فاحشة الزنا

فاحشة الزنا

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي أكرم المؤمنين بضياء الإيمان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، أعز من أطاعه وأذل من أبى بالعصيان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد الثقلان، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.

 أما بعد: فأوصيكم.. عباد الله ـ ونفسي المقصرة ـ بتقوى الله وطاعته، كما أمر بذلك الله جل في علاه فقال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70- 71].

أيها الأحبة في الله:

ما أروعَ الغيرةَ حينما تنطلق من قلبِ مؤمنٍ صادق، وتكون على محارم الله، لا تنظر إلى مصلحة شخصية، ولا تتراجع من أجل مجاملة اجتماعية، بل تنتظم في مدارها الصحيح كوكبًا دُرّيًّا مضيئًا؛ لتصل إلى هدفها العلوي في إنكار المنكر ودحره، والأمر المعروف وإقراره، ونشره والثناء عليه. بعلم وحكمة، لا بجهل وتهور، مستظلةً بدالية النبوة الناضرة، التي من قطافها قولُ الرَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ» رواه الإمام مسلم.

قصدني أحد الغيورين، حينما شاهد شابة قد نزعت حجابها، ووضعت عباءتها على كتفيها، ونشرت شعرها، ومشت بين شوارع حارتها مشية المختالة، المعجبة بشبابها، الآمنة من عواقب السفور الوخيمة على حصون الستر والعفاف..

يا رحمتاه على الحيا              عصفت به هوج الرياح

يا ويلَ كنزِ جمـالِها             من عـين قُرصان وقاح

لقد جهلت هذه الفتاةُ وتجاهلَ أهلها أن النظر بريد الزنا، وأن السفور دعوة سافرة للفاحشة، وأن التبرج استعداد مبطن لذوي النفوس الجشعة، الباحثة كالذئاب الجائعة عن لحوم مكشوفة، وأن الله تعالى – صيانة لعرض المسلمة – نهاها حتى عن إلانة الكلام للأجانب فقال: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32].

لقد غفلت وتغافل أهلها عن أن من أهمل زرعه رعت فيه السائمة، وأن من ترك الحبل فقد الغارب وما حمل، وأن جرح العرض لا يكفّ عن النزيف أبدًا.

لقد نسيت وتناسى أهلها أكثر الوقائع المروعة التي تبدأ من خلو الجو للمجرم، يرمي رقمًا، يخدع به أنوثتها، ويدنو به من خيمتها، ويصبر ويصبر حتى يدوسَ أرضها، ويصرعَ عفتها، ويذلَّ عشيرتها، يتتبع خطوات الشيطان خطوة خطوة حتى تصل مركبته إلى غايتها المؤقتة، وإلى لحظتها الرهيبة، التي يهتز لها عرش الرحمن، يتصور لها في البداية بشرًا سويًّا، ثم ملاكًا طاهرًا، فإذا وقعت في الفخ كشف لها عن رأس شيطان وأخلاق خنزير:

أين هي من نساءٍ:

يخبئن أطراف البنان من التقى             ويخرجن جنح الليل مختمرات

واقعة لها أمثال، تشير بحذر إلى بدو رأس بلوى السفور التام التي كنا نخاف من انتشارها لا قدر الله، والأمر يبدأ صغيرًا يغرينا بتجاهله والغفلة عنه، فيكبر دون أن نشعر، وهناك يستشري الداء، ويعسر العلاج، وإني لأجد أن بداية هذا الأمر من مبالغتنا في تقدير امتداد سن الطفولة عند أولادنا، فالذكور يشبون بيننا، ومع ذلك يظلون يدخلون على النساء الأجنبيات عنهم من الأقارب أو الجيران؛ لأنهم في نظرنا أطفال، وهم في الواقع قد تيقظت في نفوسهم طبائع الكبار، وظهروا على عورات النساء، وصاروا يميزون بين جماليات النساء. وكذلك الفتيات فالفتاة تظل طفلة في نظر أهلها حتى وإن بلغت مبلغ النساء، وتفتحت محاسنها، وصارت تلفت أنظار الرجال. وتلك مسألة تتحكم في تقديرها التقوى والخوف من الله، والعقل والحكمة والنظر في العواقب، لا عواطف الأبوة والأمومة الطاغية، التي تفشل عادة في تقدير العواقب إذا كان الأمر يتعلق بحرمان البنت أو الولد من بعض ما يحبون، وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: «إِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ».

في حادثة أخرى أخبرني أحدهم أنه اكتشف علاقة خادمته بأجنبي عنها، فبادرته: صارحني هل هي التي تلقي النفايات خارج المنزل؟ فقال: نعم، وذلك خطؤنا الذي لم نأبه بعاقبته، أقول: بل هو خطأ كثيرين في مجتمعنا، يضعون الطعم للخبثاء أمام دورهم ثم يتأوهون، وإذا دنا من الحمى خبيث فيا مرارة غرسه، ويا خبث جنيه على أهل الدار كلهم، وليس على الخادمة وحدها، التي تكون هي أول الطريق للهدف.. فهل يعي الذي يمنحون الحرية كاملة لنسائهم وخادماتهم في الخروج وحدهن دون رقيب ولا حسيب عواقب الخسران الوبيل؟!

نعم: قد يبتلى الإنسان بما ليس له فيه يد، ولكن كثيرًا من الابتلاءات التي نُصاب بها هي من صنع أيدينا {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41].

إن ديننا حينما حرم على نسائنا أن يكشفن شيئًا من أجسادهن للأجانب، إنما كان يريد الحفاظ عليهن من نظرة خائنة قد تؤدي إلى فساد لا نهاية له، تفقد معه المرأة عفتها، ويهون عليها بعد ذلك فقد كل شيء.

ونحن في زمن فشا فيه الفساد في الأرض حتى كاد أن يكون معروفًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا» رواه البخاري.

فلا ألوم من يتضرم قلبه غيرة وحرقة مما يرى من تسارع النار في هشيم الأعراض، ولا ألوم من توقد الإحساس في قلبه فصار يخاف على عرضه ولو من نظرة بعيدة، أو مهاتفة خاطئة، فالأمر أكبر من أن يستهين به العقلاء الأكياس.

{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون} و{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [سورة النور:30- 31]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآي والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الأخرى:

الحمد لله أهل الثناء والحمد، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله..

لقد حفظ الإسلام الأعراض، وحافظ على الأنساب من الاختلاط والضياع، ومن أجل ذلك حرّم الزنا، وعدّه من كبائر الذنوب ومهلكات الخطايا، بل إنه حرم مقدمات الزنا من النظرة الآثمة والكلمة الخادعة والحركة الماجنة والخلوة المحرمة، وكل ما كان مؤديًا إلى ارتكاب الفاحشة، قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]، والفاحشة هي الذنب الذي تناهى قبحه وفحش أمره.

ولذلك جعل الله تعالى عقوبة الزاني أشنع العقوبات في الحدود، قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2].

وقال صلى الله عليه وسلم: «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم» رواه مسلم. وأما في الآخرة فيقول الله تعالى:{ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 68- 69].

الزنا فاحشة لا يتخيل شناعتها إلا من تصور أن من يُزنى به حرمه، وأن من يُهتك عرضه هو أمه أو أخته أو زوجته. فليتصور من سوّلت له نفسه ذلك ليكفَّ عن خطيئته، فما أشد البلاء، وما أقساه. والزنا دَيْن ربما كان قصاصه من المال، بشّر الزاني بالفقر ولو بعد حين، وربما كان القصاص بالفضيحة، وربما كان القصاص من عرض الرجل الزاني:

عفوا تعف نساؤكم في المحرم               وتجـنبـوا ما لا يليـق بمسلـم
  إن الــزنــا ديــن إذا أقــرضـته               كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

فليتق الله رجال ونساء أذلوا أعز ما يملكون لدواعي الفتنة والرذيلة استجابةً لنزوة طارئة، وشهوة عابرة. والواقع يقول: إن الوقوع في الزنا لا يحدث فجأة، بل هو كما قال الصادق المصدوق صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث: «فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ» رواه البخاري.

 فمن يطلق لنظره العنان يرى ما يشتهي، فالنتيجة أن يصدق الفرج ذلك إلا أن يعصمه الله.

ومن جاس بلاد العهر والفجور، واعتاد  السفر إلى مواطن الفساد والمجون، وجالس أهل الخنا ورفقة السوء، وفُتن بمجلات الخلاعة، وأفلام الجنس، وبرامج الصداقة.. فلا يلومن إلا نفسه حين تزل به قدم المروءة في وحل الدناءة والفاحشة.

لقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزاني ينزع منه الإيمان المطلق حال زناه، فقال: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» رواه الشيخان. وفي حديث صحيح آخر بين الرَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه «إِذَا زَنَى الْعَبْدُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ وَكَانَ كَالظُّلَّةِ فَإِذَا انقلع منها رجع إِلَيْهِ الْإِيمَانُ».

رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ.

وهو سبب دخول النار، ففيما صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ: «الْفَمُ وَالْفَرْجُ» رواه الترمذي وحسنه الألباني.

وروى البخاري رحمه الله في حديث الرؤيا أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في المنام: « ثَقْبا مِثْلَ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فسأل عنهم فأخبر أنهم: الزُّنَاةُ».

وأعظم الزنا زنا المحارم، الذي بدأ في الظهور في مجتمعات المسلمين بعد أن زين لهم ذلك في فضائيات الفجور والفساد، في غفلة عن أعين الأولياء وضعف التربية وقلة التقوى، علمه من علمه وجهله من جهله.

والزنا بزوجة الجار الذي يعد من أعظم الذنوب كما روى البخاري رحمه الله.

والزنا سبب لنزول عقوبة الله العامة على الناس، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19]. وقال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في الحديث الصحيح: «مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا إِلا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ» رواه الإمام أحمد
وحسنه الألباني.

 وروى ابن ماجة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ؛ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمِ الَّذِينَ مَضَوْا… » وحسنه الألباني.

تفيد تقارير جديدة عن الأمم المتحدة أن المنطقة العربية تسجل حالة إصابة جديدة بفيروس الإيدز (مرض نقص المناعة) كل عشرين دقيقة، ويعيش في الوقت الحالي ما يقرب من نصف مليون عربي مع فيروس الإيدز، وأن العام ألفين وستة الميلادي شهد وحده ثماني وستين ألف حالة جديدة، وستا وثلاثين ألف حالة وفاة. صدقت يا رسول الله، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] ويا رب سلم.. يا رب سلم.

ولكن ما من ذنب إلا وللمسلم منه مخرج إذا نزع عنه، وتركه لله، وعزم على عدم الرجوع إليه، يقول الله تعالى: { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} [الفرقان: 68- 71]. وفي المقابل فإن من أسباب تفيُّءِ ظلِّ الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله، العفافُ عن فاحشة الزنا، قال صلى الله عليه وسلم: «وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ» رواه البخاري.

إن كل فرد في الأمة مسئول عن جزء من المحنة الأخلاقية التي تمر بها، وإذا لم يقم كل منا بمسؤوليته، فلن نأمن أن نؤتى من ثغره.

أسأل الله تعالى أن يحمينا جميعًا من  مضلات الهوى، وأن ينقذنا من شراك الشيطان وحزبه إنه سميع الدعاء.

ثم صلوا ـ يا محبي المصطفى ـ وسلموا على معلم الناس الخير سيدنا ونبينا محمد كما أمركم الله جل وعلا بذلك فقال سبحانه: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، وعنا معهم برحمتك وفضلك ومنك يا أكرم الأكرمين.

اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر إخواننا المجاهدين، وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك.

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عفوا تعف نساؤكم في المحرم


اترك تعليقاً