دمعة لن تجف

يا حَسْرَةً صَرَعَتْ في مُهْجَتِي طَرَبا     

يا دمعةً بقيتْ في محجري لَهَبا

عبدَالرحيم لَهيبُ القلبِ مُضْطَرِمٌ     

لا العينُ تُطفِئُهُ لو فاقَت السُّحُبا

ولا لَفيفٌ من الآهاتِ أُطْلِقُهَا     

لو ثارت الآه إثــْر الآهِ والتهبا

يا راحلاً بفؤادي والخطوبُ بـِهِ     

مثلُ الجبالِ تركتَ القلبَ مُنْشَعِبا

عبدالرحيم غدت ساعاتُنا كُرَبًا     

والقلبُ من ألم لِلحزنِ مُنْتَهَبَا

عبدَالرَّحيمِ فتى الفتيان يا قمرًا     

ضاءَ الفضاءُ بهِ واليومَ قَدْ غَرَبا

يا زهرةً في رياض المجدِ زاهيةً     

إكليلها صارَ أحزاناً ومُنْتَحَبَا

حملتُ في القلبِ حُبًّا لم يَزَلْ رَطِبًا     

ولم تزلْ ذكرياتي تُضْرِمُ اللَّهبا

في كُلِّ حالٍ أرى أطيافَهُ مُثُلا     

في ناظِريَّ وقلبي حُبَّهُ شَرِبا

كانت سجاياهُ لي في صُحْبَتِي مُثُلاً      

وبعدَ فُرقَتِه نَهْجًا ومُكْتَسَبَا

كانَتْ مَطَامِحُه ُ- لو أَنَّهَا نَفَذَتْ-     

شِبْهَ المُحَالِ وكانتْ نفسُه شُهُبَا

لم تقترنْ هِمَّةٌ إلا بِمَطْلَبِهَا     

وما رَنَا مسلكًا للمجدِ واضطرَبا

في صمتهِ فِكَرٌ، في نُطْقِهِ عِبَرٌ     

في كَفِّهِ كَرَمٌ ، سُبْحَانَ مَنْ وَهَبَا

كَمْ كِلْمَةٍ مِنْ شِفَاهِ اللَّيلِ تَنْدُبُهُ     

كانتْ تُسَامِرُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ نُدِبَا

كَانتْ نُجُومُ الدُّجَى نِعْمَ الأَنِيسُ لـَهُ   

إذ باتَ يدعو ودَمْعُ العَيْنِ قَدْ سُكِبَا

كُلُّ الهُمُومِ غَدَتْ رَبَّاهُ ذَاهبةً      

وهَمُّ أُمَّتِيَ الغَرَّاءِ مَا ذَهَبَا

مَوْتُ الرِّجالِ إذا ذاعَتْ عيُوبُهُمث     

وفي عيوبِك قد قِيلَ : الجوادُ كبا

 

*****

بالأمسِ كُنَّا ودَرْبُ الخَيْرِ يَجْمَعُنَا     

وَسْطَ الرِّياضِ ونَبْعُ العِلْمِ قَد عَذُبَا

نأوي إلى غُرْفَةٍ كانَ الفقيدُ بها     

نَبْعَ الحُبُور فكيفَ العيشُ إذ سُلِبَا

 

كنا نُؤَمِّلُ موتًا لا يُفَرِّقُنَا     

لكنَّما قَلَمُ الأقدارِ قَدْ غَلَبَا

فانسلَّ من بينِنا لم يصطحبْ أحدًا     

كأنـَّه لجوارِ اللهِ قدْ نُخِبَا

وسارَ بالرَّكْبِ لم تنضَبْ بشاشَتُهُ     

لكنَّما عُمْرُهُ من دَهْرِهِ نَضَبا

يسيرُ بالأهلِ محفوفًا بِحُبِّهِمُ     

والأُمُّ قَدْ شُغِفَتْ بالإبنِ فاحتُسِبا

يسيرُ يُلقِي على الصَّحْراءِ نظرتَهُ     

شأْنَ المُوَدِّعِ فاشتاقَتْ لـَهُ نُوَبَا

وفجأة ًلاَحَ في الآفاق قاتِلُهُ     

يا ليتَه ما بدا ، لكنَّه اقتربا

صاحَ الفتى يُسْمِعُ الرَّحْمَنَ مِن فَمِهِ      

شهادةَ الحَقِّ قَبْلَ المَوْتِ مُرْتَقِبَا

يُؤَيِّدُ اللهُ بالتَّثــْبيتِ مَنْ صَدَقُوا     

قَبْلَ المماتِ ويُخْزِي اللهُ من كَذَبا

صَلَّتْ عليه قُلوبٌ مِلؤُها حَزَنٌ     

تَرجو الثــَّوابَ لـَهُ من رَبِّهِ رَغَبا

من كُلِّ فَجٍّ أَتوا ، الله أَلَّفهم    

في حُبِّهِ جُمِعُوا لا مالَ لا نسبا

في أَعْيُنِ القومِ آلامٌ مُكَتَّمَةٌ     

أَلْقَتْ مدامِعُها في صَمْتِها خُطَبَا

عبدَالرَّحيمِ فؤادي جُرْحُهُ رَعِفٌ     

لو شِئْتُ يَدْمُلُهُ نِسيانُكم لأبى

لولا أمانيُّ نفسي أن تُلاقيَكم     

في جَنَّةِ الخُلْدِ لازدادتْ بكم كُرَبَا

*/ في رثاء صديقي الشيخ عبدالرحيم بن أحمد الهاشم ، الذي توفي إثر حادث على طريق الرياض يوم الأربعاء 21/8/1406هـ مع أمه ، بعد أن قضيت معه سنة دراسية ممهدة لنيل الماجستير . رحمهما الله رحمة واسعة.

22/10/1406هـ



اترك تعليقاً