يا دعوة الله

يا دعوةَ الله

شعر/ د.خالد بن سعود الحليبي

 

حبًّا أتيتُ، فلبَّى الروحَ محبوبُ

 

وليس في الحبِّ حُجَّابٌ ومحجوبُ

أهواكِ، إنيَ في مسرى الهوى حذرٌ

 

وفي هواك .. فؤادي فيك مغلوب

يغلي الهوى في فؤادِ العاشقينَ وقد

 

ثابوا لأمرِ الهوى: يا رفقتي ذوبوا

فكلُّ قولٍ إذا فاضوا به حَسَنٌ

 

وكلُّ فعلٍ إذا أهدَوهُ محبوبُ

أنتِ الهوى، يا فتاةَ الرُّوحِ، كلُّهُمُ

 

جاءوا، وفي دمهم من فيكِ مطلوب

قالوا فيا حسنَ ما قالوه من درر

 

تحكي النضارةُ؛ مكتوبٌ ومخطوب

يا أنتِ، يا غرة الدنيا وبهجتَها

 

 حارَ الملقِّبُ إذ أعياه تلقيبُ

لا حسنَ بعدكِ، غارت منك قافلةٌ

 

من الجمال، وهلَّ الضَّوءُ والطيب

إذا هطلتِ، فغيثٌ للنفوسِ همى

 

وإن ضَمُرتِ فثوب الحسنِ مسلوبُ

زوري فإنك فألي حين يلثمني

 

وقلبُ مثليْ لحُسنِ الفأل مجذوبُ

يا دعوةَ الله يا ضوء السُّراة إذا

 

تلفع الليل، وامتدتْ غرابيب

يا دعوةَ الله يا أمنَ الديارِ إذا

 

تناسلَ الجهلُ، واستفتاه ترهيب

يا دعوة الله، يا رُشْدَ الغواةِ إذا

 

باغٍ تسلَّطَ واستهواه تخريبُ

يا دعوةَ الله يا ميزان نهضتنا

 

إذا تنازع تشريق وتغريب

ما أنت بنتَ فلان، لا، ولا نزعت

 

أرضٌ، ولا لك في الأعراق منسوب

من فوق سبع طباق حطَّ حاملها

 

على فؤادٍ بنصر الله مصحوبُ

ولدت والكعبة الغراء شاهدة

 

والشامخات لها سَبْحٌ وتطريبُ

فليفخر الناس بالدنيا وكدرتها

 

ففخرنا فيك كالسَّلسال مسكوب

يا لفتة الحسن، في أحداقنا جدلٌ

 

 أذاك هديُكِ في الأجواء مشبوب

أم الشموسُ التي غارتْ فما سَكَنَتْ

 

حتى تضرجتِ الآفاقُ والطوبُ

ما للدعاة ظلالٌ مثلُ دوحِكِ يا

 

حقلا بحناءِ دينِ الله مخضوبُ

أنت النواة، وكل الأرض أفئدة

 

تطوف حولك، والأشواق أُلهوبُ

أرضٌ تعهدها المولى فأعظمها

 

وفي حماها جناب الحقِّ مرهوب

أرضٌ تعهد عبدُ الله يحرسها

 

باسم المهيمنِ، والميزان منصوبُ

حكمٌ تنزلَ، لا حكمٌ تواضعَ في

 

تسطير دستوره عقلٌ وتجريبُ

العزُّ يعرف من للعزِّ قد نهضوا

 

والذل يعرف من للذلِّ مجلوبُ

وها هنا أنتَ ذا.. فرعُ الألى نهضوا

 

بدعوةِ اللهِ، فالآفاقُ ترحيب

قامت لهم في ربوع البيد ألويةٌ

 

لها الأعاجم لانت، واليعاريب

إليك أنتَ (أبا تركي) أتتْ زُمَرٌ

 

من الدعاة، فحيا الوجهُ والطيبُ

يا من تَفَتَّحُ في راحاته فِكَرٌ

 

كما يُفَتِّحُ نَورَ الوردِ شؤبوبُ

إليك ترفعُ هاماتُ العقول رؤى

 

كأنما عُقدتْ فيها الأعاجيب

وأنتَ أنت الذي تسقي مشاتلَها

 

وقد تعاهدها بالعلم تهذيبُ

حفَّزت همةَ من يدعو، ومن درسوا،

 

ومن تميَّزَ، أو في البرَّ محسوب

تهمي يداكَ، فما رُدَّت يدٌ أَمِلت

 

وإذ قدرتَ فعفوٌ منك موهوب

(شرقيةُ الخير) والعشرونَ تعرفُ من

 

يبرعم الحبَّ فيها وهو محبوب

تحيي المساجدُ من أحيا عمارتَها

 

ويخلدُ الذكرُ ما تبقى المحاريب

يفيض فيها كتابُ اللهِ تغرفُهُ

 

القلوبُ من نهرها؛ الشبانُ والشيب

يا دعوة الله، طاب السعيُ، فابتسمت

 

له الحياة، وعند الله مكتوبُ