ضرب الزوجات

ضرب الزوجات

الخطبة الأولى

الحمد لله وحده، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد، فأوصيكم بتقوى الله تعالى في السر والعلن ، والمنشط والمكره، وفيما ولاكم الله تعالى من ولايات، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء/1].

عباد الله: إن الأمانات المناطة بكل منا كثيرة جدًّا، ولعل من أعظمها ما ولانا الله تعالى -نحن الرجال- من ولاية على النساء؛ ومن القوامة على الزوجات؛ تلك القوامة التي يتجبر بها الجاهل على ضعفة النساء، ويعرف قدرَ تكليفها العالمُ بأمور الشريعة والحقوق.

ومن خلال كثير من القضايا التي ترد إلى أهل القضاء والاستشارة وحقوق الإنسان، تأكد تكاثر المشكلات الزوجية، وسوء توظيف إباحة تأديب الزوج زوجته بوسائل عديدة، منها الوعظ، والهجران، والضرب.

فالوعظ يتحول من تذكير بالحق الشرعي للزوجة على زوجها بالمعروف، إلى سباب وإهانات وإذلال، والهجران يتحول من هجران في الفراش لا يعدو أيامًا ثلاثة؛ بقصد تنبيه المرأة على خطأها، إلى هجران كامل يصل إلى طردها نهائيًّا من المنزل؛ فيفضحها، ويذلها أمام أهلها، ومن الضرب غير المبرح والذي لا يجوز إلا في أحوال محددة من قِبل علماء الشريعة إلى ضرب قاتل أو مُمْرِض أو مُعِيق.

ولكون هذه المسألة من المسائل الشرعية التي لا بد من بيان الحكم الشرعي فيها وفق ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وبُعدًا عن الأهواء كانت هذه الخطبة التي استفدتها من أهل العلم الشرعي الذين بحثوها بتجرد.

قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (النساء:34) وهذه الآية آية محكمة غير منسوخة، ولكن كثيرًا من الناس لم يفهم المراد منها، فعمل بفهمه الخاطئ من تعدٍّ واضح على المرأة، وظن أن هذا من الدين وإذا رجعنا للمنهج الإسلامي في تعامل الزوجين تبين لنا جليًّا أنه لا يحث على ما يظنه البعض العنف الزوجي، بل يحث على الألفة والمحبة والعِشْرة بالمعروف، وذلك في آيات وأحاديث نبوية كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء:19).

فيُستحب لكل واحد منهما تحسين الخلق مع صاحبه والرفق به واحتمال أذاه؛ لقول الله تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى) فقد قيل: هو كل واحد من الزوجين ا.هـ[المغني 7 /223].

وقال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: “وقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ) أي: طيّبوا أقوالكم لهن وحسّنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله كما قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ) [البقرة:228]، وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم: أنه كان جميل العشرة، دائم البِشْر، يداعب أهله ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها يتودد إليها بذلك قالت: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني فقال: (هذه بتلك)، ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد يضع عن كتفيه الرداء، وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب:21] ا.هـ [تفسير ابن كثير 1 /467، وانظر: زاد المعاد 1 /150].

قال الذهبي – رحمه الله تعالى -: “وإذا كانت المرأة مأمورة بطاعة زوجها وبطلب رضاه، فالزوج أيضًا مأمور بالإحسان إليها واللطف بها، والصبر على ما يبدو منها من سوء خُلق وغيره، وإيصالها حقها من النفقة والكسوة والعشرة الجميلة لقول الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ)”ا.هـ [الكبائر 1 /178].

واستمع إلى تعليق الإمام المفسر ابن كثير على قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرُّوم:21) قال رحمه الله تعالى -: “فلا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين” ا.هـ [تفسير ابن كثير 2/ 275].

قال ابن عباس -رضي الله عنهما – ” إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تزين لي؛ لأن الله عز وجل يقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ) وما أحب أن أستوفي جميع حق لي عليها؛ لأن الله عز وجل يقول: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ). [رواه ابن أبي شيبة 4 /196 وابن جرير 2/ 453 والبيهقي 7 /295 ].

إن دينك أيها المسلم يقول رسوله صلى الله عليه وسلم قال: (وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ من ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لم يَزَلْ أَعْوَجَ؛ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) [رواه البخاري (4890) ومسلم (1468)].

قال المناوي – رحمه الله تعالى-: “وفيه ندب إلى المداراة؛ لاستمالة النفوس وتألف القلوب، وسياسة النساء بأخذ العفو عنهن والصبر عليهن، وأن من رام تقويمهن فاته النفع بهن، مع أنه لا غنى له عن امرأة يسكن إليها” ا.هـ [فيض القدير 2/ 388].

وإذا رأيت أيها المسلم من امرأتك ما تكره، فتذكر منها ما تحب، واعلم أن فيك من العيوب ما احتملته هي دون أن تذكره لك هيبةً لك، والصبر سيماء المتحابين، قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مؤمنة إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضي منها آخَرَ) [رواه مسلم (1469)] . قال النووي – رحمه الله تعالى-: “أي: ينبغي أن لا يبغضها؛ لأنه إن وجد فيها خُلقا يُكره وجد فيها خُلقا مرضيًّا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها ديّنة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك ” ا.هـ[شرح صحيح مسلم 10/ 58 الديباج للسيوطي 4 /80].

وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع تحديد للحالة التي تُضرب فيها المرأة حين قال: (اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [رواه مسلم (1218) من حديث جابر -رضي الله عنه-] .

وينعى رسولنا صلى الله عليه وسلم على من يجلد امرأته ثم يأوي إليها فيقول: (لَا يَجْلِدُ أحدُكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا في آخِرِ الْيَوْمِ) [رواه البخاري (4908)].

إن ضرب المرأة – دون مبرر كافٍ – ضعفٌ في الرجل، فإن الهيبة لا تُكسب بالعصا، والبطولة لا تُسجل بالتقوّي على الضعفاء، والمشكلات الزوجية لها حلول كثيرة أسوؤها الضرب؛ عن إياس بن أبي ذباب – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تضربوا إماء الله) قال: فذئر – أي نشز – النساء وساءت أخلاقهن على أزواجهن، فقال عمر بن الخطاب: ذئر النساء وساءت أخلاقهن على أزواجهن منذ نهيت عن ضربهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاضربوا)، فضرب الناس نساءهم تلك الليلة، فأتى نساء كثير يشتكين الضرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين أصبح: (لقد طاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة كلهن يشتكين الضرب وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم) [رواه النسائي في الكبرى (9167) وصححه ابن حبان (4189)] .

اللهم لُمّ شملنا، وهبْ لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إمامًا.

الخطبة الأخرى:

الحمد لله حمد الشاكرين الأبرار، وأشهد ألا إله إلا الله الواحد القهار، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

أما بعد: اتقوا الله عباد الله في أماناتكم؛ فقد توارث بعض الناس التعامل مع الزوجة والأولاد كما يتوارث المال، مبتعدين عن العلم الشرعي، والأدب النبوي الكريم، فأصبح الضرب أول الوسائل التربوية، والتأديبية للزوجة والأولاد، وهو مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عَائِشَةَ – رضي الله عنه – قالت: “ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئًا قَطُّ بيده ولا امْرَأَةً ولا خَادِمًا، إلا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللَّهِ، وما نِيلَ منه شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ من صَاحِبِهِ إلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ من مَحَارِمِ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل” رواه مسلم (2328).

قال النووي -رحمه الله تعالى-: “فيه أن ضرب الزوجة والخادم والدابة، وإن كان مباحًا للأدب، فتركه أفضل ” ا.هـ (شرح صحيح مسلم 15/ 84).

وإذا كانت الصلاة تؤخذ من نبينا صلى الله عليه وسلم، ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، والحج كحجه صلى الله عليه وسلم: خذوا عني مناسككم، فإن العشرة الزوجية ينبغي أن تُؤخذ من أقواله وأفعاله، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) [رواه ابن حبان (4177) والبيهقي 7/ 468]. قال المناوي -رحمه الله تعالى-: “ولهذا كان على الغاية القصوى من حسن الخلق معهن، وكان يداعبهن ويباسطهن … (وأنا خيركم لأهلي) أي بِرًّا ونفعًا لهم دينًا ودنيا، أي فتابعوني ما آمركم بشيء إلا وأنا أفعله” ا.هـ (فيض القدير 3/ 496).

من هنا كان لا بد من مراجعة المسلم نفسه في كل أخلاقه وعلاقاته، حسب ما يأمر بها المصطفى صلى الله عليه وسلم ويفعل، لا كما فعل أبوه وقال، فإذا قال الناس لا تستشر المرأة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم شاور وفعل بمشورة امرأته أم سلمة يوم الحديبية، وإذا أنف من مؤاكلة امرأته فقد كان الرسول يأكل مع زوجاته. وإذا ضرب الناس وجوه زوجاتهم وأولادهم وتلاميذهم، فإن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عن الضَّرْبِ في الْوَجْهِ .[رواه مسلم (2116)].

عن معاوية بن الحكم السلمي – رضي الله عنه – قال: كَانَتْ لي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فإذا الذِّئبُ قد ذَهَبَ بِشَاةٍ من غَنَمِهَا، وأنا رَجُلٌ من بني آدَمَ آسَفُ كما يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَظَّمَ ذلك عَلَيَّ قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا قال: (ائْتِنِي بها) فَأَتَيْتُهُ بها فقال لها: (أَيْنَ الله)؟ قالت: في السَّمَاءِ قال: (من أنا)؟ قالت: أنت رسول اللَّهِ. قال: (أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ) رواه مسلم (537).

ألا يخشى من يضرب دون حق من أن يقتص منه يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن ضرب سوطا ظلما اقتص منه يوم القيامة) [رواه البزار والطبراني في الأوسط (1445) وإسنادهما حسن . مجمع الزوائد 10/ 353].

أيها الأحبة .. لنعش بسعادة مع أهلينا، لا بشقاء وقتال وشجار، تنطوي معه الحياة دون طعم للراحة والأنس، فإن معاشرة كل واحد من الزوجين الآخر بالمعروف واجبة شرعًا، والقوامة التي أُعطيت للرجل فهي تعني الإنفاق والإدارة والرحمة والمودة، والشخصية المحبوبة المهابة في وقت واحد، ومما يدخل في القوامة تقويم سلوك الزوجة متى أساءت أو نشزت بترفعها عليه أو غلظتها معه، أو معصيته بما يجب عليها له فيُقوِّمها بالنصح أولاً، وذلك بتذكيرها بحرمة النشوز ووجوب طاعتها له في غير معصية مع ذكر الأدلة على ذلك كحديث أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إذا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عليها لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حتى تُصْبِحَ) رواه البخاري [3065]، فإن لم يُجْدِ ذلك هجر فراشها أو الحديث معها في البيت، ولا يتعدى ذلك خارج البيت؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ولا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ) [رواه أحمد (20036) وأبو داود (2142) والنسائي في الكبرى (11431) وحسنه النووي في رياض الصالحين (277)]، ومدة الهجر لا تزيد على ثلاثة أيام لحديث أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) [رواه البخاري (5718) ومسلم (2559)]، فإن لم ينفع ذلك معها جاز له ضربها ضربًا غير مبرح بسواك أو بمنديل ملفوف، لا بسوط ولا بعصا أو نحوه – والسواك كما لا يخفى دقيق وقصير طوله غالبًا طول القلم – [انظر: كشاف القناع 5/ 210].

قال تعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) (النساء:34) قال ابن كثير – رحمه الله تعالى -: “وقوله تعالى (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) أي: إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده منها مما أباحه الله له منها، فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضربها ولا هجرانها وقوله: (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وَلِيُّهن، وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن” ا.هـ[تفسير ابن كثير 1/ 493] .

ويحرم على الزوج ضرب زوجته ظلمًا بلا سبب، ولو كان الضرب يسيرًا، فالظلم ظلمات يوم القيامة قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).

  رأيــــــت رجالا يضــــــربون نساءهم        فشلَّت يميني حين أضرب زينبا

وزينــــب شمــــس والنساء كواكب      إذا طلــــعت لم تبــــق منهن كوكبا

                                                                                                    (سير أعلام النبلاء 4/ 106)

كما أنه لا يحل للرجل أن يضرب زوجته إن استدعى الأمر ذلك أمام أطفالها أو غيرهم؛ لكون ذلك زيادة في التأديب لم يأذن بها الشارع، وينتج عن ذلك أمور لا تُحمد عقباها. ولا يحل للرجل أن يضرب زوجته في حال الغضب ولو مع وجود ما يستدعي ضربها؛ لكونه والحال هذه سيتجاوز الحد المأذون به.

اللهم انصر دينك وكتابك ونبيك صلى الله عليه وسلم، ورُدّ كيد الكائدين في نحورهم.

اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر إخواننا المجاهدين في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال والفلبين وفي كل مكان، وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم فرّج عن إخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم احفظ دماءهم وأعراضهم وأموالهم، اللهم اهدهم إلى دينهم وردهم إليه ردًّا جميلاً، اللهم أعدهم إلى ديارهم أعزة كرماء، وأقر عيونهم برؤية أولادهم وذويهم، واخلف عليهم مصابهم بالأمن والإيمان، يا رحيم يا رحيم.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا. اللهم آمنا في أوطاننا، وبارك لنا في صحتنا وأرزاقنا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك.

اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

 

viagra

 



اترك تعليقاً