المواطن والوطن عناق الروح والبدن

 

بلادي . . ماذا سينشدك أي مواطن نبتت دماؤه من دمائك . . إذا انهلت خواطره . . أيتها المعشوقة الغالية . . وهو يقف بين يدي عاشقك الكبير، وأمامه بحر العاشقين يموج نخيلا . . وبحارا . . وذهبا أصيلا..


الفَجْرُ أَنـْت ِ وَشَوْقُهُ المُتَدَفِّقُ
والحُبُّ أَنـْت ِ وَعِطْرُهُ المُتَرَقْرِقُ

أَنـْت ِ الحَيَاةُ إِذَا تَنَفَّسَ وَرْدُهَا
وَحَنَتْ عَلَيْهَا الغَادِيَاتُ الغُدَّقُ

شَمَّاءُ مِثلُ هَوى الغُصُونِ تَطَلُّعًا
للشَّمْسِ ، تَشْمُخُ في السَّمَاءِ وَتَسْمُقُ

وَسَخيَّةٌ ، تَدْنُو إِذَا هَمَّتْ يَدُ الــــــــ
ـــــــــــعَافي فَتَفْرحُ بالعَطَاءِ فَتُغْدِقُ

يَا أنتِ يَا رَيْحَانَةَ الدُّنـْيَا، ويَا
حُلُمًا بهِ تَحْيَا القُلُوبُ وَتَخْفِقُ

سَلِمَتْ يَدَاك ِ ، أَيَا بلاَدِيَ إِنـَّنِي
في بَحْرِ عِشْقِكِ مَوْجَةٌ تَتَحَرَّقُ

تَعْلُو إِذَا أَرْغَى المُحِيطُ تَجَبُّرًا
وَتَعُودُ تَهْدَأُ حِينَمَا يَتَروَّقُ

عَلِقَتْ به مَرْهُونةً بحَيَاتِهَا
وَأَشَدُّ أَحْوَالِ المُحِبِّ تَعَلُّقُ

كَالزَّوْرَقِ الهَيْمَانِ مَالَ بهِ الهَوَى
فَحَنَى عَلَيْهِ البَحْرُ . . إِنِّي الزَوْرَقُ

رُوحِي وَرُوحُكِ تَوْأَمٌ ، وَطَرِيقُنَا
حُلُمُ الأَمَانِ وَنَجْمُهُ المُتَأَلِّقُ

جَفَّتْ يَنَابيعُ الأَنَامِ ، وَلَمْ يَزَلْ
يُنْبُوعُ هَدْيك ِ بالسَّنَا يَتَدَفَّقُ

لَوْ أَنَّهُمْ ذَاقُوا حَلاَوَةَ نَهْجِنَا
لَتَسَابَقُوا نَحْوَ الحِيَاضِ لِيَسْتَقُوا

لَكِنَّهُمْ جَحَدُوا وَكُلُّ مُكَابرٍ
ظُلْمًًا سَيَلْقَى مَا بهِ هُوَ أَلْيَقُ

مَلأُوا صَحَافَتَهُم ظلاَمًا غَادِرًا
وَأَنَا بأَدْمُعِ خَاطِرِي أَتَحَرَّقُ

مَا كَانَ لِي أَنْ تَسْتَكِينَ عَوَاطِفِي
وَأَنَا بعِقْدِ الفَضْلِ مِنْكِ مُطَوَّقُ

مَا كَانَ لِي أَنْ أَسْتَشِيرَ جَوَارِحِي
يَوْمَ الفِدَا ، وَأَنَا الأَسِيرُ المُعْتَقُ

فَخُذِي اليَرَاعَةَ وَاغْمِسِيهَا في دَمِي
تَهْوِي عَصَا مُوسَى عَلَى مَا لَفَّقُوا

مَا كُنْتُ أَسْمَعُ غَيرَ لَحْنِ بَلاَبلٍ
تَشْدُو برَوْضِك ِ ، وَالزُّهُورُ تُصَفِّقُ

مَا كُنْتُ أَقْرأُ غَيْرَ أَسْطُرِ عَاشِقٍ
بَحَنِينِهِ تَزْهُو الحُرُوفُ وتَعْبُقُ

مَا كُنْتُ أَعْرِفُ غَيْرَ لَهْجَةِ مُنْصِفٍ
يَجْلُو الحَقِيقَةَ في عُلاَكِ فَيَصْدُقُ

فَمَنِ الذِّي أَغْرَاهُ حِلْمُكِ فَالْتَوَى
مِنْهُ اللِّسَانُ ، وَنَدَّ عَنْهُ المَنْطِقُ ؟!

مَا بَالُهُ ؟ أَعْمَى عَنِ الحَقِّ الذِّي
مَازَالَ يُرْعِدُ في السَّمَاءِ وَيَبْرُقُ؟

يَنْسَى ؟ . . فَمَا يَنْسَى الكَرِيمُ وَإِنـَّمَا
خُلُقُ اللَّئِيمِ لِكُلِّ فَضْلٍ خَنْدَقُ

وَطَنِي – وَيَا فَخْرِي – هُوَ البَيْتُ الذِّي
تَأْوِي إِلَيهِ المَكْرُمَاتُ وَتُنْفَقُ

باليُمْنِ ( عَبْدَ الله ِ) كَانَ قُدُومُكُمْ
فَمَدَائِنُ الشَّرْقِ الجَمِيلِ تَشَوَّقُ

يَا أَيُّهَا الشَّهْمُ الأَبيُّ تَرَفُّقًا
بالخَافِقِ المَهْمُومِ مِمَّا يُحْدِقُ

هَا شَعْبُكَ المُشْتَاقُ يَرْقُبُ نَخْوَةً
جَيَّاشَةً في مُقْلَتَيْكَ تُحَلِّقُ

رَاعَتْكَ طَلْعَةُ طِفْلَةٍ قَدْ أُطْفِئَتْ
بيَد ِ الظَّلُومِ ، وَأَهْلُهَا قَدْ فُرِّقُوا

وَالقُدْسُ تَغْلِي في جِنَانِكَ لَوْعَةً
وَدِمَاءُ إِخْوَانِ العَقِيدَةِ تُهْرَقُ

يَتَمَلْمَلُ القَلْبُ الكَبيرُ وَقَدْ غَدَا
عِرْضُ العُرُوبَةِ بالحِرَاب ِ يُمَزَّقُ

لاَ لَسْتَ قَلْبًا للعُرُوبَةِ وَحْدَهَا
فَلِكُلِّ جُرحٍ مِنْ فُؤَادِكَ فَيْلقُ

لَكَ في مَآسِي المُسْلِمِينَ نَقِيبَةٌ
سَمْحَاءُ بالكَرَمِ الأَصِيلِ تَدَفَّقُ

تَبَلَى العَطَايَا بالدُّهُورِ تَقَادُمًا
وَعَطَاءُ مِثـْــــلِكَ حُلَّةٌ لاَ تَخْلُقُ

هِيَ مِنْ سَخَاءِ النَّفْسِ تُبْذَلُ رِقَّةً
كَالمَاءِ فَاضَ بهِ النَّمِيرُ المُورِقُ

أَوَلِيَّ عهدِ مَلِيكِنَا بتَوَاضُعِ الـــ
ــــعُظَمَاءِ سُدْتَ فَكَمْ تَلينُ وتُشْفِقُ

أَصْغَيْتَ للشَّيْخِ الضَّرِيرِ فَمَا مَضَى
إِلاَّ وَكَادَ مِنَ البَشَارَةِ يَرْمُقُ !

رَقَّتْ خَلائِقُكَ العِذَابُ فَلِنْتَ في
كَفِّ الكَسِيرِ ، وَطَابَ مِنْكَ المَنْطِقُ

فَإِذَا تَحَدَّثــْتَ امْتَلَكْتَ قُلُوبَنَا
وَإِذَا حَنَوْتَ فَأَنْتَ فِينَا الـمُشْفِقُ

ذَاكُمْ حَدِيثُ المُخْلِصِينَ إِذَا سَرَتْ
خَطَرَاتُهُ تُصْغِي القُلُوبُ وتُطْرِقُ

يَا ضَيْفَنَا حُبًّا سَكَبْتُ قَصِيدَتِي
مَا شَابَهَا – يَا ابْنَ الكِرَامِ- تَمَلُّقُ

مَا زِلْتُ أُكْبرُ كُلَّ شَهْمٍ، قَلْبُهُ
بالدِّينِ وَالوَطَنِ الحَبيبِ مُعَلَّقُ

عَهْدًا عَلَيْنَا بالكِتَاب ِ نَصُونُهُ
أَنْ لاَ تَذِلَّ نُفُوسُنَا أَوْ تُزْهَقُ

سَنَظَلُّ نَحْمِي وَحْدَةً لِعُهُودِهَا
وَفَّى الجُدُودُ، وَلَمْ يَخُنْهَا مَفْرِقُ

فَمِنَ الخَلِيجِ إِلَى الحِجَازِ إِلىَ تَبُو
كَ إِلَى الجَنُوب ِ، وَثِيقَةٌ لاَ تُخْرَقُ

في ظِلِّ فَهْدِ المَجْدِ كُلُّ رُبُوعِنَا
هِمَمٌ مُوَحَّدَةٌ، وَعِزٌّ مُعْرِقُ

فَدَعِي – بلاَدِي- مَنْ يَنِقُّ وَأَنـْشِدِي
فَالفَجْرُ مِنْ خَلَلِ الظَّلاَمِ سَيُشْرِقُ

مِنْ أَيْنَ أَخْتَتِمُ النَّشِيدَ وفي دَمِي
نَبْعٌ يَفِيضُ ، وَبُرْعُمٌ يَتَفَتَّقُ

مَا لِي بعِشْقِكِ يَا بلاَدِي طَاقَةٌ
فَدَعِي فُؤَادِيَ في فُؤَادِكِ يَغْرَقُ

الأحساء – 6/8/1423هـ



اترك تعليقاً