الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد فيا عباد الله.. أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله وطاعته، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة: 119].
عباد الله.. إن في تقلب الأيام ومرورها عبرة لمن أراد أن يذكّر أو أراد شكورًا، ومرور الأيام ومواسمها ينبغي ألا يزيد العبد المؤمن إلا قربًا من ربه، ومحبة له، وبحثًا عن مراضيه، وها هي ذي أيام العشر الأول من ذي الحجة تقترب منا بروحها وريحانها وعبقها الجميل، أيام بر وذكر وأجر، خير أيام الدنيا، فهل نسعى لاغتنامها، أم نفرط فيها ونضيعها؟!
إن حياة الإنسان المسلم لا تكاد تنقطع من أداء نوعٍ من أنواع العبادة التي تُمثل له منهج حياةٍ شاملٍ مُتكامل؛ فهو على سبيل المثال مكلفٌ بخمس صلواتٍ تتوزع أوقاتها على ساعات اليوم والليلة، وصلاة الجمعة في الأسبوع مرةً واحدة، وصيام شهر رمضان المبارك في كل عام، وما أن يفرغ من ذلك حتى يُستحب له صيام ستةِ أيامٍ من شهر شوال، وهناك صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر، ثم تأتي الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة فيكون للعمل الصالح فيها قبولٌ عظيمٌ عند الله تعالى.
وليس هذا فحسب؛ فهناك عبادة الحج وأداء المناسك، وأداء العُمرة، وصيام يوم عرفة لغير الحاج، ثم صيام يوم عاشوراء ويومٍ قبله أو بعده، إضافةً إلى إخراج الزكاة على من وجبت عليه، والحثّ على الصدقة والإحسان، والإكثار من التطوع في العبادات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول أو العمل أو النية، إلى غير ذلك من أنواع العبادات والطاعات والقُربات القولية والفعلية التي تجعل من حياة المسلم حياةً طيبةً، زاخرةً بالعبادات المستمرة، ومُرتبطةً بها بشكلٍ مُتجددٍ دائمٍ يؤكده قول الحق سبحانه: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} (سورة الشرح: الآية رقم 7).
(عشر ذي الحجة) أيام مباركات لها فضل عظيم، وللعمل الصالح فيها من الثواب ما ليس لغيرها من أيام السنة كلها، حتى إنها تعادل الجهاد في سبيل الله، وهي من أعظم المواسم التي امتن الله تعالى بها علينا، فهي باب عظيم من أبواب تحصيل الحسنات ورفع الدرجات وتكفير السيئات، والموفق من اغتنمها وحاز على رضا الله تعالى فهي أفضل أيام الدنيا لاجتماع أمهات العبادة فيها، وهي (الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها)، وهي الأيام التي أقسم الله تعالي بها في كتابه بقوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}[ الفجر:1-2].
فهي أفضل من أيام العشر الأخير من رمضان، وهي أعظم الزمن بركةً؛ إذ لها مكانةٌ عظيمةٌ عند الله تعالى، تدلُّ على محبَّته لها وتعظيمه لها؛ فهي عَشْرٌ مباركاتٌ كثيرةُ الحسنات، قليلة السيِّئات، عالية الدَّرجات، متنوّعة الطَّاعات، قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } (سورة الحج: 27 -28 ). قال ابن عباس رضي الله عنهما: الأيام المعلومات أيام العشر” (تفسير ابن كثير: 3/239).
وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم-:”ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ (يعني: أيامَ العشر) قالوا: يا رسول الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء” ( أبو داود، الحديث رقم 2438، ص 370). وعن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” إن العشرَ عشرُ الأضحى، والوترُ يوم عرفة، والشفع يوم النحر” (رواه أحمد، ج 3، الحديث رقم 14551، ص 327). يشير إلى أول سورة الفجر.
لقد فقه السلف قيمة الزمن في عشر ذي الحجة، حتى كان سعيد بن جُبيرٍ إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه” (رواه الدارمي، برقم 1774).
لقد أكمل الله تعالى في هذه العشر دينه، وبكمال الدِّين يَكْمُل أهله، ويَكْمُل عمله، ويَكْمُل أجره، ويعيشون الحياة الكاملة التي يجدون فيها الوقاية من السيئات، والتلذُّذ بالطَّاعات، وقد حسدنا اليهود على هذا الكمال؛ قال حَبْرٌ من أحبار اليهود لعمر: آيةٌ في كتابكم لو نزلت علينا معشر اليهود؛ اتَّخذنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيدًا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِينًا}[المائدة:3]. قال عمر:”إني أعلم متى نزلت، وأين نزلت، نزلت يوم عرفة في يوم جمعة”. وكمال الدِّين يدلُّ على كمال الأمَّة وخيريتها. وفيها تجتمع العبادات ما لا تجتمع في غيرها، فهي أيام الكمال، ففيها الصلوات كما في غيرها، وفيها الصَّدقة لمَنْ حال عليه الحَوْل فيها، وفيها الصوم لمَنْ أراد التطوع أو لم يجد الهَدْي، وفيها الحجّ إلى البيت الحرام ولا يكون في غيرها، وفيها الذِّكْر والتَّلْبية التي تدلّ على التوحيد، وفيها الدعاء، واجتماع العبادات فيها شرفٌ لها لا يضاهيه فيه غيرها، ولا يساويها سواها. وفيها يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، ويوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجَّة، يومٌ مجيدٌ، يعرف أهله بالتوحيد؛ إذ يقولون: لا إله إلا الله، وقد قال: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”[حسنه الألباني في المشكاة (2598)].
ويعرف الإنسان ضعف نفسه؛ إذ يُكْثِر من الدّعاء، ويلحّ على الله في الدّعاء، ويعرف إخوانه المسلمين الذين اجتمعوا من كلِّ مكانٍ في صعيدٍ واحد، ويعرف عدوّه الرجيم الذي ما رُئِيَ أصغر ولا أحقر منه في مثل يوم عرفة، ويعرف كثرة مغفرة الله لعباده في هذا اليوم؛ لكثرة أسباب المغفرة، من توحيد الله، ودعائه، وحفظ جوارحه، وصيامه (لغير الحاجّ). وهو يوم الحجّ الأعظم؛ الذي قال عنه: “الحج عرفة” [صحيح سنن ابن ماجه 3015].
وصومه تطوّعًا يكفِّر ذنوب سنتين: سنة ماضية وسنة مقبِلة، وما علمتُ هذا الفضل لغيره؛ فكأنه حفظ للماضي والمستقبل. وفيها يوم النّحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجَّة، وهو أفضل الأيام، وفيه معظم أعمال النُّسُك: من رمي الجمرة، وحَلْق الرَّأس، وذبح الهَدْي، والطَّواف، والسَّعي، وصلاة العيد، وذبح الأُضحية، واجتماع المسلمين في صلاة العيد، وتهنئة بعضهم بعضًا.
اللهم لا تحرمنا فضلك، واجعل لنا فيها أفضل الحظ والنصيب. عباد الله توبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الأخرى:
الحمد لله ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد فاتقوا الله عباد الله، واستثمروا هذه الأوقات بكل ما تستطيعون، ومن ذلك:
التوبة إلى الله: فينبغي على المسلم أن يستفتح هذه العشر بتوبة نصوح إلى الله، عز وجل، وتجديد النية باغتنام هذه الأيام فيما يرضي الله تعالى، وذلك باستقبال مواسم الخير عامة بالعزم الأكيد على اغتنامها بما يرضي الله سبحانه وتعالى.
فلنحرص على اغتنام هذه الفرصة السانحة، قبل أن تفوت فلا ينفع الندم حينئذ، بل المؤمل من المؤمن الإكثار من الأعمال الصالحة عمومًا لقوله: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام يعني أيام العشر…”[أبو داود وصححه الألباني].
فالعمل الصالح محبوب لله تعالى في كل زمان ومكان، ويتأكد في هذه الأيام المباركة، وهذا يَعني فضل العمل فيها، وعظم ثوابه، فمن لم يمكنه الحج فعليه أن يعمر وقته في هذه العشر بطاعة الله تعالى، من الصلاة، والصيام، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والصدقة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وغير ذلك من طرق الخير، وهذا من أعظم الأسباب لجلب محبة الله تعالى.
قال ابن رجب رحمه الله: (لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرًا على مشاهدته كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركًا بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته، يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج).
ومن العمل الصالح العظيم: الحرص على الصلاة في جماعة، والحرص على الوقوف في الصف الأول في الجماعة، والإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات لله تعالى، فعن ثوبان رضي الله عنه قال:”سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:”… عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السجُودِ لِلَّهِ فَإِنكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً”[ مسلم برقم: 753].
والصيام في أيام العشر ولو صام التسعة الأيام لكان ذلك مشروعًا؛ لأن الصِّيام من العمل الصالح، فعن هنيدة بن خالد قالت: “حدثتني بعض نساء النبي أن النبي كان يصوم يوم عاشوراء وتسعاً من ذي الحجة وثلاثة أيام من الشهر أول اثنين من الشهر وخميسين”[ أخرجه النسائي 4/205 وأبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/462].
ومن الأعمال الخفيفة على اللسان الثقيلة في الميزان: ذكر الله تعالى والتكبير: الله عز وجل: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[الحج:28]. فإن الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء. وروى البخاري في صحيحه: “وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السّوقِ فِي أَيّامِ الْعَشْرِ يُكَبّرَانِ وَيُكَبّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا”.
وروى أيضا:”وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى، فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ اْلأَسْوَاقِ، حَتَّى تَرْتَجّ مِنًى تَكْبِيرًا. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ اْلأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ اْلأَيَّامَ جَمِيعًا. وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكُنّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ”. وعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ:”مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَب إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِن مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِن مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ” [أخرجه أحمد 5446 حسنه الأرناءوط].
فكبّر -رعاك الله – في المسجد وفي بيتك وفي السوق وفي طريقك، وذكر به أهلك وعود أولادك على ذلك.
ومن العمل الصالح: قيام الليل: قال ابن رجب الحنبلي: وأما قيام ليالي العشر فمستحب. وورد إجابة الدعاء فيها. واستحبه الشافعي وغيره من العلماء. وقال:”عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات”[ الترمذي 3549 وحسنه الألباني].
وأداء الحج والعمرة: وهما واقعان في العشر، باعتبار وقوع معظم مناسك الحج فيها، ولقد رغّب النبي – صلى الله عليه وسلم- في هاتين العبادتين العظيمتين، وحث عليهما؛ لأن في ذلك تطهيرًا للنفس من آثار الذنوب ودنس المعاصي، ليصبح أهلاً لكرامة الله تعالى في الآخرة. فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:”الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ”[متفق عليه]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ:”مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ”[متفق عليه].
ويُكْثِرُ من الصدقة في العَشْر؛ إذ الصَّدقة فيها أفضل من الصَّدقة في رمضان، وما أكثر حاجات الناس في العَشْر من النفقة والاستعداد للعيد ونحو ذلك، وبالصَّدقة ينال الإنسان البرَّ، ويضاعَف له الأجر، ويُظلُّه الله في ظلِّه يوم القيامة، ويفتح بها أبواب الخير، ويغلق بها أبواب الشرِّ، ويفتح فيها باب من أبواب الجنة، ويحبّه الله ويحبّه الخَلْق، ويكون بها رحيمًا رفيقًا، ويزكي ماله ونفسه، ويغفر ذنبه، ويتحرَّر من عبودية الدِّرهم والدِّينار، ويحفظه الله في نفسه وماله وولده ودنياه وآخِرته.
ومن الأعمال العظيمة في أيام العشر: تلاوة القرآن قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر:9-30].
ومنها: صلة الأرحام: قال:”يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام”[سنن ابن ماجه 3251 وصححه الألباني].
ومن أجلّ الأعمال في هذه العشر التي يظهر فيها التذلل وتعظيم الرب ذبح الأضحية تقربًا لله، وهو سنة مؤكدة على الصحيح من مذاهب الفقهاء. وقد ثبت في الصحيحين: (أن النبي ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمّى وكبّر، ووضع رجله على صفاحهما) [متفق عليه]. فينبغي للمسلم القادر في ماله أن لا يفرّط في هذه الشعيرة العظيمة متى ما كان الأمر متيسرًا له؛ لأنها سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وواظب عليها نبينا محمد اتباعًا له، وحضَّ عليها وشدد في تركها.
وعلى من نواها أن يُمْسِك عن شعره وظفره وجلده حتى يذبح أضحيته، ولا يلزم ذلك أهله الذي شملهم بأضحيته.
وختامًا ينبغي للمسلم أن يجتهد اجتهادًا كبيرًا في هذه العشر، وينقطع للعبادة ويفرغ وقته لأداء الذكر والنسك والتقرب لله بأنواع القرب على حسب استطاعته.
أسأل الله تعالى ألا يحرمنا من جوده وفضله وكرمه، وأن يمن علينا بالطاعات، وأن يتقبل منا ذلك إنه سميع مجيب.
اللهم مُنَّ على حجاج بيتك بالسلامة والقبول، ووفق غير الحجاج للطاعات وتقبل ذلك منهم. اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين وانصر إخواننا المجاهدين وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين، اللهم انصر إخواننا في فلسطين وفي كل مكان، اللهم رد عنهم كل اعتداء ، اللهم أنزل معهم ملائكتك تقاتل معهم وتدفع عنهم ، اللهم أطعم جائعهم، واكس عاريهم، وانصر مجاهدهم، واقبل شهيدهم.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، وهيئ لهم بطانة صالحة تذكّرهم إذا نسوا وتعينهم إذا ذكروا، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك .
اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــ
[استفدت كثيرًا من مقالة للأستاذ/ عبد العزيز مصطفى الشامي].
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.