أسباب السعادة الزوجية

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلنا من أهله، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه وأسأله المزيد من فضله وكرمه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فاتقوا الله عباد الله، ممتثلين أمر بارئكم تعالى الذي قال في محكم التنزيل: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}.

أيها الأحبة في الله

إذا كانت الإجازات موسم الأعراس، فهذه الأيام موسم الاختيار، والخطبة، والعقد، ولعمر الله إن هذا الموسم لأهم من ذلك الموسم، فما العرس غير ثوب يبلى، بينما انتقاء شريك الحياة، والاقتران به شرعا وعرفا هو روح الزواج ولبُّه.

سؤال قد يفاجئ النفس السابحة في فلك الأمل.. سؤال يقول: لماذا تزوجت؟

هل هو متعة وشهوة جسدية فحسب؟

أم هو سبيل للإنجاب والتفاخر بكثرة الأولاد؟

أم هو فرصة للسيطرة والقيادة وبسط النفوذ؟

أم هو فرصة لإعفاف النفس وتكثير سواد المؤمنين؟

سؤال.. أرجو أن يكون دافعا للبحث عن أولى الخطوات التي يجب أن يراعيها الشباب عند عزمهم على القيام بهذا المشروع الضخم في حياتهم.

إن الإجابة عن هذا السؤال سوف تأتي في صور عديدة، فمنها حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ، ومَن لم يستَطِعْ فعليه بالصَّومِ ، فإنه له وِجاءٌ” [رواه البخاري]. فمن أجلِّ أهداف الزواج قَصْرَ النظر على الزوجة، ومَنعَهُ من نظر الشهوة إلى سواها؛ لتطمئن النفس، وترتاح من التلهف والركض خلف صورة كل حسناء، فما يجني من يطلقُ لعينيه النظرَ المحرم إلا الحسرة في الدنيا والآخرة؛ فلا سبيل إلى إطفاء نار الشوق المشبوه

في الدنيا إلا في إطار الرذيلة، وهو في الآخرة إثم وخطيئة تنتظر الحساب والعقاب ما لم يتدارك المولى صاحبها بالرحمة والغفران. ويتحقق هذا الهدف بصورة متكاملة إلى حد كبير حين ترضي صورة الزوجةُ زوجها، ولذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى المخطوبة في حشمة بحضور أهلها فقال لأحد أصحابه: “انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما” [حديث صحيح]. والجمال نسبي في كل بلد، وذوقي في نظر كل رجل، والعاقل من يختار الجمال في إطار السمات الأخرى التي تتمتع بها المخطوبة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك” [رواه مسلم]. فربما تجاوز الرجل عن المثالية التي يبحث عنها في الشكل، بسبب دين المرأة وخلقها.

والهدف الآخر هو تحصين الفرج عن الوقوع في أي سبيل غير الزواج الشرعي مهما كانت صورته؛ امتثالا لقول الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}.

ومن الأهداف أيضا: إنجاب الذرية، وتكوين الأسرة فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: “تزوَّجوا الولودَ الودودَ، فإنِّي مُكاثِرٌ بِكُم” [صحيح رواه النسائي]. وهو هدف مرهون بالرزق الذي قسم للإنسان ليس لأحد فيه فضل يعود إلى ذاته، بل إلى لله تعالى فهو: {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير}.

وهل هناك هدف آخر من الزواج، هو ما أشار إليه المولى تبارك وتعالى في قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم 30/21].

هذا الهدف السامي إذا قرنته بالأهداف السابقة وجدته أكثر الأهداف مصاحبة لك، وأقربها إلى قلبك وعقلك، وأهمها في حياتك، فلن يكون هناك غض للبصر، ولا تحصين للفرج، ولا أولاد صالحو النفسيات ما لم يتحقق هذا الهدف، وهو السكن النفسي، والاستقرار الشعوري، حين تمتزج الروحان، ويتقارب المزاجان، وتتوحد الأهداف والغايات، ويحن الزوج على زوجه، وتتحقق الراحة والطمأنينة بأسمى معانيها، فكل من الزوجين يجد في صاحبه الهدوء عند القلق، والأمن عند الخوف، والبشاشة عند الضيق،

والأنس عند الوحشة، والألفة بعد الفرقة، إنها علاقة لا مثيل لها بين إنسانين، علاقة عميقة الجذور بعيدة الآماد، أشبه ما تكون بصلة المرء بنفسه كما بينها كتاب الله تعالى بقوله: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}. هذا الهدف بكل أسمائه وسماته هو ما يبحث الإنسان عنه ويسميه السعادة، ونخصه هنا بالسعادة الزوجية، فكيف تتحقق؟

إن أولى الخطوات أيها الشاب: هي النية الصالحة في الإقدام على هذا المشروع، وأن الهدف منه عبادة الله بما شرع طلبا لرضاه، وإنشاء بيت مسلم كل ما فيه وفق الهدي الذي أتى به البشير المصطفى r، فلا نية لمخالفة شرعية، ولا إعدادَ مسبقا لها بأي لون من ألوان المنكرات. ومن ثم التوجه إلى الله تعالى بأن يوفقه ويهديه لكل ما يحب ويرضى، وأن يسدد خطاه ولا يكله إلى نفسه.

والخطوة الثانية: هي الاختيار كما أشرت سابقا بمقاييس مختلفة، وأضيفُ إليها هنا الاهتمام ببيت المرأة الذي جاءت منه، وقد تكون المرأة درةً في بيتٍ خرب، فيلتقطها، ويحفظها، لتسعد في كنفه.

والخطوة الثالثة: ليلة الزفاف وهي الليلة الأولى التي تؤسس فيها هذه الأسرة الجديدة، فإذا كانت في مرضاة الله، ووفق سنة رسوله r فليبشر الزوجان بالخير والبركة في حاضرهما وفي مستقبل أيامهما بإذن الله، وإن كانت ليلة الزفاف ليلة حافلة بما يسخط الجبار تعالى فأيُّ بركة في زواج يبدأ بمعصية، وإني لأشدُّ على يد المتردد في تركها بسبب ضغط المجتمع، فمن أبرزها مظاهر الإسراف في الملابس أو الزينة في الصالات والفنادق وفي الأطعمة بحيث تزيد أضعافا عن حاجة ضيوفه، أو في أنواعها وأشكالها، ثم إهمال التصرف الحسن فما يتبقى منها، مع وجود مركز حفظ النعمة في جمعية البر، الذي لا يطلب سوى مكالمة هاتفية ليقوم ـ بعد ذلك ـ بإيصال ما يتبقى من الطعام إلى فقراء البلد المحتاجين وإدخال السرور عليهم، ولعلها تكون صدقة مقبولة تكون بركتها على هذا الأسرة الناشئة.

ومن منكرات الأفراح كذلك تخلع النساء، وإبراز مفاتنهن بصورة مثيرة للغرائز، نافرة عن طبيعة مجتمعنا المحافظ. ومنها: تجاوز الحد الشرعي في ضرب الدفوف والذي شرعه الرسول r للنساء في الأفراح، إلى أن يتحول إلى فرقة موسيقية تعزف بالآلات المحرمة وهي ما سوى الدف أو ما نسميه الطار،

والغناء الفاحش المحرك للشهوات، ووصول أصوات المغنيات إلى صالات الرجال، وما يصاحب ذلك من رقص مثير للغرائز، مسقط للمروءة.

أخي الشاب لا تجعل رضى الناس مقدما على رضى الله تعالى، فإن التوفيق الذي ترجوه في زواجك لا يملكه إلا الله تعالى، وليكن لك فيمن سبقك عبرة، فكم عرسٍ أقيم دون مراعاة حرمات الله كانت نهايته مأساةً ذهب ضحيتًها فتاةٌ بقيت دون زواج، وشابٌ تحطمت نفسيته في أولى خطوات حياته الاجتماعية، وربما طفلٌ أو طفلةٌ وُلدت بعيدة عن أبيها بسبب الفراق المبكر. فاتق الله واحرص على ما يرضيه فالعاقل من اتعظ بغيره.

ولتحرص إذا لقيت امرأتك أن تطبق قول النبي r: “إذا تزوَّجَ أحدُكم امرأةً أو اشترى خادِمًا، فلْيقُل: اللهُمَّ إنِّي أسأَلُك خَيرَها، وخيرَ ما جَبَلْتَها عليه، وأعوذُ بك من شَرِّها،وشَرِّ ما جَبَلْتَها عليه” حديث حسن، رواه أبو داود]. “. ثم صل معها ركعتين. بارك الله لكل من أراد العفاف في زواجه، ورزقه الذرية الطيبة، عباد الله أكثروا من الاستغفار فهو مفتاح من مفاتيح السعادة ورضا الغفور الرحيم.

الخطبة الأخرى / من أسباب السعادة الزوجية

الحمد لله ألَّف بين أولي القلوب المؤمنة، وأعانهم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد

فاتقوا الله عباد الله.. واعلموا أن السعادة بيد الله يهبها لمن يشاء، وإنما الإنسان يبذل لها الأسباب، وبيد الله مفاتيح التوفيق.

وهذه هي الخطوة الرابعة من خطوات السعادة الزوجية: تحصين البيت من الشيطان الرجيم، فإن الله تعالى كشف لنا علاقة هذا المخلوق بنا فقال في كتابه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [سورة فاطر 35/6]، ومهمته في هذه الحياة مقصورة على إضلالنا وإغرائنا بطريق الشقاء، فهو إذن من أبرز أسباب بُعد السعادة عن عش الزوجية الحاني. إنه حريص على زرع الفتنة والشقاق بين الزوجين المسلمين، ويتحول الود إلى كره وعداوة، والرحمة إلى مكر وعذاب؛ حتى

إن أكثر ما يفرحه حين تندلع شرارة الخلاف بينهما، فيأتي بخيله ورجله لينفخ فيها فتكونَ نارا ولا يرتاح إلا حين تنفصم العرى الوثيقة، ويتم الفراق لا قدر الله تعالى.

فكيف نُحصن بيوتنا وأسرنا وأولادنا وهم في عالم النطف من الشيطان الرجيم، من ذلك: قراءة الذكر عند دخول البيت كما قال الحبيب المصطفى r: إذا ولجَ الرَّجلُ بيتَه فليقل اللَّهمَّ إنِّي أسالكَ خيرَ المولجِ وخيرَ المخرجِ باسمِ اللَّهِ ولجنا وباسمِ اللَّهِ خرجنا وعلى ربِّنا توَكلنا ثمَّ ليسلِّم علَى أهلِه” [حديث حسن]. وثمرة ذلك مع ذكر الله تعالى على الطعام والشراب ما بينه الرسول r في قوله: ” إذا دخل الرجلُ بيتَه ، فذكر اللهَ عند دخولِه وعند طعامِه ، قال الشيطانُ : لا مَبيتَ لكم ولا عشاءَ . وإذا دخل فلم يذكر اللهَ عند دخولِه ، قال الشيطانُ : أدركتُم المَبيتَ . وإذا لم يذكر اللهَ عند طعامِه ، قال : أدركتُم المَبيتَ والعَشاءَ” [رواه مسلم]. فكيف يا أخي ببيت يعشش فيه الشياطين أن يسعد ويهنأ ولو فرش بالذهب والحرير !!

ومن التحصينات كثرة قراءة القرآن في البيت، فإن من الثابت أن الملائكة تحضر للاستماع للقراءة، ولاسيما سورة البقرة التي يقول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا تجعلوا بيوتكم قبورا فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله شيطان”.

ومما يحصن البيت من الشيطان تطهيره من صوت إبليس، يقول الله تعالى: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك} قال مجاهد وهو من أئمة التفسير المعتبرين: صوت الشيطان الغناء.

وإذا نادى الشيطان في بيت اجتمع عليه جنوده من كل مكان فعاثوا فيه الفساد، وأوقعوا فيه الشقاق والبغضاء والشحناء، بل واتخذوه مسكنا ومأوى، وانظر إلى المفتونين بالغناء هل جلب لهم سعادة أو أراح لهم بال، إنه كالخمرة التي تُذهب عقلَ صاحبها فترة مؤقتة فيتوهم أنه سعيد، وهو في الواقع غدا أضحوكة العقلاء، ولعبة السفهاء. فكيف بمن يجهز لليلة العمر ما يسخط الله تعالى، بدلا من ذكر الله تبارك وتعالى. فيا للفرق بين شؤم المعصية، وبركة الطاعة!!

وإذا جمَّلتَ بيت الزوجية أو حتى مكتبك أو سيارتك بما شئت من التحف والصور في غير إسراف، فاحذر أن يكون من بينها صورة لأحياء أو تماثيل، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إِنَّها اشترَتْ 

نُمْرُقَةً وِسادَةً فيها تصاويرُ فلمَّا رآها رسولُ اللهِ قامَ علَى البابِ فلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفَتْ في وجهِهِ الكراهيَةَ فقالَتْ يا رسولَ اللهِ : أتوبُ إلى اللهِ وإلى رسولِهِ ماذا أذْنَبْتُ ؟ فقال : ما بالُ هذِهِ النُّمرُقَةِ ؟ فقالتْ : اشتريتُها لَكَ تَقْعُدُ عليْها وتَتَوَسَّدُها فقال رسولُ اللهِ : إِنَّ أصحابَ هذِهِ الصوَرِ يعذَّبونَ ويقالُ لهم : أحيُوا مَاخلقْتُم ثُمَّ قال : إِنَّ البيتَ الذي فيه الصورُ لا تدخُلُهُ الملائكَةُ وزادَ مسلِمٌ في روايةٍ عن عائشَةَ قالَتْ : فأخذْتُهُ فجعلْتُهُ مِرْفَقَتَيْنِ فكان يَرْتَفِقُ بهما في البيْتِ ، تَعْنِي أنَّها شَقَّتِ النُّمْرُقَةِ فجعلَتْها مِرْفَقَتَيْن”. [حديث صحيح]. ويستثنى من الصور ما لا روح له كالأشجار والجمادات.

ومن التحصينات المهمة للبيت عن الشيطان الرجيم: المعاملة الطيبة الحسنة بين الزوجين، فإنها تقويض لكل ما يبنيه الشيطان بينهما من عداوة وبغضاء، فقد جاء في مسلم حديث لرسولنا r: “إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ”، قَالَ الْأَعْمَشُ أُرَاهُ قَالَ: “فَيَلْتَزِمُهُ”. فما أقبح وما أمرَّ ضمة

الشيطان لأوليائه، التي لا تنبت إلا على أشلاء فراق الزوج لزوجته !! ولا شك أن التفريق بين الزوجين هدم للمجتمع من أساسه، وهو من أهم أهداف الشيطان الرجيم.

والكلمة الطيبة صدقة فكيف بين الزوجين، بل عليهما أن ينتقيا أجمل الكلام وأعذبه وأرقه ليبعدا عنهما تسلط الشيطان، يقول الله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم}. والكلمة الجميلة: تشرح الصدر، وتديم الألفة، وتزيد السعادة بين الزوجين، وتحقق السكن المرجو من الزواج، وتقوي أواصر المودة، ووشائج الرحمة والمحبة والعشرة بينهما.

ولأن الشيطان حريص على السيطرة على الإنسان منذ بداية حياته، فإن الرسول r أمرنا بأن نحصن الولد عند مظنة تخلقه، فقال: “لو أن أحدكم إذا أتى أهله [أي أراد ذلك] قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد، لم يضره الشيطان أبدا”.

وإذا رزق الزوجان بالأولاد فعليهما أن يعوذانهم في الصباح والمساء بمثل قوله r: “أعيذكم بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة”.

والخطوة الخامسة من خطوات السعادة الزوجية: تربية البيت على الطاعة، فإن الرجل والمرأة إذا تربيا على الإيمان والصلاح فإنهما يكونان أبعد الناس عن الرعونة في الخلق، والبذاءة في اللسان، والظلم في طلب الحق، وهي أسس التفاهم بين الإنسان وأخيه الإنسان، ومن صور التربية على الإيمان هذه الصورة الرائعة التي نقلها لنا حبيبنا r في قوله: “رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها [أي رش عليها الماء رشا رقيقا غير مؤذ ولا مروع]، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء”.

أيها الأحبة في الله .. إن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة دنيوية ولا شهوانية بهيمية، إنها علاقة روحية كريمة، وحينما تصح هذه العلاقة وتصدق هذه الصلة فإنها تمت إلى الحياة الآخرة بعد الممات {جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم}.

وأما الخطوة الأخيرة في هذا المقام: احترام كل من الزوجين للآخر، والتعاون على السراء والضراء، والطاعة المبصرة من الزوجة لزوجها، فـ”أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة)). هذا في مقابل قول الرسول r: “استوصوا بالنساء خيرا”.

هذه بعض ما تيسر من خطوات في سبيل الوصول إلى المأمول من السعادة الزوجية، التي لا يمكن أن تتحقق في الملبس أو المطعم أو المسكن أو في التنزه، فكل هذه أسباب جانبية لا يمكن أن تنفع إذا لم تكن من خلال تلك الخطوات الإيمانية.

أسعد الله كل مؤمن ومؤمنة يريدان العفاف بزواجهما دنيا وآخرة، ورزقهما الذرية الطيبة المباركة.

اللهم ياعزيز ياحكيم أعز الإسلام والمسلمين وانصر إخواننا المجاهدين وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولامضلين، سلما لأوليائك حربا على أعدائك اللهم أعنا على 

ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أغثنا غيثا هنيئا مريئا، واجعل فيه البركة على البلاد، والنفع للحاضر والباد. وأغننا برحمتك ياحي ياقيوم، واغفرلنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك ياأرحم الراحمين.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



اترك تعليقاً