الترويح والعمرة في رمضان
الخطبة الأولى:
الحمد لله المتوحد في جلاله، المتفرد في سلطانه، جل عن الشريك والند، وتنزه عن الصاحبة والولد، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد فاتقوا الله عباد الله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 1.2]، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
عباد الله:
فإن مما يكثر ذكره في عصرنا حول العبادات ما تتضمنه من مصالح ملموسة، وحكم ظاهرة تبدو آثارها على حياة الإنسان في دنياه، كالرياضة في الصلاة، والتكافل الاجتماعي في الزكاة، والسياحة في الحج، وتلك حكمة الله تعالى الذي جعل العباد يشهدون في عبادته منافع جمة لهم، ولكن ذلك لا يعني أبدًا أن ننسى أن العبادة أصلاً شُرعت لتحقيق التوحيد الخالص، والخضوع التام لله وحده، وما يصاحب هذا الهدف العظيم من أهداف أخرى إنما هو فضل ومنة من الله وحده على عباده العاملين، فالصيام مع ما فيه من أثر صحي وأثر اجتماعي بالغ النفع، فإنه جاء لتربية النفوس على التقوى، ومراقبة الخالق سبحانه في جميع الحركات والسكنات؛ يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
ولعل شهر رمضان المبارك يجمع بين فضيلتي الصوم والصدقة، وما لهما من فوائد ومنافع على الفرد والمجتمع، فإن الرحمة تنشأ عن الألم، فإذا ذاق الغني طعم الجوع الذي يذوقه الفقير تحركت أحاسيسه تجاهه، وإن غرغرة المعدة في نهار رمضان لخطبة بليغة اللسان، تعظ الغني أن ينسى أخاه الفقير، فتزكو نفسه، وتتربى على خلال الجود والرحمة والشعور الرفيع، الذي يزهق أنفاس الأنانية، ويرتفع إلى مستوى الإيثار، ورد أن يوسف عليه السلام كان يكثر الصيام وهو على خزائن الأرض، فسئل في ذلك فقال: ((أخاف إذا شبعت أن أنسى جوع الفقير)).
أخي الصائم.. إن من الغلظة حقًّا أن تجد أقوامًا لا تهزهم دمعة محروم، ولا تحرّك أعصابهم تأوهات مبتلى، ران على قلوبهم ما يكسبون من الأموال الطائلة، فعاشوا لأنفسهم، يهرقون الذهب والفضة بين يدي شهواتهم وسفراتهم بل وأطفالهم، ويضنون بها عن أسرة محتاجة فقدت عائلها، أو يتيم يتجرع مرارة اليتم كل يوم مرات ومرات، وكأنهم ضمنوا النعمة التي بين أيديهم، والله تعالى يقول: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} [النساء: 9].
إن رمضان – كما يقول أحد العلماء -: ((شهر نزلت فيه هداية السماء إلى الأرض، فناسب أن يكون زمن عبادة ترتفع بها النفوس من شهوات الأرض إلى روحانية السماء، وتتخلص من جوانب المادية ودوافع الغرائز إلى صفاء ونقاء يضفي على النفوس البشرية نوعًا من الشفافية والرقة)).
فما أقسى قلبه !! ذاك الذي دخل رمضان فلم يغيّر في موقفه من الفقراء شيئًا، وما أرقّ قلبه !! ذاك الذي لم تطب نفسه حين أراد أن يستعد لشهر الصوم ببعض الاحتياجات إلا أن يتكفل بعدد من الأسر ليفرحهم كما فرح، ويؤنس نفوسهم التي أوحشها الفقر، ولوعتها الفاقة.
لقد اعتاد الناس في رمضان صورًا اجتماعية رائعة، يتبادلون فيها هدايا الأطعمة فيما بينهم، ويتداعون إلى الولائم، وكان لا بد أيضًا أن يكون لفئة الفقراء منهم نصيب، فبئست الوليمة، يدعى إليها الأغنياء، ويطرد عنها الفقراء. {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92]. وقف سائل على باب الربيع فقال: أطعموه سكرًا، فقالوا: ما يصنع بهذا السكر؟ نطعمه خبزًا، قال: ويحكم أطعموه سكرًا؛ فإن الربيع يحب السكر.
إن رمضان هو شهر الجود، وأفضل الجود وأكرمه هو الجود على المحتاجين؛ لأنه خالص من نوايا تبادل المصالح، والرد بالمثل كما يقع بين الأغنياء. وفيه روح التكافل الاجتماعي الذي حثَّ عليه ديننا الحنيف.
أخي الصائم.. رمضان شهر كريم.. وكريم.. كم يتمنى الفقير قربه مع علمه بأن فيه زيادة في المصاريف، مما يخصه أو يخص كسوة العيد بعده، ولكنه يعلم مع ذلك أنك تجود فيه أكثر من سائر العام، فهو يؤمل أن يجمع فيه أجرة منزله، ونفقات كسوته وكسوة عياله طوال العام، ويقضي ديونه، ليستأنف رحلة جديدة مع نصب الحياة وكدحها.
فلا تخيّب رجاءه، مما أفاض الله عليك من صدقة أو زكاة أو هبة، فإنه لا يضيع عند الله مثقال حبة من خردل من عمل صالح. يقول الله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 227]. وعن أبي هريرة قال: سئل رسول الله : أي الصدقة أعظم أجرًا؟، قال: “أن تصدق وأنت شحيح صحيح، تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان” متفق عليه.
أيها الأحبة: وقد أقبلت إجازة رمضان، فهل ستكون مثل أي إجازة سواها، أم إنها ستكون عونًا على الطاعة، وتفرغًا لزيادة العبادات، الإجاية ستكون من سلوكك أخي المسلم، فقد كاد أن ينفد الثلث الثاني من الشهر الكريم، ولم يبق إلا العشر الأواخر، وهي عشر مفضلة، فيها تتحرى ليلة القدر الشريفة، وفيها كان الرسول يحيي ليله، ويوقظ أهله، ويشد مئزره، ويضاعف من أعماله الصالحة.
ولكننا لا ننكر في هذا العصر أن الإجازات لا تخلو عند الناس من قضية الترويح التي أصبحت جزءًا مهما من حياة الأسر والأفراد، يخصص لها جزء كبير من الوقت، والمال، والتفكير، والمشروعات، ويبدو أن رمضان لم يستثن عند الناس اليوم من هذا العنصر الحياتي، لاسيما خلال الإجازة. ولا شك أن للترويح في ديننا أصلاً، فالرسول يقول: “ولكن يا حنظلة ساعة وساعة” رواه مسلم، مما نقل الترويح في شرع الله من أمر مباح إلى أمر مطلوب، ولكن في إطاره الشرعي المحدد، ودون أن يأخذ مساحة أكبر من حجمه الطبيعي.
ولهذا الشهر الكريم خصوصية ينبغي ألا نهضمها حقها، كما أن لهذا المجتمع خصوصية يجب ألا نتنازل عنها، ومن ذلك المحافظة على أوقات الفرائض، ومراعاة فصل الجنسين خلال اللعب، مراعاة للحكم الشرعي ومناسبة اللعبة لطبيعة كل منهما، وإبعاد الأولاد عن أصحاب السوء؛ حتى لا يكون اللعب مجالا للتأثر السلبي، وعدم اختلاط الترويح بالمحرمات كالغناء والموسيقى والكذب والسخرية بالآخرين.
وإذا كنت – أخي الصائم – قد أجملت في الحديث عن أصناف الألعاب، فإني لا أستطيع أن أقفز على صنفين من الألعاب ينتشر تداولهما بين الناس اليوم، هي ألعاب الكمبيوتر، والمفرقعات.
فأما ألعاب الكمبيوتر فإن اللعب بها أصبح هوسًا عند بعض الأطفال، بل والكبار أحيانًا، حتى إن الساعات تتوالى عليهم وهم يسبحون في عجائبها، منساقين وراء فتنتها، مما يتسبب في مضار صحية من كثرة الجلوس، وتركيز النظر على الشاشة المشعة، إلى الآثار النفسية بسبب التوتر الشديد في حلبات السباق الموهوم، كما ثبت علميًّا أنها تصيب ممارسها بالملل وهو عكس هدف اللعب بها، إلى الآثار الاجتماعية حين يتحول اللاعب إلى عضو أشل في المنزل لا نفع له، فينتج عن ذلك مشكلات أسرية عديدة ولا سيما حين يكون الزوج ورب الأسرة.
وأما المفرقعات أو ما يسمى بالشراقيات – وما أكثرها في رمضان والعيدين – فإنها لعبة المآسي والسادية، فهي إيذاء للآخرين وتلذذ بهذا الإيذاء، فكم روّعت من إنسان، وكم أثخنت من جرح، وكم أتلفت من ممتلكات، ولا أستطيع أن أتناسى جمرة الأسى في قلبي حين رأيت صورة طفلة بريئة فقدت نور عينها بسبب طلقة مفرقعة صبيانية من طفل آخر، لتبقى طول حياتها مشوهة حسيرة.
إن مسؤولية حصار هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة تتوزع بين التاجر الذي يخالف الأنظمة ببيعها ويروج بضاعة ضارة، وبين من يقوم بشرائها، فهل من حل حاسم لنقضي على هذه الظاهرة الضارة؟! استجابة لقول الرسول : “لا ضرر ولا ضرار” رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
عباد الله.. التائب من الذنب كمن لا ذنب له، توبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الأخرى:
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن المسلمين في هذا الشهر الكريم يحرصون أن يكون لهم من كل عمل صالح نصيب، وإن قل. وإن هذه الأعمال الصالحة المضاعفة الأجر زيارة بيت الله الحرام لأداء العمرة؛ أملاً في الحصول على ثواب حجة مع النبي ، كما ورد في حديث صحيح عنه، وهو عمل جليل، يتحمل المسلم في سبيله مشاق كثيرة، فهو يبذل ماله، ويتغرب عن دياره، ويؤجل أعماله، ويضحّي بوقته واستقراره، كل ذلك طمعًا فيما عند الله تعالى. ولا شك أن من خلصت نيته، وصح اتباعه فقد ربح الصفقة.
ولكن – أخي الصائم – هل لي أن أتساءل – معتذرًا لكل عباد الرحمن، ووفود الخير المتجهة إلى بيت الله الحرام – ماذا يريد بعض هؤلاء من سفرهم هذا؟
سؤال قد يواجَه بانتقاد شديد من كثير من الناس، ولكني أعتذر عن فضولي الواضح بما أرى من سلوكيات غير مرضية من بعض الزوّار، بدأت تأخذ حجم الظوهر التي تتطلب الحل السريع، والسريع جدًّا !!
فإن بعض الزوار – لو صدقوا مع أنفسهم – أصبح ذهابهم إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة مجرد سياحة، وتغيير للجو كما يقال، وليس للعبادة المحضة، ومنهم من يستهدف مجامع النساء في الأسواق والمنتزهات، فيسمح لطرفه بما حرم الله، وربما جرَّ النظر إلى الخطر.
وآخرون بخلوا بما يجب عليهم من زكاة شرعية أو أداء للديون التي عليهم للناس، واستأثروا بالمال في صورة نُسّاك يقصدون الأماكن المقدسة بحجة العبادة، وما دروا أنهم آثمون غير مأجورين، حين حرموا الفقراء من حقهم، وضيقوا على من وسعوا عليهم دون حق ولا إذن منهم.
وظاهرة أخرى تتبدى في أن الوالدين إذا ذهبا إلى مكة مع أولادهم بنين وبنات، حرصا على اغتنام الأوقات كلها في الحرم، لينهلوا من أصناف الأجر ما قسم الله لهم، ولكنهم يتشاغلون عن واجب كبير وهو مسئوليتهم عن أولادهم، فتراهم يرتلون آيات الله وهم في حرم الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، وأولادهم خلال ذلك يغطون نهارًا في نوم وبيل، فتضيع الصلوات عن وقتها، وفي الليل يظلون يذرعون الأسواق ذهابًا وإيابًا، وكأنهم موكلون بالتفتيش فيها، فتهدر الأوقات الفاضلة، والأموال الطائلة، في غير فائدة، ويتعرضون للفتن والمغريات، وربما كانوا هم من أسبابها، ولا سيما الفتيات.
فنصيحتي لمن عزم على الذهاب أن ينظر في أمره قبل المسير، فإن كان قادرا على ضبط أفراد أسرته، وإلا فلا يضيعهم، فـ”كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول” كما في الحديث الشريف الذي رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
فليختصر زيارته، وليقتصر على أداء العمرة، ثم ليعد من حيث أتى مغفورًا له إن شاء الله.
والأمر الآخر المتعلق بإجازة رمضان: كثرة الحوادث المرورية القاتلة منذ بدايتها إلى نهايتها بعد عيد الفطر المبارك؛ نظرًا لكثرة السفر خلال هذه الفترة، بين الأهالي في المدن، أو إلى الأماكن المقدسة لأداء العمرة وزيارة مسجد الرسول . ففي كل عام تذبح آلام الحوادث طيور أفراح العيد عند جمهرة من الناس، ويتنقل الناس بين البيوتات في عبارات مزدوجة متناقضة العواطف، فتباريك العيد تجاور عبارات العزاء، فلماذا كل هذا؟
إننا صائمون طاعة لله تعالى، فلماذا لا نمشي كما يحب الله تعالى، أيمكن أن يحدث ذلك؟ نعم إننا متعبدون بكل خطرات نفوسنا، وحركات جوارحنا، وهذا كتاب الله ينطق بيننا: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]. إنه هدي قرآني ومديح إلهي لفئة من الناس تمشي بسكينة ووقار وتواضع، فلا كبر ولا خيلاء في مشيتهم، ولا تعالي ولا افتخار بملبس أو مركب، ممتثلين قوله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} [الإسراء: 37]، كما أنهم يتحملون أذى غيرهم، ويلينون في معاملتهم مع الناس، وإذا خاطبهم الحمقى بما يسوؤهم ردوا عليهم بسلام بعيد عن الجهل.
وإذا كانت السيارة اليوم من أجل النعم، فإن علينا شكر الله عليها،{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، ومن شكره عمليًّا تسخيرها فيما ينفع، وقيادتها بتعقل وهدوء وذوق.
إن مخالفة هذا الهدي عند بعض المتهورين نتجت عنه حوادث مروعة، وخسائر هائلة انعكست سلبًا على الإنسان والاقتصاد وعلى الحياة الاجتماعية ونمائها، فإن معظم المتضررين من حوادث المرور من الفئة العمرية المنتجة، ومن المتزوجين، ومن المتعلمين. كل ذلك بسبب غياب الوعي عن فئة من المجتمع، نسأل الله تعالى لهم الهداية.
لقد اعتاد كثير من الناس أن يسمّي مثل ذلك مجرد حادث سير ! وقضاء وقدر … !
نعم كل شيء بقضاء وقدر، ولكن الأمور بأسبابها: فالذي يتعدى السرعة القانونية المحددة من الجهات المختصة يكون آثمًا شبيهًا بالقاتل المتعمد لنفسه أو لغيره ولو كان مسافرًا لأداء العمرة.
والذي يقطع إشارة المرور دون سبب شرعي كافٍ – ولو كان للإفطار أو إدراك صلاة- يكون عاصيًا لله تعالى قبل أن يكون مخالفًا لأنظمة المرور؛ لأنه خالف ولي الأمر أو من وكلهم بذلك، والالتزام بالأنظمة عبادة خفية، أجرها مذخور عند الله، كما أن المتهاون بها عمدًا آثم ولا شك قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59].
أخي الصائم.. الرحمن الرحيم ينادينا: فيقول: { وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] فلماذا نتناسى نداء الله حينما نمتطي هذه النعمة التي حولها بعضنا إلى نقمة؟
إذا هانت على المستهترين أرواحهم، فإن الآخرين لا تهون عليهم أرواحهم !
حفظ الله عمار بيته، وصوام شهره من كل سوء، وتقبل من الجميع كل عمل صالح إنه جواد كريم.
اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين وانصر إخواننا المجاهدين، وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك.
اللهم فك أسرى المسلمين، واقض الدين عن المدينين، واهد ضالهم، وهيئ لأمة الإسلام أمرًا رشدًا يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر. اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطاهرين، وصحبه أجمعين، وعنا معهم برحمتك وفضلك ومنك يا أكرم الأكرمين.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.