدْرِ أَوَّلَ قِبْلَةِ

يَحُزُّ بقلبي أَنْ أَراكِ ذَلِيلَةً    

ويهجركِ السُّوَّاحُ هَجْرَ الخَطِيئَةِ

ولكنَّ حُزْنِي يَسْتَجِدُّ أُوارَه     

على كُلِّ شِبْرٍ ضَاعَ من كَفِّ أُمَّتِي

يُعَذِّبُنِي يَا عَيْنُ منها تغافُلٌ     

وتَقْطَعُ قَلْبِي الحُرَّ أَنـْيَابُ فُرْقَةِ

تخاذلُ أهلِ الحَقِّ عَنْ حُرِّ حَقِّهِمْ    

مُثيرُ براكيني وسِرُّ مَرَارَتِي

يُرَنِّحُ عملاقَ التَّوحُّدِ شامخًا   

تنازُعُ آراءٍ ورِقَّةُ هيْبَةِ

إذا كانَ شُحُّ الماءِ عُذْرًا لواحةٍ     

حواليكِ أضحتْ مثـْلَ عَصْفٍ مُفَتَّتِ

فما عُذْرُ أقوامي تَجِفُّ حقولُهم    

وفيهمْ ينابيعُ الهدايةِ سَحَّتِ

وأرمقُ فيكِ الحُسْنَ يَرْبَدُّ وَجْهُهُ     

وينفضُ مِنْهُ اليومَ أَجْمَلُ بَسْمَةِ

يُثِيرُ احتِضَارُ الرَّوْضِ في النَّفْسِ حَسْرَةً      

فكيفَ بإخواني وأهلِ عَقيدَتي

تُرَى هل تُعِيدُ العَيْنُ بَسْمَةَ رَوْضِهَا     

وَهَلْ تَسْعَدُ الدُّنْيَا بِرَجْعَةِ أُمَّتِي؟

 

10/2/1408هـ