هذيان الحمى

فَرَّ الضُّحَى مِنْ وَجْنَتَيْكِ فَتَاهَا
وَغَوَى الدُّجَى في مُقْلَتَيْكِ سِفَاهَا

 

وَتَبَدَّلَتْ صُوَرُ الصَّبَاحَةِ وانـْـطَفَا
في أَعْيُنِ العُشَّاقِ سِرُّ بَهَاهَا

ذَبُلَتْ عَلى خَدَّيكِ أَزْهَارُ الصِّبَا
وَذَوَتْ حَدَائِقُهُ فَمَنْ وَاسَاهَا؟

أَسْرَابُ مَنْ تَهْوَينَ في سُفُنِ الهَوَى
حَيْرَى ، وَمَا مِنْ مُنْقِذٍ أَجْرَاهَا

تَرَكُوكِ . . لاَ . . بَلْ كُبِّلوا عَنْ قُبْلَةٍ
رَامُوا بهَا فَوْقَ الشِّفَاهِ شِفَاهَا

فَاضَتْ كُؤُوسُ الخَوْفِ حَتَّى لَمْ يَعُدْ
في الآمِنِينَ بَقِيَّةٌ تَنْعَاهَا

مَاذَا جَرَى للصَّافِنَاتِ ؛ صَهِيلُهَا
أَمْسَى أَنِينًا وَالحَفَا أَدْمَاهَا

وَدَّعْتِ أَلْوِيَةَ الكَرَامَةِ فَالْتَوَتْ
نَارُ القِرَى ، وَانـْهَارَ فَيْضُ نَدَاهَا

سَرَّحْتِ غِزْلاَنَ العَرينِ فَمَا رَعَتْ
إِلاَّ وَآسَادُ الشَّرَى أَسْرَاهَا

وَتَرَكْتِ قُدْسَ الأَنـْبيَاءِ جَرِيحَةً
دَعْوَى السَّلاَمِ تَحُومُ حَوْلَ حِمَاهَا

وَعَكَفْتِ تَرقِينَ الجِرَاحَ وَنَزْفُها
يَغْلِي، وَبَيْن أَضَالُعِي حُمَّاهَا

أَرَّقْتِ قَلْبي ، وَارْتَوَيْتِ بمَائِهِ
وَسَلَبْتِ مِنْ رُوحِي لَذِيذَ مُنَاهَا

وَعَوَيْتِ في دَرْبي، وَمَا في جَبْهَتِي
إلاَّ الصُّمُودُ يَمُوتُ فَوْقَ رُبَاهَا

أَغْلَقْتِ ضَوْءَ نَوَافِذِي ، وَطَلَبْتِ مِنْ
كَفِّي بَأَنْ تَرْفُو ثــُـغُورَ رُؤَاهَا

يَا أُمَّتِي مَالِ الأَسَى يَهْذِي عَلَى
لُجَجِ المُنَى ، وَيَجُولُ فَوْقَ ذُرَاهَا ؟

أَأَقَامَ ؟ وَيْلَ الذُّلِّ يَنْسُجُُهُ الهَوَى
وَيَدُوسُ هَامَاتِ العُلاَ وَسَمَاهَا !!

يَا أُمَّتِي شَقَّ النِّدَاءُ حُشَاشَتِي
وَكَوَى شِغَافي واسْتَبَاحَ دِمَاهَا

مَنْ ذَا أُنَادِي فِيكِ يَا بنْتَ السَّنَا ؟!
وَمَنِ الذِّي يَرْنُو خُيُوطَ سَنَاهَا ؟!

صَوتُ الجهَادِ الحُرِّ بُحَّ ، وَعَرْبَدَتْ
في السَّاحِ إِسْرَائِيلُ لَيْسَ سِوَاهَا !!

مَا بَيْنَ أَمْوَاجِ الفُرَاتِ وَنِيلِهِ
تَجْتَاحُ مَا تَهْوَى ، فَمَا أَخْزَاهَا؟!

أَيْنَ الصَّفَائِحُ والصَّحَائِفُ أَيْنَهَا
وَمَن الذِي في الخَافِقَيْنِ طَوَاهَا!؟

يَا أُمَّتَاهُ طَغَى الضَّبَابُ عَلَى الرُّؤَى
فَلْتُسْعِدِي قَلْبي بشَمْسِ هُدَاهَا

أَوَ لَسْتِ مَنْ سَكَبَ السَّلاَمَ عَلَى الدُّنَى
حَتَّى رَأَتْ فِيكِ الحَضَارَةُ مَاهَا!؟

أَوَ لَسْتِ مَنْ رَوَّى الجَزِيرَةَ كَوْثــَرًا
وَأَحَالَ خَيْمَتَهَا مَدًى تَيَّاهَا!؟

قُولِي . . فَقَدْ جَفَّ السَّنَا وَأَنِينُه
واليَأْسُ في كَنَفِ الأَسَى يَتَبَاهَى

قَالُوا لَنَا : كُفُّوا عَنِ المَاضِي فَقَدْ
أَخْجَلْتُمُ الأَجْدَادَ مِنْ شَكْوَاهَا

هَذِي لُحُودُهُمُ تَجيشُ حَمِيَّةً
وَقَدْ انــْزَوَتْ فِيكُمْ حَمِيَّةُ طَهَ

يَا مَنْ عَلى سَنَنِ العِدَا سِرْتُمْ وَمَا
تَدْرُونَ أَنَّ النَّارَ في أَخْفَاهَا

إِنـِّـي لأُشْفِقُ مِنْ حَنِينِ جِمَالِهِمْ
وَأَذُوبُ خَوفًا مِنْ وَئِيدِ خُطَاهَا

لاَ تُشْبعُ الضَّبُعَ الـمُجَوَّعَ ظَبْيَةٌ
وَدَمُ القَطِيعِ يَمُورُ مِثـْلَ دِمَاهَا

هَذِي شُعُوبُ المُسْلِمِينَ رَهِينَةٌ


فَمَتَى تُفَكُّ يَمُوجُ بَحْرُ فِدَاهَا

 

عيدالفطر عــ(1422هـ) ـام



اترك تعليقاً