ظلال الروح

لم أشعر بتلاشي حدود الفضل الأبوي، واندياحها في غير ما نهاية . . قدر ما شعرته حين منّ الله علي بالجلوس على منبر المناقشة في مرحلة الدكتوراه، فهناك اعتراني حياء لا أستطيع وصفه. . فإلى أعز إنسان رأته عيناي، وأحبه قلبي . . أهدي هذه القصيدة. .

 

أَيُّ رُوحٍ سَخِيَّةِ الأَدْوَاحِ
ظَلَّلَتْنِي مُذْ كَانَ غَضًّا جَنَاحِي

 

نَشَرَتْ حَوْلِيَ الحَنَانَ وَمَالَتْ
مَا أَمَالَ النَّخِيلَ سَوطُ الرِّيَاحِ

 

هِيَ مِنِّي الهَوَاءُ ، وَيْحَ ضُلُوعِي
إِنْ تَنَاسَتْ جَوَاهِرَ الأَرْوَاحِ

 

هِيَ مِنِّي الضِّيَاءُ ، وَيْلَ دُرُوبي
إِنْ تَنَاسَتْ ذُبَالَةَ المِصْبَاحِ

 

هِيَ مِنِّي، لاَ ، بَلْ كِيَانِيَ مِنْهَا
فَلْذَةُ القَلْبِ وانْطِلاَقُ السَّرَاحِ

 

يَا جِنَانًا تَهيمُ فِيها السَّوَاقِي
بالعَنَاقِيدِ الدَّانِيَاتِ السِّحَاحِ

 

أَيُّ شِعْرٍ ذَاكَ الذِي رَاحَ يَرْوِي
قِصَّةَ الحُبِّ مِنْ أَغَانِي الكِفَاحِ

 

كَيْفَ يَسْعَى البَيَانُ  – وَهُوَ كَسِيحٌ –
أَنْ يُجَارِي نَدَاكَ في أَيِّ سَاحِ

 

كَلَّ يَا وَالِدِي القَرِيضُ وَأَعْيَا
مَا عَلَى المَرْءِ – عَاجِزًا – مِنْ جُنَاحِ

 

فَتَقَبَّلْ مَشَاعِرَ البكْرِ بكْرًا
هَزَّهَا البرُّ لاَ جَدَا المُدَّاحِ

 

لَكَ حُبٌّ تَجَذَّرَ القَلْبَ حَتَّى
مَازَجَ الرُّوحَ ، مَالهُ مِنْ بَرَاحِ

 

كُنْتُ كَالطَّيْفِ حِينَمَا كُنْتَ سَيْفًا
عَبْقَرِيَّ الصَّلِيلِ سَامِي الجرَاحِ

 

تَقْدَحُ البَاعِثَ الرُّجُولِيَّ شَوْطًا
في صُخُورِ الحَيَاةِ . . أَيَّ اقْتِدَاحِ

 

وَسِنِيُّ الشَّبَابِ أَفْوَافُ وَرْدٍ
تَنْشُرُ العِطْرَ مِنْ كُؤُوسِ الأَقَاحِي

 

فَسِوَاكَ كَانَ المِلاَحُ هَوَاهُ
أَيُّ مَجْدٍ جَنَاهُ خِدْنُ المِلاَحِ

 

وَسِوَاكَ كَانَتْ تَرُودُ خُطَاهُ
وَسْوَسَاتٌ مِنَ الأَمَانِي القِبَاحِ

 

تَغْرِفُ اللَّذَّةُ الرَّخِيصَةُ منْهُ
وَتُذَرِّيهِ خَاوِيَ الأَقْدَاحِ

 

بَيْنَهُمْ كُنْتَ للطُّمُوحِ حَلِيفًا
والنَّجَاحَاتُ للفَتَى الطَمَّاحِ

 

فَرِحَ المَجْدُ حِينَ أَنْعَمْتَ فِيهِ
بحُسَامٍ مِنْ طَرْفِكَ اللَّمَّاحِ

 

أَزْهَرَتْ تَحْتَ خُطْوَتَيْكَ الرَّوَابي
وَازْدَهَى الشَّوْقُ في صُدُورِ البطَاحِ

 

مِنْ هُنَاكَ . . كَانَتْ حَيَاتُكَ عِشْقًا
أَبَدِىَّ الغُدُوَّ بَعْدَ الرَّوَاحِ

 

تَقْنِصُ العِزَّ وَالكَرَامَةَ حُرًّا
مِنْ جِبَاهِ النُّجُومِ والإِلْحَاحِ

 

تَرِدُ المُرَّ في الحَيَاةِ لِتَرْوِي
يَا حَبيبي بالسَّلْسَبيلِ طِمَاحِي

 

لَيْتَنِي أَبْذُلُ النَّقِيبَة بــِرًّا
للَّذِي اخْتَطَّ في الحَيَاةِ نَجَاحِي

 

للَّذِي كُنْتُ في لَذِيذِ رُؤَاهُ
كالمَنَارَاتِ في رُؤَى المَلاَّحِ

 

كَانَ في مَيْعَةِ الصِّبَا مِنْ حَيَاتِي
يَعْصِرُ الأُنْسَ مِنْ سَنَا أَفْرَاحِي

 

وَإِذَا غَالتِ البَشَاشَةَ نَارٌ
كَانَ في جَمْرِهَا الحَقُودِ نَوَاحِي

 

عَلِقَتْ في لِسَانِهِ دَعَوَاتٌ
هِي رَوحِي وَخَيْمَتِي وَمَرَاحِي

 

عَادَ لِي الوَالِدُ الشَّفُوقُ شَقِيقًا
يَشْطُرُ الوُدُّ بَيْنَنَا أَتْرَاحِي

 

سَائِلِ الهَمَّ مَنْ أَرَاقَ دِمَاهُ
حِينَمَا هَمَّ أَنْ يُرِيقَ ارْتِيَاحِي

 

سَائِلِ العِلْمَ بَيْنَ جَنْبَيَّ عَمَّنْ
فَتَقَ الوَرْدَ في حُرُوفي الفِصَاحِ

 

وَاسْأَلِ اللَّيْلَ : مَنْ سَرَى بيَ حُبًَّا
مِنْ رُؤَى الحُلْمِ للعُلاَ وَالصَّلاَحِ

 

آهِ مِنْ خَفْقِي المُكَبَّلِ عَمَّا
يَتَمَنَّى الفُؤَادُ مِنْ أَطْمَاحِي

 

يَا جَنَاحَيَّ فَاتْبَعَا لِحَبيبي
جَوْلَةَ العِطْرِ في المَدَى الفَوَّاحِ

 

وَانْظُرَا لِي هَنَاكَ خَفْقُ فُؤَادِي
يَغْزِلُ الضَّوْءَ في الرَّبيعِ الضَّاحِي

 

لِيُوَشِّي بحُلَّةِ النُّورِ رُوحًا


ظَلَّلَتْنِي مُذْ كَانَ غَضًّا جَنَاحِي

غرة رجب 1419هـ

 



اترك تعليقاً