صدى الحفقان

هذه القصيدة : صدى لقصيدة “خفقان قلب” للشاعر عبدالرحمن العشماوي.

 

شَكَوْتَ أساكَ ، فاشتعلتْ دِمائي     

 وثارتْ في عُروقي كِبريائي

بَثــَــثــْتَ هُمُومَكَ العُظْمَى لقلبٍ     

تَعَلَّمَ مِنْكَ أَلْوَانَ الشِّفَاءِ

تَغَذَّى مِنْ يَراعِكَ ألفَ هَمٍّ     

وكنتَ لِهَمِّهِ (أَجدى دَوَاءِ)

أتأتي أنتَ (مُضْطَرِبَ الأماني)     

أتأتي أنت (مَخْنُــــوقَ الرَّجَــــاءِ)

أتشكوهُمْ، وفي جنبيكَ نَبْعٌ     

من الإِلهامِ رَفَّافُ السَّنَاءِ

أتشكوهم وفي يُمْنَاكَ نَهْجٌ     

يُقَرِّبُ منكَ آفاقَ السَّماءِ

أُعيذُكَ أَنْ يَرَوْا منكَ اضْطرابًا     

فَتُطْفِئُ جَمْرَ غَيْظِهِمُ بماءِ

فإن نالوا بأقلام الثــَّعالي     

فلا تحفلْ بِصَيْحَاتِ الإِمَاءِ

فإِنَّ الحِقْدَ يَقْتُلُ مَاضِغِيهِ     

وَصمتُك في حَشَاهُمْ نَصْلُ داءِ

فَعِشْ كالشَّمْسِ تَأْلَقُ في سَمانا     

إذا استترتْ خفافيشُ الوبَاءِ

وعِشْ كالنَّسْرِ حَلَّقَ في ذُرَاهُ     

ولا تَعْبَأْ بأكوام الغُثَاءِ

ولا تأمنْ أذى الأفعى إذا ما     

نَضَتْ أَثـــْوَابَها وَسَطَ العَرَاءِ

لئِنْ عَرَّيتَهم منْ ثوبِ صَيْفٍ     

فَقَدْ لَبــِــسوا لغاراتِ الشِّتَاءِ

وكُلُّ مُجَاهِدٍ صَدَقَ النَّوَايَا    

يَلَذُّ بصبْرِهِ مُرُّ البَلاَءِ

فإِنْ آذَوا مسامِعَنا بِهَذْرٍ     

كما يَهْذِي بهِ خِدْنُ الطِّلاءِ

فأنتَ البُلْبُلُ الصَّدَّاحُ فينا     

أغانِيهِ تَضَوَّعُ بالشَّذَاءِ

تُنَفِّسُ عن جَوى المحزون كَرْبًا     

وتَرْقُصُ في أساريرِ العَناءِ

وتَرسُمُ كُلَّ أُمنيةٍ تسامتْ     

تجيشُ بها قلوبُ الأتقياءِ

وتلثُم كُلَّ جُرْحٍ في حِمانا     

بأبياتٍ تَسَرْبَلُ بالبَهاءِ

تُسافِرُ في دِماها عاصفاتٌ     

من الأحزانِ تَقْطُرُ بالدِّمَاءِ

 

لَكُمْ في كُلِّ قافيةٍ دروسٌ     

تُعَلِّمُنَا أفانينَ الوَفَاءِ

شهيدُ الزَّهْرِ يَرْفُلُ في حُلاكم     

وذي زَهْرانُ تفخرُ بالرِّثــَاءِ


وعَزَّتْ في قوافيكم حِجَارٌ     

تَلَهَّفُ في بلادِ الأنبياءِ

تُؤَمِّلُ : فالنُّفُوسُ لها انشراحٌ     

وسُحْبُ الحُزْنِ تُؤْذِنُ بانجلاءِ

وتهتفُ:  فالقلوبُ لها وَجِيبٌ     

وصَدْرُ الكَوْنِ يَجْهَشُ بالبُكاءِ

وتكبيرُ الشَّبابِ لَهُ رَنِينٌ     

يَظَلُّ صَداهُ يَهْزَأُ بالثناءِ

تَمُدُّ قصيدَك الأيَّامُ عُمْرًا     

وتَجْرِفُ هَمْهَمَاتِ الأَدْعِياءِ

وتحيا كُلُّ قافيةٍ أُضيئتْ     

بنورِ الحقِّ في قَلْبِ الفَنَاءِ

تعيشُ حروفُنا وَهَجًا ونورًا     

وبَرْقُ الحاقدينَ إلى انطفاءِ

أيا قلبًا بهِ منْ كُلِّ قَلْبٍ     

سُوَيْدَاهُ ، تَرَفَّقْ في الغِناءِ

فما منْ كِلْمَةٍ إلا ستزهو     

وتُنْبِتُ في المَدى شَجَرَ الإِبَاءِ

وإنْ شَحَذَ اللِّئامُ سِهامَ غَدْرٍ     

فما يدرونَ ما سَهْمُ الدُّعَاءِ

 

1409هـ



اترك تعليقاً