الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله وطاعته؛ امتثالاً لأمر الله جل وعلا في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أيها الأحبة في الله:
ها هو ذا عامنا يلملم أمتعته ليرحل عنا، وبرحيله ينطوي سجل من سجلات حياتنا، ليداهمنا رقم جديد سوف يبقى مرافقا لمن كتبت له الحياة منا عامًا جديدًا.
رحل عام بكل ما حمل من أحداث جسام على أمتنا، شردت فيه شعوب مؤمنة، وانتهكت فيه محارم آمنة، وتقرحت فيه جراح مزمنة، وتضاعفت فيه هجمات شياطين الإنس ووساوسهم على قلوب المسلمين وعقولهم وأجسادهم في كل مكان.
رحل عام أودعنا صحفنا فيه ما قدمنا، سطرها لنا أو علينا كرام كاتبون، يعلمون ما نفعل وما نقول. في كتاب {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49].
يرحل عام ويقبل عام، رحيله عبرة لأولي الاعتبار، وقدومه فرصة لأولي الأبصار، تولى بلا رجعة سوى الذكريات، وحسب المؤمن أن يتذكر ما كسبت يداه، وما نظرت عيناه، وما تحمله ظهره ويمناه.
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } [آل عمران: 190].
رحل عام تقدر ثوانيه بأكثر من واحد وثلاثين مليون ثانية، كل ثانية فيها ستشهد لنا أو علينا، ستشهد على ما دق وعلى ما عظم، على كل حسنة وعلى كل سيئة {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] فيا لصدق الشاهد، ويا لعظمة الشهيد، ويا لكثرة المشهود. {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 6 -8].
فما أشد غفلاتنا من هذه الثواني المتصرمة بين أيدينا، وما أسوأ تناسينا لمثاقيل الذر والجبال التي تحصى من السيئات علينا.
إن لـنـفـرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدًا فإنما الربح والخسران في العـمل
إخوتي في الله:
من حاسب نفسه في الدنيا خفَّ في القيامة حسابه، وحسن في الآخرة منقلبه، ومن أهمل محاسبة نفسه دامت حسراته، وساء مصيره، وما كان شقاء الأشقياء إلا لأنهم كانوا لا يرجون حسابًا، وقعوا ضحايا خداع أنفسهم، وأحابيل شياطينهم، تطوى الليالي والأيام، ويمر في لمحة البصر عام وعام، حتى وافتهم المنايا وهم في غمرة ساهون، وما علموا أنه ما من يوم يمر إلا أبعدنا من الدنيا، وقربنا من الآخرة، اليوم يهدم الشهر، والشهر يهدم السنة، والسنة تهدم العمر.
عباد الله:
إن حقائق الوجود تملؤنا إيمانًا بها، ولكننا نقف أمام حقيقة الموت حائرين، فنحن نرى الأقارب والأصحاب من تقدمنا ومن هم أصغر منا، نراهم يرحلون من بين أيدينا واحدًا واحدًا، تتقاسمهم أسباب الموت، فهذا اغتاله مرض خبيث لم يحسب له حسابًا، وذاك راح ضحية حادث مروري، وآخرون لا سبب ظاهر لوفاتهم، نام أحدهم بين أهله طيبًا صحيحًا وأوقظ فلم يستيقظ، وسار الثاني في طريقه قويًّا نشيطًا وفجأة اقتطف الأجل روحه فسقط دون حراك، وكان الثالث يدير حواره مع جلسائه زائرًا متلطفًا فالتوى لسانه في لحظات، واضطرب حديثه، وازرق وجهه، ولفظ أنفاسه أمام ذهول الناظرين وشفقة المحبين .. ومهما طال عمر الحبيب المفقود يظل فقده غصة في الحلوق، وطعنة في القلوب، وثلمة في الأرحام. ومهما كنت تقنع نفسك بحقيقة الموت وأنه واقع لا محالة، فإنك ستحس بهجمة الموت وكأنه جاء فجأة.
الموت .. الحقيقية القادمة إلى كل منا، والتي لا محالة منها ولا تقبل الفداء ..
فهل أخذنا أهبتنا للرحيل المفاجئ؟
لو سألت أحد الغافلين: لو أن ملك الموت أمهلك خمس دقائق قبل قبض روحك فماذا أنت فاعل؟
لكأني به تصدع منه الفؤاد حسرة وندمًا، وتفجرت عيناه حرقة ودمعًا.. ولربما صرخ: أنا.. بعد خمس دقائق .. أفارق أهلي وولدي، وكل هذه الأموال التي جمعتها بيدي..
ماذا سأفعل مع حقوق الناس التي أنكرتها ولم أردها لأصحابها؟
ماذا أصنع بكل هذه الأموال التي جمعتها من الربا والرشوة وظلم الضعفاء؟
ماذا أقول وقد استدبرت الورع، وركبت لجة الشبهات التي أبعدتني عن الحلال شيئًا فشيئًا حتى وجدتني أستسيغ الحرام، وأدافع عنه بحجج شتى؟
كيف ستكفيني هذه الدقائق الخمس لأقضي فيها ما فرطت فيه من فروضي وواجباتي؟
أواه من ذنوبي .. كيف أطعت شيطاني فأحرقت قلبي والدي من أجل تحقيقي مرادي؟
ماذا جنيت من نظري إلى الحرام، ومن سماعي للحرام، ومن سفري إلى الحرام؟
كيف سأرضي من ظلمتهم وهو تحت رعايتي وولايتي وأهل بيتي وإدارتي؟
بأي وجه سألقى الله وأنا المفرط الغريق في الذنوب؟
أَوقد ألهتني نشوة الفتوة والشباب؟
أم غرني طول العمر عن تصور يوم الحساب؟
كيف غفلت بعد كل ذنب عن التوبة والاستغفار؟
آه من لحظة عصيت الله فيها لأرضي شهوة !
آه من نزوة ركضت وراءها لأحقق رغبة !
لقد ذهبت اللذائذ وبقيت الحسرات
ذهبت اللذائذ وبقي الحساب ! لا خير في لذة من بعدها النار ..
موقف رهيب سأقف فيه فردا، يساءلني فيه العليم الخبير الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .
لست أمام بشر ضعيف أكذب عليه ويصدقني، أحلف له فيثق بحديثي.
كلا .. إنني أمام الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
أمام الله الذي يعلم خبايا قلبي ودخائل نفسي.
ماذا أعد من سيئاتي؟ ماذا أعد من غفلاتي؟
كم مرة تظاهرت بالإخلاص في عملي وقد دب فيه سوس الرياء، وأحاطت به خطيئة طلب السمعة، ولحقته جرثومة العجب لتحرق باقيه.
كم مرة أرضيت فيها غروري وشهواتي غير مُبَالٍ بغضب الجبار .
كم مرة طلبت فيها سخط الله برضا الناس؟
كم صديق تقي هجرته لأهب عواطفي ووقتي لآخر لا يزيدني عن الله إلا بعدًا؟
كم مرة وكم مرة … هذا ما تذكرته الآن، قليل من كثير فكيف بيوم ينظر فيه المرء كل ما قدمت يداه، فيقول نادما متحسرًا : {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}، { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27 – 29].
إنها خمس دقائق تتدافع بكل هذه الحسرات، فكيف إذا فاجأك الموت دون مقدمات، كتم الأنفاس، وغور الدماء، ونزع الروح، فأطفأ نضارة هذا الوجهِ الصبيح.
إنها لحظة واحدة تنقلك من الدنيا إلى الآخرة.
لحظة واحدة ترحل بك من البيت الجميل، والزوجة الحسناء، والبساتين الغناء إلى بيت الوحشة والظلمة والدود .
لحظة واحدة تجعل الإنسان أمام منكر ونكير وجهًا لوجه، فتنهار كل حجج الشيطان، وتطيش كل دعاوى النفس الأمارة بالسوء، يلتفت يمينًا فلا يرى إلا ما قدم، ويلتف شمالاً فلا يرى إلا ما قدم.. لقد وقع القول، وتولى القريب، وتخاذل الحميم، وغاب الشفيع إلا بإذن الله لمن ارتضى.
ليس ها هنا إلا تأييد الله للصالحين التائبين، وخذلانه للظالمين الضالين .
ولكن الحقيقة الكبرى أيها المسلم.. أن ملك الموت لا يملك أن يمهل أحدًا دقيقة واحدة ولا أقل من ذلك، فالأجل بيد الله وحده {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل: 61]، { وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 11]. ولذلك فإن العاقل من أخذ بوصية حبيبه صلى الله عليه وسلم: “كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل” رواه البخاري، وبها أخذ الصالحون الأبرار، لقد عجب الناس من قول امرأة حبيب بن محمد عن زوجها أنه كان يقول: “إن مت اليوم فأرسلي إلى فلان يغسلني وافعلي كذا واصنعي كذا” فظنوا أنه رأى رؤيا بذلك، فقالت: هذا قوله كل يوم. استعداد دائم، وشعور بالرحيل، يجعل المرء ناظرًا أبدًا إلى رضا مولاه.
وقال عبد الله بن داود: “كان أحدهم إذا بلغ أربعين سنة طوى فراشه، أي لم يعد يهدأ له نوم، ولا تهجع له عين، يصلي ويسبح، ويستغفر ويتوب؛ ليستدرك ما مضى من عمره، ويستعد لما أقبل من أيامه”.
أيها الإخوة:
حسب التقي أن شعلة الإيمان ما تزال حية في روحه لم تنطفئ، وأن نداوة الإيمان ما تزال في قلبه لم تجف، وأن صلته بالله ما تزال نابضة لم تذبل، وأن يعرف أنه عبد يخطئ، وأن له ربا يغفر.
فواعجبًا من أقوام تقدمت بهم الأعمار، وطوتهم السنون، فلم يزدهم ذلك إلا غفلة وغرورًا، اشتعل الرأس شيبًا فلم يكف ذلك للإنذار، كرهوا ذكر الموت والقبور، وأنسوا بالدنيا وفنون ملاهيها، عمروا دنياهم فكرهوا وداعها، وخربوا آخرتهم فكرهوا ذكرها.
أما سأل أحد منهم نفسه: أين الأجداد السابقون، وأين الملوك القاهرون، وأين أصحاب المدائن والقصور؟ تنكبوا سبيل الأتقياء الذي لخصه ابن عمر رضي الله عنهما بقوله: “إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك” رواه البخاري.
أخي ..
إن لم تذكرك الأيام والشهور، فما أقل أن يهزك انحسار الأعوام والدهور، واسأل نفسك: كم بقي من عمرك؟ سبحان من تفرد بعلم انقضاء الآجال، واختص بتحديد انتهاء الأعمار.
أقبل على الله قبل أن تغرغر الروح، وتقفل أبواب التوبة. أقبل وافتح مع الله صفحة جديدة، فالتوبة تجب ما قبلها، وكلما تعاظمت ذنوبك فاعلم أن رحمة الله أعظم منها، الذي يقول: {عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 156]، واستمع إلى دعوات حملة العرش لأمثالك: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [غافر: 7 – 9].
توبوا إلى جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
الخطبة الأخرى:
الحمد لله شرح صدور المؤمنين لطاعته، وأعانهم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتق الله يا عبد الله، واعلم أن كل يوم يمر بك هو منحة جديدة قدرت لك، وقد يحرم منها غيرك، فتزود فيه قدر ما تستطيع، لا تدع فرصة لعمل صالح تفر من يدك، فربما لا تتكرر، لا تستصغر طاعة فتتركها، فيفوتك أجر ربما كان هو الذي يثقل ميزانك، ويرجح بسيئاتك { فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 6 – 11]، ولا تستصغر معصية فتقع فيها فتقترب بك من النار لا قدر الله ولو قيد شبر.
وتنبه ولا تبع دينك بدنياك، فلقد تقدمك القوم فأفلحوا فَسِرْ على هداهم، وصفهم الحسن البصري فقال: “ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل، ولا يأسفون على شيء منها أدبر، ولهي كانت في أعينهم أهونَ من التراب؛ كان أحدهم يعيش ستين سنة لم يُطْوَ له ثوب، ولم يُنْصَب له قِدْر، ولم يجعل بينه وبين الأرض شيئًا، ولا أمر من بيته بقصعة طعام قط، فإذا كان الليل فقيام على أقدامهم، يفترشون وجوههم، تجري دموعهم على خدودهم، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، كانوا إذا عملوا الحسنة دأبوا في شكرها، وسألوا الله أن يقبلها، وإذا عملوا السيئة أحزنتهم، وسألوا الله أن يغفرها، فلم يزالوا على ذلك، ووالله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا إلا بالمغفرة رحمة الله عليهم ورضوانه”.
مواعظ القرآن تترى: ينادينا فيها المولى عز وجل برحمته فيقول:
{ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [البقرة: 281] .
{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: 56- 58].
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37].
اللهم ارحم موتانا وجميع موتى المسلمين، الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وارحمنا اللهم إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، اللهم آنس وحشتنا، واغفر زلاتنا، وبارك في حسناتنا، وارفع درجاتنا.
اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين وانصر إخواننا المجاهدين وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك .
اللهم اجعل عامنا المقبل علينا خيرًا من عامنا المنصرم عنا، اللهم اجعله عام خير وبركة وصلاح وأمان، اللهم وفقنا فيه لما ترضى، وجنبنا فيه الفتن ما ظهر منها وما بطن، واجمع اللهم فيه كلمة المسلمين على الحق، وأعز الإسلام وأهله، وأذل الكفر وأهله، وانتقم لكل دم مسلم أُريق، ولكل عرض مسلمة انتُهك، ولكل شبر من أراضينا اغتُصب. واجعله عام انتصار للمسلمين في كل أرض تعلو فيها راية للجهاد في سبيل الله.
اللهم فك أسر المأسورين، واقض الدين عن المدينين، واهد ضال المسلمين، وهيئ لأمة الإسلام أمرًا رشدًا يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطاهرين، وصحبه أجمعين.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.