الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله وطاعته، امتثالا لأمر الله جل وعلا في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أيها الأحبة في الله: الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة، وشرط من شروط الإيمان، ومعنى الولاء: هو حب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم. ومعنى البراء: هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق.
فكل مؤمن موحد ملتزم بالأوامر والنواهي الشرعية، تجب محبته وموالاته ونصرته. وكل من كان خلاف ذلك وجب التقرب إلى الله تعالى ببغضه ومعاداته وجهاده بالقلب واللسان بحسب القدرة والإمكان، قال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}[التوبة:71].
والولاء والبراء أوثق عرى الإيمان، وهو من أعمال القلوب، ولكن تظهر مقتضياته على اللسان والجوارح، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان (أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
ومنزلة عقيدة الولاء والبراء من الشرع عظيمة، فهي جزء من معنى الشهادة، وهي قول: “لا إله” من “لا إله إلا الله”، فإن معناها البراء من كل ما يُعبَد من دون الله. وهي شرط في الإيمان، كما قال تعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَ-كِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:80-81]. كما أن هذه العقيدة أوثق عرى الإيمان، لما روى أحمد في مسنده عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله : (أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله) والحديث عند ابن أبي شيبة وصححه الألباني.
يقول أحد العلماء: (فهل يتم الدين أو يُقام عَلَم الجهاد أو عَلَم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله، والمعاداة في الله، والموالاة في الله، ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة، ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء، لم يكن فرقانًا بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان).
وهي سبب لتذوق حلاوة الإيمان ولذة اليقين، لما جاء عنه أنه قال: (ثلاث من وجدهن وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار) والحديث متفق عليه.
وهي الصلة التي يقوم على أساسها المجتمع المسلم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10].
وبتحقيق هذه العقيدة تُنَال ولاية الله؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: “من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك”.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يُحَب إلا لله، ولا يُبغَض إلا لله، ولا يُوَاد إلا لله، ولا يُعَادى إلا لله، وأن يُحَب ما أحبه الله، ويُبغَض ما أبغضه الله”.
ومن صور موالاة الكفار أمور شتى منها: التشبه بهم في اللبس والكلام، والإقامة في بلادهم من غير ضرورة ولا حاجة ولا منفعة تُرجى لأمة الإسلام، والاقتصار على التأريخ بتاريخهم، والتسمي بأسمائهم، ومشاركتهم في أعيادهم، أو مساعدتهم في إقامتها، أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها، ومدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة، والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد، والاستغفار لهم والترحم عليهم.
وعلى المسلم أن يحذر من أصحاب البدع والأهواء الذين امتلأت بهم الأرض، وليتجنب الكفار وما يبثون من شُبَه وشهوات، وليعتصم بحبل الله المتين وسنة نبيه الكريم. وعلى المسلم أن يفطن إلى الفرق بين حسن التعامل والإحسان إلى أهل الذمة وبين بُغْضهم وعدم محبتهم. ويتعين علينا أن نبرّهم بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على مودات القلوب، ولا تعظيم شعائر الكفر.
ومن برهم لتُقبَل دعوتنا: الرفق بضعيفهم، وإطعام جائعهم، وكسوة عاريهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف معهم والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة، والدعاء لهم بالهداية. وينبغي أن نستحضر في قلوبنا ما جُبِلُوا عليه من بغضنا، وتكذيب نبينا محمد .
ومن ثمرات معرفة الولاء والبراء: تحديد الموقف من المنافقين، فقد تميز عصرنا الحاضر بارتفاع أصوات المنافقين والمنافقات في أنحاء العالم الإسلامي، فأُفردت لهم الصفحات، ودُعوا إلى التحدث في المنتديات، واحتفلت بهم التجمعات، وسيطروا على كثير من وسائل الإعلام ولاسيما الفضائيات ومواقع الإنترنت كما يلاحظه القاصي والداني لفشو الأمر وظهوره.
وحال المنافقين ليس بجديد على أمة الإسلام.. فهم أعداء ألداء لهذا الدين منذ بعثة محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. يكيدون ويدبرون ويخططون وينفذون، وقد وصفهم الله عز وجل في سبعة وثلاثين موضعًا من القرآن، وسُميت سورة كاملة باسم (المنافقون)، وأفاضت السنة النبوية المطهرة في ذلك الأمر العظيم وتوضيحه وجلائه.
ولأن الصراع بين الحق والباطل قائم إلى قيام الساعة، لا نزال نرى الصفات نفسها تتوارثها الأجيال المنافقة زمنًا بعد زمن حتى وقتنا الحاضر، يقول الله عن صفة من صفاتهم: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4]، فما أكثر المستمعين لحديثهم المنصتين لهرائهم، المتابعين لإنتاجهم.. وهم يلبِّسون على الناس، ويدَّعون الإصلاح والفلاح، كما كان فرعون يقول عن موسى نبي الله عليه الصلاة والسلام: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26].
والعجب أن يتولى عدد ضئيل من المنافقين والمنافقات إفساد الأمة، ومسخها عن دينها، ودعوتها إلى التحرر والإباحية والعفن والرذيلة، في غفلة من أصحاب الأقلام الخيّرة، والبيان الصادق.
ومن تأمل في التاريخ القريب مثلاً، لوجد أن حثالة لا يزيدون عن المائة قوّضوا أركان الفضيلة، ونزعوا الحجاب عن وجوه المسلمات في بعض البلاد المسلمة، وأوردوا قومهم موارد الهلاك بإسقاط الحجاب والحياء والحشمة، حتى ظهرت المرأة متبرجة في الشارع والمكتب والمسرح، بل وشبه عارية على شاطئ البحر، ولقد كان لا يرى لأمها وجدتها أظفر أو خصلة شعر، حتى جاء هؤلاء فأسقطوا الحجاب شيئًا فشيئًا!!
وهكذا هم المنافقون في كل أمة وفي كل قُطْر يتحينون الفرص ويقطعون الطريق {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة: 67]، ها هم يسيرون متكاتفين متماسكين يتواصون بالباطل ولهم جلد وصبر عجيب، {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ} [ص: 6] !!
وتأمل في حال المنافقين والمنافقات فهم أولياء بعض، وقد ملئوا الساحة ضجيجًا وعفنًا في الصحف، وعلى شاشات التلفاز، وفي بثّ الإذاعات، إنه غزو عجيب لا تسلم منه خيمة ولا قصر، ولا امرأة ولا رجل، ولا طفل ولا شيخ، وتتقزز نفسك وأنت ترى تلك الكتابات والصور التي يطل عليك منها شؤم المعصية وهي كغثاء السيل!!
والعجيب هو إقبال الناس على أقوالهم، وبرامجهم، وكتبهم، ورواياتهم، ودواوينهم الشعرية، قال أبو الوفاء بن عقيل: “إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف ب-(لبيك)، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة، عاش ابن الراوندي والمعري ينظمون وينثرون كفرًا، وعاشوا سنين، وعُظِّمت قبورهم، واشتُريت تصانيفهم، وهذا يدل على برودة الدين في القلب“.
اللهم وفقنا للعمل بكتابك وسنة نبيك والسير على هداهما، وحب الله ورسوله والمؤمنين وموالاتهم وبغض الكفار والمشركين ومعاداتهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله أجمعين.
الخطبة الأخرى:
الحمد لله الذي نصر عباده المؤمنين، وأذل من تنكب عن الصراط المستقيم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فحتى يكتمل الحديث وتتضح الصورة أُورِدُ بعضًا من صفات المنافقين حتى يكون المسلم على بينة من أمره، ولا يسلك مسلكًا خطيرًا، وطريقًا وعرًا، وهو تصنيف الناس بالظن والحدس والتوقع.. بل أمامه ركائز يعتمد عليها ومنائر يسير على هداها، وليعرف المنافق برأسه وعينه متثبتًا متيقنًا.. هم العدو فاحذرهم. ومن صفاتهم: الكسل في العبادة، وقلة ذكرهم لله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء: 142]، ومن خصالهم: لمز المتدينين الطائعين لله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ}[التوبة:79]، والاستهزاء بالقرآن والسنة، يقول الله تعالى:{ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65- 66].
ومن خصائصهم: الوقوع في أعراض الصالحين غيبة وحقدًا، يقول الله تعالى عنهم: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} [الأحزاب: 19]، ومن خصالهم: التخلف عن صلاة الجماعة، قال ابن مسعود رضي الله عنه:) وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق (رواه مسلم.
ومن صفاتهم: مخالفة الظاهر للباطن، وهذه المسألة تدور عليها جميع المسائل، يقول الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] فما أكثر ترديدهم عن صلاح هذا الدين وشريعته والحرص على هذا المجتمع وما إن ترى أفعالهم حتى تتمثل لك الآية تفضح خبيئة نفوسهم وبواطن قلوبهم.
ومن أعمالهم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، يقول الله تعالى: {يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} [المنافقون: 67]، ومن تأمل آراءهم في الحجاب والتحرر وعمل المرأة وغيرها وجد ذلك عيانًا!! وعدم الفقه في الدين، فتجد كثيرًا منهم يملك معلومات عجيبة وتفصيلات دقيقة وجزئيات صغيرة في أمور الدنيا؟ دقيقها وجليلها، كبيرها وصغيرها، ولكن إذا سُئل عن المسح على الخفين سكت!! يقول الله عنهم: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 7].
وهذه تسع من ثلاثين أو تزيد من صفاتهم، وبواحدة من هذه تعرف من يبارز الحرب والعداء لله ولرسوله.. ولعظم الأمر وخطورته ولأنهم بؤرة فساد وموطن سوء جعلهم الله في الدرك الأسفل من النار، وهم أشد عذابًا من الكفار والمشركين {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء: 145]!! وقد قال بعض السلف: “لو كان للمنافقين أذناب لما استطعنا السير في الشوارع والطرقات من كثرتها”!! وفي أمة الإسلام اليوم أكثر من ذلك، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وإذا كان للمنافقين علامات، فإن الكذب من أسوأ علاماتهم، بل يكاد يتمثل فيهم حديث الرسول r الذي قال فيه: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي قَالَا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالْكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري. وسبحان الله أي آفاق أوسع من الفضاء، والشبكات العالمية؟!
أيها الإخوة: ونحن في شهر أبريل/ نيسان، ينبغي أن نتنبه إلى أنه لم يأتِ في الشريعة يومٌ أو لحظة يجوز أن يكذب فيها المرء، ويخبر بها ما يشاء من الأقوال، ومما انتشر بين عامة الناس ما يسمى “كذبة نيسان” أو “كذبة أبريل”، وهي: زعمهم أن اليوم الأول من الشهر الرابع الشمسي -نيسان- يجوز فيه الكذب من غير ضابط شرعي، وربما عدها بعضهم مزحة، وهذا خطأ، فإن الكذب حرام سواء أكان مازحًا صاحبه أم جادًّا. فعن ابن عمر tا في الحديث الصحيح قال: قال : “إني لأمزح ولا أقول إلا حقًّا” والحديث أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
وقد قيل في أصلها كثير من الأقوال، ومنها، عندما كان المسلمون يحكمون إسبانيا قبل حوالي ألف سنة كانوا في ذلك الوقت قوة لا يمكن تحطيمها، وكان النصارى الغربيون يتمنون أن يمسحوا الإسلام من العالم، وقد حاولوا الحد من امتداد الإسلام في إسبانيا، والقضاء عليه، ولم يفلحوا، حاولوا مرات عديدة ولم ينجحوا أبدًا. فأرسلوا جواسيسهم إلى إسبانيا ليدرسوا ويكتشفوا سر قوة المسلمين التي لا تهزم فوجدوا أن الالتزام بالتقوى هو السبب. فبدأوا في التفكير في استراتيجية تكسر هذه القوة، وبدأوا بإرسال الخمور والملهيات إلى إسبانيا مجانًا، وروّجوا لها على مدى سنين طويلة، حتى أعطت نتائجها، وبدأ الإيمان يضعف عند المسلمين خاصة في جيل الشباب بإسبانيا. وكانت نتيجة ذلك أن النصارى الغربيين الكاثوليك أخضعوا كل إسبانيا تحت سيطرتهم، منهين بذلك حكم المسلمين لذلك البلد الذي دام أكثر من ثمانمائة سنة. وسقط آخر حصن للمسلمين وهو غرناطة في أول أبريل. ولذلك اعتبروها بمعنى خدعة إبريل ( APRIL FOOL)، ومن تلك السنة إلى الآن يحتفلون بذلك اليوم ويعتبرون المسلمين حمقى.
فهم لا يجعلون الحماقة وسهولة المخادعة في جيش غرناطة فقط، بل في جميع الأمة الإسلامية. وعندما نحضر هذه الاحتفالات فإنه نوع من المحاكاة العمياء في اللعب بهذه الفكرة الخبيثة، وإلا فكيف يمكن أن نحتفل بهزيمتنا؟!
اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، اللهم أرنا في المنافقين عجائب قدرتك، اللهم فافضحهم شر فضيحة، اللهم لا تجعل لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم آية.
اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين وانصر إخواننا المجاهدين وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك.
اللهم فك أسر المأسورين، واقض الدين عن المدينين، واهد ضال المسلمين، وهيئ لأمة الإسلام أمرًا رشدًا يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر. اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطاهرين، وصحبه أجمعين، وعنا معهم برحمتك وفضلك ومنك يا أكرم الأكرمين.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.